عن “أبطال العام” الذين عبرنا من خلالهم إلى غزة
ديسمبر 29, 2023 7:57 ص*منى العمري – خاص:
في عصرٍ يلهث فيه الجميع وراء الشهرة، جاءت النجومية الكاملة من خلال شخصيات جسّدوا كل معاني القوة والشجاعة، عازفين على أوتار الأمل والألم، بين نيران الاحتلال وأطفال الصمود، ناقلين لنا بالصوت والصورة، بالقول والفعل، بالثبات والعزيمة، حبّ الأرض والوطن. فلم يستطع أحد أن ينافسهم بشعبيتهم التي نالوها، وهم أهل لها، لا تليق إلّا بهم، بصدقهم وإيمانهم، بحرقتهم وخيبتهم، ما زالت أصواتهم تعلو لتصل عنان السماء.
غيّروا مسار الأحداث، وأعادوا للقضية الفلسطينية رونقها، جسّدوا الواقع بدموعهم وكبريائهم، رغم أنف الحاقدين والمتخاذلين الذين رقصوا على دمائهم وأوجاعهم، لكنّ هؤلاء الأحرار ردّوا لنا الإعتبار بـ”العرب” الذين “لا سمح الله” أن يقدّموا لهم ما لا يستطيعون إليه سبيلا.
معتز عزايزة: السوبر هيرو
هو أحد المؤثرين والصحافيين الذين يوثّقون على مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً ومقاطع مصورة للفلسطينيين تُظهر تجاربهم المروعة للحياة في ظل استمرار القصف الجوي والهجوم البرّي الصهيوني على قطاع غزة المحاصر.
معتز يبلغ من العمر 24 عاما، حاصل على درجة البكالوريوس في الترجمة الإنكليزية من إحدى جامعات غزة.
بدأ عزايزة في الحديث أول مرة عن التجربة التي عاشها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر السابق، مستيقظاً على صوت الإنفجارات فوق سطح منزله، ليشاهد وابلاً من صواريخ الاحتلال تقصف المنطقة التي يقطن بها.
“سوبر هيرو”، هو لقب أطلقه عليه رواد السوشيال ميديا، لشجاعته بالرغم من بساطة أدواته التي تتكوّن من “الفيست” والخوذة الخاصة بالمراسلين الصحافيين، والتى دائماً ما يتجوّل بهما خلال تغطيته لأحداث الحرب فى غزة لينقل للعالم المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحقّ الفلسطينيين وينشرها عبر حسابه على “إنستغرام”.
ومع ذلك، كان لتغطيته وشهرته تكلفة، فهو يجد الآن صعوبة في التركيز، ويشعر بالإرهاق بسبب ما شاهده من دمار وقتل، ويخشى على سلامته، إذ كرّس جُلّ اهتمامه في إيصال ما يعانيه أهالي قطاع غزة إلى العالم كله. (1)
صالح الجعفراوي: الشوكة بعين العدو
لم يكن الشاب الفلسطيني صالح الجعفراوي معروفاً لدى كثيرين قبل العدوان الإسرائيلي على غزة، لكنّه صار أشهر من نار على علم، وأصبح مصدراً ميدانياً مهماً لملايين المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، عبر نقله لما يحصل في غزة من مجازر بالصوت والصورة.
وصار صالح الجعفراوي بقدر ما جمع من ملايين المتابعين في أنحاء العالم مستفزاً للصهاينة بسبب نشاطه الإعلامي، لدرجة أنّ الإعلام العبري انشغل طوال الأسبوعين الماضيين بالردّ عليه، إذ لم يكتفوا بشنّ حملات إعلامية عليه، بل أدرجوا اسمه على “القائمة الحمراء للإغتيالات”.
فصالح الجعفراوي الذي استنفر الماكينة الإعلامية العبرية، هو صحافي من غزة اشتهر بجملته “لا أخشى الموت وسأظل شوكة في ظهرهم”، هذه الجملة قد لا تتخطى كونها عبارة عفوية صدرت من شاب غاضب مما يعيشه وأهل غزة في يوميات المجازر الصهيونية، لكنّها أصابت عمق الاحتلال وأكاذيبه.
كما أنّ فيديوهات الجعفراوي انتشرت على شبكة الإنترنت كالنار في الهشيم، ويبدو أنّها استطاعت أن تغيّر في مزاج جزء من الشارع الأوروبي والأمريكي، وحتى أيضاً لدى شريحة واسعة من الشباب العربي. (2)
د. غسان أبو ستة: الشاهد على مجزرة مستشفى المعمداني
عاد الجراح غسان أبو ستة من بريطانيا إلى فلسطين، ليكون شاهداً على مجزرة مستشفى المعمداني في قطاع غزة، التي راح ضحيتها نحو 500 شهيد.
هو بروفسور فلسطيني يحمل الجنسية البريطانية، متخصص في علم الجراحة، حصل على تعليمه الطبي من جامعة “غلاسكو” في المملكة المتحدة، وتخصص لاحقاً في جراحة القحف والجمجمة للأطفال وجراحة الحنك.
