الفن مرآة فلسطين النازفة والصامدة والمقاوِمة

التصنيفات : |
فبراير 5, 2024 7:33 ص

*حمزة البشتاوي

رغم حرب الإبادة على قطاع غزة ما زال الفن وخاصة الفنون البصرية وسيلة من وسائل النضال والتعبير عن الهوية والمأساة وأفعال البطولة. والفن عامة هو الحديقة المزهرة في الواقع والخيال التي يحتاج إليها الناس كقيمة جمالية مواكبة لنشاطهم التحرري وبناء ثقافتهم الوطنية، وهو الشاهد على الزمن والحقيقة.

وتبرز أهمية الفن في المجتمع من خلال كافة أشكال الفنون، ومنها الفن التشكيلي كأحد مرايا الأزمنة وصاحب الدور الهام في ترسيخ الهوية ورسم مساراتها و تبنّيه لأفكار المجتمع وهمومه، حاملاً رسائل الألم والأمل برموز تحاكي الواقع في مضمونها وجوهرها، بروح فنية تواجه ثقافة القتل والتدمير وتوثّق المعاناة وتنقلها للعالم بلغة فنية مفهومة عالميا.

أصبح فن الغرافيتي من أدوات الإشباع الثقافي المعبّرة عن الثورة والفن والثقافة كظل للبندقية والعلَم

وبرز في هذا السياق، داخل فلسطين وفي المخيّمات، فن الجرافيتي أي الرسم والكتابة على الجدران، وقد حظي هذا الفن بانتشار واسع من خلال الرسومات والعبارات التي تعبّر عن الفرد والمجتمع ورسالته، وأصبح من أدوات الإشباع الثقافي المعبّرة عن الثورة والفن والثقافة كظل للبندقية والعلَم.

كما أنّ للغناء أيضاً دوراً كبيراً مرتبطاً بالتراث الفني للمجتمع الفلسطيني، وهذا الدور يمكن ملاحظته من خلال التحول الكبير في الأغاني حيث كان الفلسطينيون يغنون بالأعراس قبل النكبة جفرا، عتابا ودحية، والآن يغنون بمواجهة الاحتلال عالجهادية الجهادية، مع الحفاظ على البعد الجمالي للأغنية الفلسطينية المرتبطة بالطبيعة. والجمال وصوت المغني الذي يشدو: زهّر البنفسج يا ربيع بلادنا، وقد استطاع الفلسطينيون بالأغاني والأناشيد الحفاظ على تراثهم وعاداتهم وتقاليدهم الإجتماعية وإيصال صوتهم وقضيتهم إلى العالم.

ولم يغِب فن الكاريكاتير عن يوميات المجتمع الفلسطيني في الداخل والشتات، إجتماعياً وثقافياً وسياسياً باعتباره شكلاً من الأشكال الفنية المقاومة التي تُبرز نقاط القوة لدى المجتمع الفلسطيني بمواجهة الدعاية الصهيونية، وقد كان حنظلة وما يزال أحد أبرز الناطقين بإسم الضمير الجمعي الفلسطيني.

وهناك أيضاً فن البوستر الذي يعبّر عن العلاقة اليومية ما بين الفنان والثورة والمجتمع بتعابير ثابتة ومتكررة كالعلَم والكوفية وشارة النصر وشجرة الزيتون ومفتاح العودة والبندقية.

وفي ظل العدوان على قطاع غزة، تبرز أكثر فأكثر أهمية ودور الفن في المجتمع على صعيد التعبير الفني والتوثيق ونقل الصورة التي تعبّر عن الصمود الأسطوري للناس

وفي مجال السينما والتلفزيون قدّم الفلسطينيون أعمالاً تسلط الضوء على النكبة واللجوء وحلم العودة والمقاومة، ولعل أبرز الأعمال التلفزيونية الشاهدة على أهمية دور الفن في المجتمع، مسلسل التغريبة الفلسطينية، حيث مثّل نقلة نوعية في سرد وقائع النكبة وإحيائها في عقول الأجيال، بالإضافة لتقديم السينما مجموعة من الأفلام التي شارك بعضها في مهرجانات عالمية حاملة معها روح المقاومة وتطلعات المجتمع والإنسان الفلسطيني وكفاحه من أجل الحرية والخلاص من الاحتلال،  رغم ما تعانيه السينما الفلسطينية من غياب التمويل وعدم وجود البنية التحتية، مع العلم بأنّ فلسطين قد شهدت قبل 100 عام بناء دور للسينما في عموم المدن الفلسطينية.

واليوم، وفي ظل العدوان على قطاع غزة، تبرز أكثر فأكثر أهمية ودور الفن في المجتمع على صعيد التعبير الفني والتوثيق ونقل الصورة التي تعبّر عن الصمود الأسطوري للناس، حيث أنّ الصورة اليوم في ظل تطور الوسائل التكنولوجية، هي وثيقة خالدة في مسيرة المجتمع المقاوم وذاكرته المنتصرة حتما، بالفن وكافة أشكال المقاومة، على الحرائق والدمار وويلات الحرب.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,