ميناء غزة العائم أم القاتل؟

التصنيفات : |
مارس 13, 2024 7:00 ص

*سنان حسن

منذ إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن نيّته إنشاء ميناء عائم على ساحل قطاع غزة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهل القطاع، والأخبار تتوارد حول المرفأ وقدرته واستيعابه ومن هم الأشخاص الذين سيقومون باستلام المواد الغذائية والإغاثية إلخ.. إلا أنّ ما أعلنه مسؤول أمريكي على أنّ خطة إنشاء الميناء تحتاج إلى أسابيع لإنجازه، أثار الشكوك ودفع للتساؤل لماذا كل هذه البروباغندا الإعلامية التي صنعتها الميديا الأمريكية والإسرائيلية حول الميناء وقبله عن إنزال المساعدات جويا؟، هل بالفعل يريدون إيصال الغذاء إلى غزة وأهلها؟، أم يسعون للتخفيف من الانتقاد العالمي لدعم واشنطن اللامحدود للكيان الغاصب وآلة قتله الوحشية؟، وهل إنشاء ميناء عائم سيقضي على “حماس” وسلطتها في القطاع؟.

مع بداية عدوانه الهمجي على قطاع غزة، أعلن مسؤولو الكيان الإسرائيلي أنّ حصار وتجويع القطاع هو أمر لا تنازل عنه في عقيدتهم الحربية لكسر حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بكل تشكيلاتها، فهم -أي أهل القطاع- “حيوانات لا تستحق الحياة” برأي وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت، ويجب أن يُرموا بالقنابل الذرية كما طالب وزير آخر، وبالتالي فقد كان منع دخول المساعدات هو أحد الأسلحة التي استخدمتها “إسرائيل” في الحرب إضافة إلى الجرائم والمجازر التي ترتكبها يومياً لـ”تركيع” أهل القطاع، وعلى الرغم من المناشدات الدولية والأممية لإعادة فتح المعابر البرية مع القطاع إلا أنّها جميعاً باءت بالفشل، حتى عند توقيع أول هدنة إنسانية بعد مرور قرابة الشهر على بدء العدوان لم تلتزم “تل أبيب” بموجب الاتفاق بإدخال المساعدات بالكميات المتفق عليها وبالتحديد إلى شمال القطاع.

إظهار معاناة أهل غزة وتصوير جوعهم ومرضهم أمام العالم بسبب “حماس”، وأنّ واشنطن و”تل أبيب” تريدان حل أزمتهم المعيشية بأي وسيلة، بهدف تأليب الناس المنهكة والمتعبة بفعل الجوع على المقاومة وضرب حاضنتها الشعبية

ومع استمرار القتال وتخفيض دخول القوافل وفق الإحصاءات التي يصدرها المكتب الحكومي في غزة والمنظمات الأممية وفي مقدمتها وكالة الأونروا التي سعت “إسرائيل” إلى محوها بالكامل من على خارطة غزة عبر تدمير ممنهج كشف عنه المفوض العالم للوكالة فيليب لازاريني “قُتل أكثر من 160 موظفاً في الأونروا، وتضررت أكثر من 150 منشأة تحت علم الأمم المتحدة، وبعضها دُمّر بالكامل”، وهنا بيت القصيد، في ظل عدم القدرة على تدمير فصائل المقاومة، ليكون العمل على فرض أمر واقع من بوابة العمل الإنساني وإظهار معاناة أهل غزة وتصوير جوعهم ومرضهم أمام العالم بسبب “حماس”، وأنّ واشنطن و”تل أبيب” تريدان حل أزمتهم المعيشية بأي وسيلة، بهدف تأليب الناس المنهكة والمتعبة بفعل الجوع على المقاومة وضرب حاضنتها الشعبية. ولكن هل تنجح؟.. بالتأكيد لا.

هناك تفويض رسمي من واشنطن لـ”إسرائيل” للتحضير لمجزرتها الجديدة في رفح التي لا يوجد فيها متر واحد دون مهجّر، وإنّ كل الأصوات في الخارج سيتمّ إلهاؤها حتى إنجاز المهمة الموكلة إليها

إنّ الضجة الإعلامية التي تروّج لها واشنطن سواء حول الإنزالات الجوية على القطاع المحاصر، وتالياً إنشاء ميناء عائم، تهدف بالدرجة الأولى إلى التعمية على الجرائم التي يرتكبها الكيان يومياً بحقّ أهل القطاع من قتل وجوع وتهجير من منطقة إلى أخرى، وهو بالتأكيد تفويض رسمي من واشنطن لـ”إسرائيل” للتحضير لمجزرتها الجديدة في رفح التي لا يوجد فيها متر واحد دون مهجّر، وإنّ كل الأصوات في الخارج سيتمّ إلهاؤها حتى إنجاز المهمة الموكلة إليها، ولكن هل ستنجح في تحقيق ذلك؟.

لقد شكّل إعلان العديد من الدول الغربية إعادة تمويل “الأونروا” ضربة لخطط واشنطن و”تل أبيب” لإنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وإنّ كل الأكاذيب التي ساقتها “إسرائيل” لاتهام الوكالة وموظفيها بالاشتراك بعملية طوفان الأقصى ذهبت أدراج الرياح، فالعالم لم يعد يعمل كما تريد وترغب واشنطن، وكل الدول بدأت بالتخلي عن سياستها الداعمة لآلة القتل الإسرائيلية، وما حصل مع تحالف حارس الإزدهار في اليمن مثال، إذ لم تشارك سوى بريطانيا في العدوان على اليمن الصامد، والأمر كذلك في غزة، وعلى الرغم من التعمية والدعم المطلق للكيان إلا أنّ دولاً ومنظمات ستنتفض في وجه الغطرسة الأمريكية، ما جرى حتى الآن في محكمة العدل الدولية مثال.. فهل يستيقظ إخوان غزة من سباتهم ويتكاتفون لمواجهة عدو لا يفكر إلا في محوهم من على خريطة فلسطين؟.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,