وفي عام 2012، أصبح مسؤولاً طبياً عن برنامج “إصابات الحرب لدى الأطفال” في المركز الطبي بالجامعة الأمريكية في بيروت، كما شارك أبو ستة عام 2015 في تأسيس برنامج “طب النزاعات” في معهد الصحة العالمي في الجامعة الأمريكية ببيروت.
وأصبح أبو ستة شاهداً على قصف مستشفى المعمداني (الأهلي العربي)، وعلى انهيار القطاع الطبي في قطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي. (3)
وائل الدحدوح: صوت المظلومين
أفادت صحيفة “لوموند” الفرنسية بأنّ “مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح بات صوت المظلومين المقهورين في القطاع، مع إصراره على أداء واجبه الإعلامي، رغم استشهاد زوجته وأفراد من أسرته والظروف القاسية التي يشتغل فيها بسبب القصف الإسرائيلي المستمر”.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها، أنّ “الدحدوح يحتضن في جسده المثخن بالجراح المآسي التي يعيشها أهل غزة، فقد بُلّغ بمقتل زوجته وأفراد من عائلته وهو على الهواء مباشرة، فغادر، لكنّه عاد للقيام بواجبه الإعلامي على قناة الجزيرة مباشرة بعدها، دون كلل أو ملل”.
كما نجا الدحدوح من الموت بأعجوبة بعدما استهدفته وفريقه قوات الاحتلال الإسرائيلي الفترة السابقة، حيث أُصيب هو بجراح لم تمنعه من الهروب لعدة أمتار لينجو من موت محقّق، في حين استُشهد رفيق دربه المصوّر سامر أبو دقة الذي ظلّ ينزف لعدة ساعات دون أن يستطيع أحد إسعافه.
ونقلت “لوموند” عن صديق وائل الدحدوح مصور وكالة “الصحافة الفرنسية” محمود الهمص قوله: “إنّ الدحدوح صحافي يحظى بثقة سكان قطاع غزة”، وأضاف: “نحن الصحافيون نتشارك مصير السكان المدنيين نفسه، ونعيش قلقاً كبيراً على أُسرنا، لكنّنا نحرص رغم ذلك على نقل ما يجري”، وتابع: “إنّ العمل دون انقطاع هو أيضاً متنفس للدحدوح المكلوم الجريح”. (4)
عبد الرحمن بطاح: الأسد
“حصة الأسد” كانت للفتى عبد الرحمن بطاح أو “عبود” كما يُسمّي نفسه على منصات التواصل الإجتماعي حيث اشتُهر عبود بعبارات “من هنا ومن قطاع غزة ننشر لكم آخر التطورات في البلاد”، “أسعد الله صباحكم ومساءكم بكل خير”، و”الوضع آيس كوفي عالآخر”.
يُعرّف عبود عن نفسه عبر حسابه في منصة “إنستغرام”، بأنّه “أقوى مراسل في العالم لسنة 2023”.
عبود وبلهجته المحلية الجميلة وبإمكانياته البسيطة، وبطريقة فكاهية وبابتسامة جميلة، ينقل من “الاستوديو الخاص به” -كما يُسمّيه- القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ معركة طوفان الأقصى. وفي مقاطع أخرى كان يوثّق الدمار الذي خلّفه القصف على مناطق متفرقة من غزة.
أسلوب عبود المميز في نقل الأحداث والأوضاع المأساوية التي يعيشها أهالي غزة، جذب رواد منصات التواصل في العالم العربي، إذ بلغ عدد متابعيه عبر صفحته على منصة إنستغرام أكثر من مليون متابع. (5)
أبو عبيدة: لا سمح الله
جاء اسم أبو عبيدة المتحدث الرسم الإعلاميِ لكتائب الشهيد عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية)، بين قائمة الشخصيات الأكثر بحثاً عبر مؤشر البحث “غوغل” لعام 2023.
كما احتل الترتيب الرابع بين الأشخاص الأكثر بحثاً في مصر، واحتل الترتيب السادس بين الموضوعات الخاصة بحرب غزة، حيث جاء في قائمة الأكثر بحثاً العديد من الموضوعات الخاصة بفلسطين ومنها: علم فلسطين، عاصمة فلسطين القدس، خريطة فلسطين، طوفان الأقصى، كتائب القسام، دعاء لأهل غزة.
وبعبارته “لا سمح الله” التي انتشرت كالنار في الهشيم، بين النشطاء وأفراد المجتمعات بالدول العربية، اشتعلت منصات التواصل بجملته في خطابه التلفزيوني.
إذ قال أبو عبيدة في اليوم الـ22 للحرب على قطاع غزة موجِّهاً كلمة للزعماء العرب:
“لا نطالبكم بتحريك جيوشكم ودباباتكم لا سمح الله، ولكن ما لا نستطيع فهمه وتفسيره، هل وصل بكم الضعف والعجز إلى حد أنّكم لا تستطيعون تحريك المساعدات الإنسانية؟”. (6)
*المصادر المتعلقة:
وسوم :
أبو عبيدة, الاحتلال الإسرائيلي, الجامعة الأمريكية في بيروت, الحرب على غزة, د. غسان أبو ستة, سامر أبو دقة, صمود, طوفان الأقصى, عبد الرحمن بطاح, فلسطين المحتلة, معتز عزايزة, منصات التواصل الإجتماعي, منى العمري, وائل الدحدوح