مقاومة الضفة.. “ما تبقّى لكم”
يوليو 9, 2024 8:00 ص*موسى جرادات
أمام مجريات الحرب الدموية على قطاع غزة، التي دخلت شهرها العاشر دون انقطاع، بقيت الأنظار معلقة عليها وغاب عن المشهد الإعلامي حضور المقاومة في الضفة وتصاعدها يوماً بعد يوم.
هذا الغياب مبرر نوعاً ما، لكنّه لا يلغي حقيقة أنّ جغرافيا الضفة ومقاومتها ستكون في مقبل الأيام ساحة المقاومة الفعلية والمركزية في مواجهة الاحتلال، والأسباب الفعلية التي تستوجب هذا القول تتعلق بأكثر من عنوان أساسي: الأول، يتعلق بغزة الذاهبة نحو هدنة ربما تطول حتى تلمّ جراحها وتعيد بناء نفسها من جديد.
السبب الثاني، أنّ الضفة الغربية محط الأطماع الإسرائيلية التي يسعى فيها كل من الحركة الصهيونية وكيان الاحتلال للاستيلاء على أرضها عبر تنفيذ عدد كبير من المشاريع الاستيطانية الزاحفة دون توقف.
أما الثالث والأهم، وجود نواة لمقاومة مسلحة بدأت بالتشكل والنمو منذ ثلاث سنوات، وعبّرت عن نفسها بكتائب مسلحة اتخذت من المخيّمات وأرياف الضفة تموضعات لها، وتميزت بإزالة الفوارق بين مكوناتها التنظيمية حيث تعمل بروح الوحدة الوطنية صمّام النجاح في العمل المسلح والمقاوم.
وأمام تلك الأسباب مجتمعة، ستجد المقاومة نفسها أمام تحدٍ غير مسبوق، وربما استطاعت في الأسابيع الأخيرة تطوير نفسها وأدواتها وخططها في مواجهة الاحتلال، حيث تمكنت من تطوير واستخدام أسلحة جديدة مكّنتها من تجاوز الاستعدادات التكنولوجية للآلة الحربية للكيان الصهيوني.
ففي جنين وطولكرم، استطاعت المقاومة تفجير العبوات الناسفة شديدة الانفجار، بآليات العدو المصفّحة، وتمكّنت عبرها من إيقاع عشرات الجنود بين قتيل وجريح، في ما عملية قنص أحد المستوطنين بالقرب من مدينة نابلس، قبل أيام، شكّل سابقة نوعية من تاريخ المجموعات المقاتلة حديثة التشكل، الأمر الذي أدخل الرعب إلى قلوب المستوطنين، بالإضافة إلى هذا كله، حالة الاشتباك الدائمة في كل من جنين وطولكرم وطوباس وقلقيلية ونابلس، جعلت من مهمة الاقتحام لقوات العدو أكثر كلفة في الخسائر البشرية والمادية.
وأمام ما تقدّم، بتنا نلحظ وجود عامل دعم خارجي يمكن تلمّسه من خلال الإعلانات الصهيونية المتكررة عن إفشالها العديد من المحاولات لتهريب السلاح عبر الحدود الأردنية، والتي تحتوي على أنواع جديدة لم تكن مستخدمة في السابق، كالقذائف المحمولة على الكتف، والعبوات الناسفة شديدة الانفجار.. وسائل الإعلام الصهيونية تتحدث في تقاريرها عن تلك العمليات أنّها جبل من الجليد، فالإعلان عن ضبط السلاح المهرّب عبر الأردن لا يعني بالضرورة أنّ أجهزة الأمن الصهيونية استطاعت إفشال كل المحاولات، والدليل أنّ الخط البياني يشير إلى تصاعد تلك المحاولات وربما، كما تشير تلك الوسائل الإعلامية، أنّ الأدوات القتالية وصلت بالفعل إلى مقاومي الضفة الغربية، ولو كانت طرق الإمداد فاشلة لما استمرت على هذا النحو من التصاعد.
بكل الأحوال، تبقى مقاومة الضفة تمتلك بعض عناصر القوة، التي تمكّنها من ديمومة المعركة مع الاحتلال، وأهمها أنّها محمية بأهلها وتلقى رعاية خارجية تنظر إليها بعين المساعدة والدعم، ولهذا عندما يتوعد وزير المالية سموتريتش مدينة طول كرم بمصير غزة ويدعو إلى تدميرها، هذا يعني أنّ المدينة ومقاومتها ألحقت خسائر كبيرة لا يستطيع الاحتلال الاعتراف بها، في لحظة الحرب على غزة، بل على العكس يحاول طوال الوقت التقليل من تلك الخسائر والتقليل أيضاً من تأثيراتها على مجريات المعركة، كما يفعل أمام هجمات المقاومة اللبنانية في شمال فلسطين.
ما تبقّى لكم رواية حقيقية، مسرحها الضفة الغربية، وعنوانها المقاومة المسلحة، التي بدأ عودها يشتد ويقوى.
*موسى جرادات
وسوم :
اقتحامات, الأطماع الإسرائيلية, الاحتلال الإسرائيلي, الحدود الشمالية, الحرب على غزة, السلاح المهرّب, الضفة الغربية, الكتائب المسلحة, الكيان الصهيوني, المقاومة الفلسطينية, المقاومة اللبنانية, بتسلئيل سموتريتش, صمود, طرق الإمداد, طولكرم, فصائل المقاومة, فلسطين المحتلة, قطاع غزة, موسى جرادات, هدنة