الحرب في شهرها الرابع: بين عوامل التصعيد وخيار التسوية؟
يناير 23, 2024 7:49 ص*قاسم قصير
دخلت الحرب على قطاع غزة شهرها الرابع دون أن يستطيع العدو الإسرائيلي تحقيق أي هدف من الأهداف التي وضعها في بداية الحرب وبعد معركة طوفان الأقصى، فلم يستطع استعادة الأسرى باستثناء من تمّ استعادتهم عبر الاتفاقات التي عُقدت سابقاً مع حركة حماس، ولم يستطع القضاء على حركة حماس وقوى المقاومة رغم كل التدمير والقصف، فقوى المقاومة مستمرة في عملياتها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي والصواريخ تتساقط بين فترة وأخرى على المستوطنات وتل أبيب، ولم ينفَّذ مشروع التهجير رغم العدد الكبير من الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية في قطاع غزة ، ولا يزال الفلسطينيون صامدين في شمال قطاع غزة وجنوبه ووسطه ويعيشون في ظروف صعبة.
فإلى أين تتجه الحرب في شهرها الرابع؟، وما هي عوامل التصعيد المتوقعة؟، وماذا عن خيار التسوية والعودة إلى المفاوضات؟.
في الشهر الرابع للحرب لا زلنا نشهد عمليات التصعيد على كل الجبهات، وإن كنّا لم نصل إلى مرحلة الحرب الشاملة والواسعة، فكل الجبهات مشتعلة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وعلى الجبهة الجنوبية اللبنانية والعراق واليمن، كما استمرت عمليات الاغتيال للمستشارين الإيرانيين في سوريا ودخلت إيران على خط المواجهة المباشرة عبر قصف مركز للموساد الإسرائيلي في أربيل (شمال العراق) وكذلك تنفيذ عمليات قصف لمجموعات إرهابية في سوريا وباكستان.
وتشير بعض الأوساط المتابعة للحرب وكذلك مصادر دبلوماسية غربية أنّ عوامل التصعيد مستمرة حتى الآن وذلك لأنّ “إسرائيل” لم تحقّق الأهداف التي وضعتها ولأنّ الحكومة الإسرائيلية تواجه تحديات داخلية لإعادة الأمن للمستوطنات القريبة من قطاع غزة وكذلك المستوطنات الشمالية، كما أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يواجه تحدياً شخصياً لأنّ الفشل في الحرب وعدم تحقيق أية نتائج عملية يعني نهايته السياسية وذهابه إلى السجن في حال توقفت الحرب، ولذلك، ليس لديه حالياً أي خيار بوقف الحرب قبل تحقيق نتائج عملية أو سياسية.
وتضيف هذه الأوساط بأنّ هناك عوامل أخرى قد تدفع نحو التصعيد وزيادة المواجهات على كل الجبهات ومنها، حاجة الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية لتحقيق إنجازات ميدانية في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبّدوها، السعي لإغلاق المنافذ بين مصر وقطاع غزة، توجيه ضربات قاسية للقوى المؤيدة للمقاومة الفلسطينية لردع هذه القوى وخصوصاً أنصار الله في اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق وحزب الله في لبنان وإيران، والسعي لاستعادة زمام المبادرة أو الحصول على ثمن سياسي يمكن تقديمه للجمهور الإسرائيلي، ولذلك سيعمد الجيش الإسرائيلي والموساد لتصعيد العمليات في الفترة المقبلة، وبموازة ذلك يسعى الأمريكيون والبريطانيون لزيادة الضربات ضد اليمن، إضافة لزيادة الضغوط على حزب الله وتوجيه ضربات قاسية ضد إيران.
التسوية أو التصعيد وفق الإنجازات
وكل هذه التطورات ستؤدي لردود فعل من قوى المقاومة، إضافة لزيادة التوتر مع مصر وزيادة الضغوط العربية والدولية على الإدارة الأمريكية، مما قد يدفع الأوضاع إلى المزيد من التدهور بما لا يخدم الأهداف الأمريكية والإسرائيلية.
وفي حال لم يحقّق التصعيد العسكري والأمني أهدافه الميدانية والسياسية، فسيكون الذهاب إلى خيار التسوية أكثر واقعية، حيث تشير مصادر متعددة إلى استمرار الاتصالات بين عدد من الدول (تركيا، مصر وقطر) مع قيادة حركة حماس للبحث في تسوية جديدة، وفي المقابل تضغط الإدارة الأمريكية على الحكومة الإسرائيلية من أجل البحث في خطة ما بعد الحرب والعمل للوصول إلى اتفاق جديد لإطلاق الأسرى، وإن كانت الإدارة الأمريكية لم تصل إلى مستوى لفرض وقف إطلاق النار ولا تزال تعطي الجيش الإسرائيلي المزيد من الوقت لتحقيق بعض الإنجازات، وتُشير بعض المصادر إلى أنّ المهلة قد تمتد إلى آخر شهر شباط/ فبراير.
نحن إذاً أمام سباق مستمر بين عوامل التصعيد وخيار التسوية، والعنصر الأهم الذي يحسم الخيار هو مدى قدرة قوى المقاومة في فلسطين وكل المنطقة على توجيه ضربات قاسية للجيش الإسرائيلي والجيش الأمريكي أو توجيه ضربات قاسية للمصالح الأمريكية في المنطقة، فكلما شعر الإسرائيليون والأمريكيون بزيادة الخسائر فإنّهم سيسارعون للتسوية والمفاوضات وكلما حقّقوا إنجازات ميدانية سيذهبون إلى التصعيد الميداني.
إنّنا في معركة شاملة وعلى كل الجبهات، والقرار أولاً وأخيراً للمقاومين وللبندقية فقط لا غير.
*كاتب لبناني
وسوم :
أربيل, إيران, الأهداف الأمريكية, الاحتلال الإسرائيلي, التصعيد الميداني, الحرب على غزة, المستوطنات الشمالية, الموساد الإسرائيلي, تبادل الأسرى, تسوية, جرائم الاحتلال, حرب شاملة, صمود, طوفان الأقصى, فلسطين المحتلة, قاسم قصير, قطاع غزة, قوى المقاومة, مفاوضات