محكمة العدل الدولية تعقد أولى جلساتها بشأن دعوى جنوب إفريقيا ضد “إسرائيل”
عقدت محكمة العدل الدوليّة، اليوم الخميس، أولى جلساتها بعد الاستماع لمرافعة جنوب إفريقيا ضد “إسرائيل” بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزة.
وطالبت جنوب إفريقيا “إسرائيل” بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة فوراً مقدمة مجموعة من المؤشرات بشأن هذه العمليات وكيف أنّها ترقى لإبادة جماعية.
وقال الفريق القانوني لجنوب إفريقيا إنّ “إسرئيل” تكثّف جرائمها ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، وإنّها تخضع الفلسطينيين لنظام فصل عنصري، مضيفاً أنّ المجتمع الدولي فشل في منع الإبادة الجماعية في غزة.
وأضاف المحامي لدى المحكمة العليا في جنوب إفريقيا تمبيكا نجكوكايتوبي “إسرائيل لديها نية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة”.
وتابع “هذا واضح من الطريقة التي يتمّ بها تنفيذ هذا الهجوم العسكري” وتابع قائلا: “نية تدمير غزة تمت رعايتها على أعلى مستوى في الدولة”.
وأشار إلى أفعال “إسرائيل” في حرب غزة والتي تشير إلى نية ارتكاب إبادة، وإنّ مئات من العائلات في غزة قُتلت بالكامل ولم يبقَ منها أي فرد على قيد الحياة.
وأوضح الفريق القانوني لجنوب إفريقيا أنّ “إسرائيل” تتعمد خلق ظروف تحرم الفلسطينيين من المأوى والمياه النظيفة، كما أنّها فرضت عن عمد ظروفاً في غزة لعدم السماح بالعيش والتدمير الجسدي للفلسطينيين.
وقال وزير العدل في جنوب إفريقيا “إنّ الفلسطينيين يتعرضون إلى قصف لا يتوقف أينما يذهبون، ويُقتلون في كل مكان يلجأون إليه”، مؤكدًا أنّ “إسرائيل” شنت هجوماً كبيراً على غزة وانتهكت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وفي كلمته، قال سفير جنوب إفريقيا في هولندا، فاوسي ماندونيسلا، إنّ بلاده تعترف بنكبة الفلسطينيين المستمرة، وتضع “أعمال الإبادة الجماعية وسوء التصرف في سياق أوسع من الفصل العنصري الإسرائيلي الذي دام 25 عاما، والاحتلال الذي دام 76 عاما، والحصار الذي دام 16 عاماً على قطاع غزة.
وكانت “إسرائيل” وافقت على المثول أمام المحكمة من أجل دحض ما وصفتها بالاتهامات “السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني” على حد زعمها.
بيد أنّ الصحافة الإسرائيلية أكدت وجود خشية جدية في المؤسستين الأمنية والنيابة العامة الإسرائيليتين من أن توجه محكمة العدل الدولية اتهامات إلى “إسرائيل” بالإبادة الجماعية.
وستتناول جلسات الاستماع مطلب جنوب إفريقيا بفرض إجراءات طارئة، وإلزام “إسرائيل” بتعليق عملياتها العسكرية في غزة، في حين ستنظر المحكمة في حيثيات القضية، وهي عملية قد تستغرق أعواما.
وتعرض جنوب إفريقيا، في ملف مكون من 84 صفحة تتهم فيه “إسرائيل” بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، تفاصيل ممارسات تشمل المجازر، والدمار، فضلا عن الحرمان من الاحتياجات الأساسية مثل الماء والغذاء والدواء والوقود والمأوى وغيرها منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وستستمع لجنة من 17 قاضياً -منهم قاضيان من “إسرائيل” وجنوب إفريقيا- إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف، ومن المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق هذا الشهر، وأحكام محكمة العدل الدولية ملزِمة، لكنّ المحكمة لا تملك تنفيذها.
وفي دلالة على ثقل مصطلح الإبادة أرسلت “إسرائيل” قاضياً سابقاً بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) التي وقعت قبل توقيع اتفاقية الإبادة الجماعية، وستعين جنوب إفريقيا قاضياً أمضى خلال فترة شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا.
تبادل الاتهامات
من جانبه، قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا أمس الأربعاء “معارضتنا للمذبحة الجارية بحقّ شعب غزة دفعتنا للجوء إلى محكمة العدل الدولية”.
وأضاف: “بصفتنا شعبا تجرع يوماً مرارة السلب والتمييز والعنصرية والعنف الذي ترعاه الدولة نحن واضحون في أنّنا سنقف في الجانب الصائب من التاريخ”.
في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي أمس الأربعاء ” ستمثل دولة إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية لدحض دعوى جنوب أفريقيا “العبثية”، على حد قوله.
وفي السياق ذاته دعا القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان محكمة العدل الدولية إلى عدم الرضوح للضغوط والإملاءات التي تسعى من خلالها الإدارة الأمريكية إلى تعطيل المحكمة ، معتبراً أنّ الإدارة الأمريكية تُعد شريكة وتتحمل المسؤولية عن استمرار حرب الإبادة الجماعية التي لا تزال ترتكب في حقّ الشعب الفلسطيني في غزة.
الموقف العربي
بدورها، أكدت جامعة الدول العربية دعمها وتأييدها بشكل كامل الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد “إسرائيل” بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، معربة عن تطلعها إلى حكم عادل يوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة ويضع حداً لنزيف الدم الفلسطيني.
كما أعلن المجلس الرئاسي الليبي، أمس الأربعاء، تأييده الدعوى ضد “إسرائيل”، وأكد في بيانٍ له دعمه “بكل السبل الخطوة المتخذة من جنوب إفريقيا إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية غير مسبوقة على يد الاحتلال الإسرائيلي”.
أما تونس فقالت إنّها لن تنضم إلى أي دعوى تقدم ضد “إسرائيل “لما في ذلك من اعتراف ضمني بهذا الكيان”، لكنّها أكدت أنها ستقوم بتقديم مرافعات شفهية.
وفلسطينيا، تجمّع العشرات أمس الأربعاء في رام الله بالضفة الغربية المحتلة لشكر دولة جنوب إفريقيا على رفعها الدعوى أمام محكمة العدل الدولية.
تشكيك بالمحكمة
وعلى جانب آخر، شكك رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده في احتمالية أن تقف المحكمة إلى جانب الشعب الفلسطيني، مؤكداً أنّ “8 قضاة من أصل 15 يتبعون دولاً إنحازت سابقاً للاحتلال”، مؤكداً أنّ القضاة يتأثرون بمواقف بلدانهم.
وأشار عبده إلى مواقف سلبية سابقة لبعض قضاة المحكمة حول صلاحياتها لتحديد ما إذا كان ما يحصل في غزة إبادة جماعية أم لا.
*المصدر: صفا + وكالات
وسوم :
إبادة جماعية, الاحتلال الإسرائيلي, الكيان الصهيوني, جنوب إفريقيا, صمود, عمليات عسكرية, فلسطين المحتلة, محكمة العدل الدولية