الحراك الطلابي والأكاديمي الغربي يدعم “الطوفان” ويقلب الصورة

التصنيفات : |
يناير 22, 2024 6:00 ص

*وسام عبد الله

نتائج عملية المقاومة الفلسطينية والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، لا تنحصر فقط ضمن حدود فلسطين والإقليم، وارتداداتها أبعد من السياسة والعسكر فقط، فبدأ تبدّل الرأي العام لدى بعض المجتمعات الغربية يجني ثماره، وخاصة لدى جامعات وأكاديميات أمريكية وأوروبية.

طلاب وأكاديمون من أجل العدالة

قد يكون الحراك الطلابي داخل جامعة عربية أمراً طبيعيا، لكنّ المشهد الأكثر أهمية تمثّل  بخروج طلاب في الجامعات الأمريكية، رافعين شعارات ضد “إسرائيل”، وهو ما يُعد خطوة أولى في تبديد الوهم الذي سعى الاحتلال والسياسة الأمريكية إلى ترويجه خلال عقود طويلة لدى الطلاب الأمريكيين.

ومن هذه الحركات، مجموعة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”  (SJP)، تأسست سنة 1993، ولها حوالي 200 فرع في مختلف الجامعات الأمريكية، وتعرّف نفسها على موقعها الإلكتروني بـ”مجموعة سياسية تركز على الجانب الثقافي والتعليمي وتسعى إلى تثقيف الطلاب والزوار وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء حول الوضع الحالي في فلسطين. الغرض من هذه المنظمة الطلابية هو رفع مستوى الوعي حول القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني. مجموعتنا تدافع عن الحقوق الفلسطينية وكذلك العدالة والمساواة لجميع المضطهدين في جميع أنحاء العالم “.

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تتابع المجموعة عملية طوفان الأقصى والتدمير الممنهج من قِبل العدو للقطاع وقتله وتشريده للسكان، حيث أقامت العديد من الوقفات الاحتجاجية والنشاطات التضامنية داخل الجامعات.

يتعرض طلاب الحركة وغيرهم من المتضامنين إلى إجراءات قاسية وتضييق على عملهم من قِبل الإدارات في الجامعات، مثل منع أنشطتهم أو منع بعضهم من إكمال فصله الدراسي وسحب منحهم الدراسية

وفي أحد وقفاتهم في جامعة كولومبيا، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وضع الطلاب سبعة أكفان بيضاء ملفوفة وملطخة باللون الأحمر وبحجم صغير، وإلى جانبها وضعوا علم فلسطين وصور ولافتات كُتب عليها عبارات مثل “دعوا غزة تعيش”. 

ويتعرض طلاب الحركة وغيرهم من المتضامنين إلى إجراءات قاسية وتضييق على عملهم من قِبل الإدارات في الجامعات، مثل منع أنشطتهم أو منع بعضهم من إكمال فصله الدراسي وسحب منحهم الدراسية، تحت ذريعة أنّهم يدعمون حركة حماس.

ومن الضغوط التي تمارس على الحركة، ما تقدّمت به “رابطة مكافحة التشهير”، وهي مؤسسة يهودية داعمة للاحتلال، بتوجيه رسالة إلى ما يقرب من 200 رئيس جامعة يدعونهم إلى التحقيق في انتهاك حركة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” للقوانين الفيدرالية وقوانين الولايات المعنية بتقديم الدعم المادي لـ”الإرهاب “.

على مستوى الأساتذة والمدرسين، كان لهم دور في نقل الصورة الحقيقية للطلاب وكشف زيف السردية الإسرائيلية والتعريف بحقوق الشعب الفلسطيني، ليقابلهم حملة مناهضة لهم ومطالبة بطردهم

وعلى مستوى الأساتذة والمدرسين، كان لهم دور في نقل الصورة الحقيقية للطلاب وكشف زيف السردية الإسرائيلية والتعريف بحقوق الشعب الفلسطيني، ليقابلهم حملة مناهضة لهم ومطالبة بطردهم.

الأكاديمي جوزيف مسعد، أستاذ السياسة العربية الحديثة بجامعة كولومبيا في أمريكا، يجاهر باستمرار بتأييده للقضية الفلسطينية، ورفضه للسياسة الإسرائيلية، حتى أنّه وصف عملية طوفان الأقصى في مقاله بـ”مجرّد معركة أخرى أم حرب التحرير الفلسطينية؟”. ويتعرض مسعد لحملة مناهضة لحركته من قِبل مجموعات الضغط الصهيونية والمؤيدين للاحتلال داخل الجامعة، مطالبين بفصله وإيقافه تحت حجة “معاداة السامية”.

كما وُقّعت عريضة تطالب بطرد البروفسورة زارينا غريوال المحاضرة في الأديان والأنثروبولوجيا والداعمة للقضية الفسطينية، بذريعة أنّها  “تتسامح مع العنف وتدعم منظمة إرهابية”.

أهمية الصوت الطلابي

يُعتبر الطلاب نقطة الإرتكاز في العمل السياسي، كونهم يشكّلون نواة الأحزاب والمنظمات التي سيكون لها دور في القرار داخل إدارات الدولة، من خلال المجالس المحلية والتشريعية والتنفيذية، وهو المسار الذي عمل الاحتلال على تفعيله من خلال مجموعات الضغط التي تسانده في الجامعات الغربية. وخلال الأشهر الماضية، بدأت تعطي أرقام الاستطلاع حول تأييد “إسرائيل” في الفئات الشابة داخل المجتمع الأمريكي، مؤشرات تدل على ميلهم نحو اعتراضهم على سياستها وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

حصدُ نتائج الحركة الطلابية، يحتاج إلى وقت لنشهد خطوات ملموسة على المستويين السياسي والحقوقي داخل أوروبا وأمريكا

يتميز العمل السياسي داخل الجامعات بالطابع التنظيمي، وجزء منه الشعور والحماس من خلال الأنشطة المحفّزة على التضامن مع القضية، ولكنّ الاستمرارية هي الأهم ما بعد سنوات الدراسة، حين يتّجه الطلاب إلى سوق العمل، وعائلاتهم، حينها قد يتشتت هذا المجهود الذي بُذل أثناء دراستهم. من أهم ما تحتاج إليه فلسطين هو الصوت المدافع عنها في الخارج، كما فعلت جنوب إفريقيا أمام المحكمة الجنائية الدولية في رفعها دعوى ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وحصدُ نتائج الحركة الطلابية، يحتاج إلى وقت لنشهد خطوات ملموسة على المستويين السياسي والحقوقي داخل أوروبا وأمريكا، وهذا يتطلب تقاطعاً مع الجانب الفلسطيني ليصبح عملاً متكاملاً على المستوى الطلاب وغيره.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,