الميناء البحري في غزة وصورة أمريكا
مارس 15, 2024 7:00 ص*حمزة البشتاوي
في غزة، المدينة الأسطورة الصامدة بوجه الغزاة، يتجسد الألم والأمل بكل الأشياء، ومنها البحر والتضاريس وأوجاع الناس.
وعلى شواطئ غزة التي لا تشبه غيرها من الشواطئ، لعدة أسباب ومنها إختلاط طعم الحرب بملوحة البحر والرياح التي تسير عكسها الإدارة الأمريكية المسؤولة عن استمرار الحرب والعدوان على قطاع غزة، وفي ظل شراكتها بالحرب أعلنت بطريقة فيها استعراض مثير للسخرية، أنّها قررت إنشاء ميناء بحري على شواطئ غزة، بحجة إدخال كميات كبيرة من المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة بإشراف الجيشين الإسرائيلي والأمريكي، وهذا يعني احتلال كامل البحر الفلسطيني بغرض السيطرة على حقول الغاز وجعل الناس في قطاع غزة يعتمدون على مساعدات قوات الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، وإلغاء دور “الأونروا” وصولاً إلى تصفية قضية اللاجئين، وتحقيق سيطرة عسكرية وأمنية إسرائيلية طويلة الأمد على قطاع غزة والعبث به جغرافياً وديمغرافيا.
كما يُراد لهذا الميناء البحري أن يكون الوسيلة لتنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة إلى صقيع أوروبا وأدغال إفريقيا، وإبقاء القطاع من شماله لجنوبه محاصراً ومعزولاً عن العالم كسجن صغير تدور داخله حرب إبادة وحشية لا يرغب الشريكان فيها وهما الإدارة الأمريكية وجيش الإحتلال بوقفها حتى الآن.
وينظر الناس في غزة إلى مشروع الميناء البحري الأمريكي، الذي سيُبنى قاب قوسين من الصرخات، بأنّه مشروع استغلالي احتلالي، يجب الإنتباه له ولرغبة الاحتلال المستمرة، بإغراق غزة في البحر والدم.
مع التأكيد بأنّ بحر غزة اللصيق بالقلب والذكريات، سيرفض هذا الميناء المدعوم بألف جندي أمريكي من المارينز، واستمرار الإدارة الأمريكية بإعطاء الضوء الأخضر لجيش الاحتلال، ورفض أي وقف لإطلاق النار، وهذا ما سيدفع بحر غزة لمواجهة البنية التحتية لهذا الميناء الذي يتمّ تجهيزه بمشاركة أوروبية وموافقة إسرائيلية، وتمويل من ثلاث دول عربية بهدف إعادة هندسة قطاع غزة جغرافياً وديمغرافيا، دون إيجاد أي حل للكارثة الإنسانية المتفاقمة.
وهذا يؤكد بأنّ المشكلة هي سياسية وليست لوجستية كما تدّعي الإدارة الأمريكية التي تريد إدامة الحرب والحصار.
ولكنّ بحر غزة بمداه المتسع للولادات والتحولات، سيعتبر هذا الميناء عدواناً على الأرض والروح، وسيلفظ بحر غزة غضبه، متسلحاً بالعزيمة والذكريات ودوي الحرب والدمار الذي يشهد على صورة الولايات المتحدة الأمريكية، ودعمها المستمر للعدوان.
وسيتذكر الفلسطينيون علاقتهم الوثيقة ببحر و بر غزة أشقّاء المعجزات وكلام الشاعر محمود درويش حين قال:
هيروشيما … هيروشيما
وحدنا نصغي إلى رعد الحجارة هيروشيما
وحدنا نصغي لها في الروح من عبث ومن جدوى
وأمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية يا هيروشيما العاشق العربي أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا.
*كاتب وإعلامي فلسطيني
وسوم :
الإدارة الأمريكية, الطاعون, العدوان الإسرائيلي على غزة, المقاومة الفلسطينية, بحر غزة, تمويل, جرائم الاحتلال, حمزة البشتاوي, صمود, طوفان الأقصى, قطاع غزة, كارثة إنسانية, مجازر الاحتلال, محمود درويش, ميناء غزة, هيروشيما