لا عودة إلى ما قبل السابع من أوكتوبر: دروس من ملحمة غزة وآفاق المستقبل
ديسمبر 15, 2023 8:05 ص*قاسم قصير
يرفع الصهاينة والأمريكيون وبعض الجهات الأوروبية شعاراً مهماً هو: “لا عودة إلى ما قبل السابع من أوكتوبر”، وطبعاً هم يقصدون أنّهم لا يريدون العودة إلى مرحلة سيطرة حركة حماس وقوى المقاومة على قطاع غزة، وعدم بقاء القطاع مصدراً للخطر على الكيان الصهيوني والمستوطنين في المناطق القريبة من قطاع غزة .
وبالمقابل، وفي ظل الملحمة البطولية الرائعة التي يخوضها المقاومون والشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وبمساندة من قوى المقاومة في لبنان واليمن والعراق، فإنّ من مسؤولية قوى المقاومة أن ترفع الشعار نفسه: “لا عودة إلى ما قبل السابع من أوكتوبر”، لكنّ هذا يعني أنّه لا عودة إلى حصار قطاع غزة ولا عودة إلى استهداف المسجد الأقصى والمقدسات الدينية في القدس المحتلة، ولا عودة إلى الاعتقالات في السجون الإسرائيلية ولا عودة إلى سياسة التطبيع وإهمال القضية الفلسطينية.
فاليوم، وبعد الانتصارات الكبيرة التي يحقّقها المقاومون في قطاع غزة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، يحقّ لقوى المقاومة أن تفرض شروطها على العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية وليس العكس، ولا يمكن بعد اليوم التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني ومطالبه الشرعية والمشروعة.
وللتأكيد على أهمية الانتصارات التي تتحقّق على أيدي المقاومين وخصوصاً في قطاع غزة، رغم العدد الكبير من الشهداء والجرحى وسياسة التدمير والتهجير والقتل للمدنيين الفلسطينيين من قِبل العدو الصهيوني، لذا وُجب استعراض أهم الدروس والخلاصات من معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة من السابع من تشرين الأول/ أوكتوبر إلى اليوم.
الدروس والخلاصات:
أولا: النجاحات الأمنية والاستخبارتية التي حقّقتها قوى المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني، سواء في عنصر المفاجأة أو حجم الضربات التي وجّهتها للجيش الإسرائيلي، وذلك عند بدء الهجوم في السابع من أوكتوبر أو خلال المعارك الدائرة في القطاع، فالعدو لا يعلم حجم قوة المقاومة وكل يوم هناك مفاجآت جديدة وضربات قاسية لجيش الاحتلال.
ثانيا: فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي هدف من الأهداف التي وضعها للحرب على قطاع غزة ومنها القضاء على حركة حماس وقوى المقاومة واستعادة الأسرى وتهجير أبناء القطاع إلى خارجه والسيطرة الكاملة على غزة تمهيداً لإقامة سلطة جديدة عليه، وكل هذه الأهداف لم تتحقّق حتى كتابة هذا المقال، ويومياً يقدّم المقاومون نماذج جديدة من البطولات.
ثالثا: كان هناك رهان على إنهاء القضية الفلسطينية وتنفيذ المخططات الصهيونية بتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن ولبنان، واستكمال مسلسل التطبيع بين العدو الصهيوني والدول العربية، ولكن اليوم اختلفت الأوضاع، فالقضية الفلسطينية عادت لتكون القضية الأولى في العالم وفشل مخطط التهجير وتراجع مشروع التطبيع، وعاد العالم ليطرح مشروع الدولتين وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، في ما انتشرت بوضوح حقيقة الكيان الصهيوني الإجرامية في كل العالم.
رابعا: إنّ صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة رغم كل التضحيات والدمار والشهداء وتدمير المدارس والمستشقيات وكل مقومات الحياة.. أكد أنّ هذا الشعب هو شعب الجبّارين، وأنّ هذا الشعب يولد اليوم من جديد، وأنّ خيار المقاومة هو الخيار الأول لمواجهة العدو الصهيوني وقد سقطت كل أشكال التسويات والمفاوضات.
خامسا: إنّ ما حقّقته المقاومة من إنجازات كان بفضل امتلاك عنصر القوة والتدريب وتطوير القدرات على مدار سنوات طويلة وتطوير الأسلحة والإمكانيات وهذا يؤكد التطور الكبير في قدرات المقاومة، سواء في قطاع غزة أو في الضفة، وهذا يفرض الاستمرار بهذا الخيار في المستقبل، لأنّ العالم لا يعترف إلا بالأقوياء وأنّ هذا العدو الصهيوني لا يلتزم لا بمعاهدات دولية ولا بمواثيق حقوق الإنسان، وأنّ المؤسسات الدولية فشلت في تحقيق الأمن والسلام.
سادسا: نحن، اليوم، أمام مرحلة جديدة علينا الاستفادة من دروسها ونتائجها، وبانتظار انتهاء هذه المعركة البطولية ومعرفة كيف سترسو عليه الأوضاع أخيرا، فإنّ مسؤولية قوى المقاومة وكل الداعمين لها التخطيط للمرحلة المقبلة ووضع أسس المشروع السياسي المستقبلي إلى جانب مشروع المقاومة.
أجل، نحن، اليوم، أمام مرحلة جديدة ستظهر تفاصيلها في الأيام المقبلة وعلينا الاستعداد لكل الاحتمالات، وإن كانت هزيمة العدو الصهيوني أصبحت حقيقة واضحة ويجب العمل على هذا الأساس.
*كاتب لبناني
وسوم :
الاحتلال الإسرائيلي, الحرب على غزة, السجون الإسرائيلية, العدو الصهيوني, المقاومة الفلسطينية, المواثيق الدولية, تحرير الأسرى, تطبيع, شعب الجبّارين, صمود, طوفان الأقصى, فلسطين المحتلة, قاسم قصير, مفاوضات, هجوم 7 أكتوبر