آه يا وحدنا
نوفمبر 7, 2023 7:34 ص*وفيق هوّاري
كنّا صغاراً عندما أخبرونا في المدرسة أنّ واشنطن قصفت قنبلة ذرية على هيروشيما في آب/ أغسطس 1945، تقدر قوتها بنحو 15 ألف طن من المتفجرات ما دفع إمبراطور اليابان إلى الاستسلام، لكنّهم لم يخبرونا كم وقع من ضحايا ودمار. تبلغ مساحة هيروشيما نحو 900 كلم٢، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وخلال فترة أسبوعين، قصف الكيان الصهيوني قطاع غزة بنحو 25 ألف طن من المتفجرات أي ضعفي قنبلة نووية، وتبلغ مساحة القطاع نحو 360 كلم٢، يعني أنّ قوات الاحتلال قصفت 33 طناً من المتفجرات على كل كلم٢ من أرض القطاع، لكنّ الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته لم يستسلم.
وفي اليوم الثاني والثلاثين للحرب على غزة، بلغت خسائر الشعب الفلسطيني كالآتي: 1022 شهيداً بينهم 3900 طفلاً و2509 امرأة، في ما وصل عدد المصابين إلى 24158، و2350 مفقودا، بينهم 1300 طفل، منذ بدء العدوان.
في المقابل، أشارت التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أنّ أكثر من 1500 إسرائيلي قُتلوا منذ بدء المعارك، بينهم نحو 340 جنديا.
وحتى يوم الأحد الفائت، وبلغ عدد المنازل المدمرة كلياً 40 ألف منزل، والمنازل المتضررة بشكل جزئي 220500 منزل، كما بلغ عدد النازحين أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني، بينهم 672000 نزحوا إلى مؤسسات الأونروا. بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة أوتشا الدولية.
يبدو أنّ هذه الخسائر لا تشبع غريزة المستعمرين، وهذا ما دفع وزير التراث في حكومة الكيان الصهيوني عميحاي إلياهو للمطالبة بقصف قطاع غزة بقنبلة نووية.
من يتابع الوضع الداخلي للكيان يكتشف أنّ الانقسامات المجتمعية الداخلية تقتصر على آلية التعاطي مع الشعب الفلسطيني، لكنّهم يجمعون على ضرورة التخلص منه وتحويل قطاع غزة إلى أرض لا يمكن العيش فيها لاحقا، لكنّ قدرة الكيان في هذا المجال محدودة، وهو غير قادر على الاستمرار بما يقوم به، ومن المتابعة للتحركات داخل الكيان يظهر أنّ المهمة الأساسية التي يطرحها المجتمع الإسرائيلي هي كيف نستعيد الأسرى داخل القطاع.
الغرب الاستعماري يروّج لهدنة إنسانية للإفساح في المجال للتفاوض من أجل الأسرى، من دون التوصل إلى وقف إطلاق النار، لأنّ وقفه يعني فتح الباب أمام مفاوضات سياسية لمستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا ما يرفضه الغرب الاستعماري وتمارسه قاعدتهم المتقدمة: الكيان الصهيوني.
من يتابع الغرب الاستعماري يجد أنّ أقصى ما يطرحه هو مساعدات إنسانية وربطها بالإفراج عن الأسرى ورفض إدخال أي مساعدة بدون التفاوض في هذا المجال. إنّهم يدعون إلى هدنة بحجة الحفاظ على المدنيين ويصرون على تنفيذ حرب الإبادة البشرية في قطاع غزة وتحويل مدن الضفة الغربية إلى كانتونات مقفلة.
إنّهم يعرضون فتات المساعدات على اللاجئين وهذا ما كشفه التقرير الذي قدّمه بايدن إلى الكونغرس مقابل دعم كامل لـ”إسرائيل” وسياستها الإجرامية، والتي لا تستطيع تنفيذها بدون الدفع الغربي لذلك. بعد كل ما حصل، لا أحد من الغرب الاستعماري يتحدث عن دولة فلسطينية مستقلة، وخصوصاً بعد شطب حل الدولتين عن جدول أعمال الكيان الصهيوني.
قبل أيام، مرت ذكرى “وعد بلفور” وهو وعد أقرّه الغرب الاستعماري لحل مشكلته مع اليهود باستخدامهم قاعدة يعتمدونها لتأمين مصالح الغرب على حساب شعب أُجبر على ترك أرضه.
بعد عملية طوفان الأقصى، وضمن رؤية الصهاينة لإبادة الفلسطينيين وإجبارهم على ترك ما تبقى من بلادهم، أعلن الكيان خطته بتدمير حركة حماس، لكنّه اكتشف بعد ذلك استحالة تنفيذ هذه الخطة حاليا، فأعلن هدفه بإضعاف قدراتها العسكرية من خلال سياسة استنزاف طويلة بدعم غربي متواصل، لأنّها سياسة تشكّل خطورة أقل على الكيان، وتحد من الأضرار التي قد تلحق به، وتفتح الباب أمام تبادل الأسرى بأقل ثمن قد يدفعه الكيان، كما أنّ إضعاف حركة حماس سيقلل من احتمالات فتح جبهات أخرى حسب رأي أهل الكيان الصهيوني.
وماذا عن الجانب الفلسطيني؟
اعترف الجميع أنّ من فتح عملية طوفان الأقصى هو أحد أصحاب القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وأنّ الباقي يشكّل جهات مساندة تساهم في تخفيف الضغط على أصحاب القضية الوطنية الفلسطينية، وليس على الطرف الفلسطيني سوى التأكيد على رؤيته الوطنية الواحدة ووضع الخطط المناسبة للوصول إلى إنهاء الحرب التدميرية الشاملة، ودفع المجتمع الدولي الذي برز من خلال التحركات التي شهدها العالم دعماً لقطاع غزة والقضية الفلسطينية وصولاً إلى دولة فلسطينية مستقلة.
*كاتب لبناني
وسوم :
جرائم الاحتلال, صمود, طوفان الأقصى, وفيق هوّاري