عن الحرب والإعلام المبتور
نوفمبر 20, 2024 6:00 ص*موسى جرادات
منذ أن بدأ العدوان على غزة، كرّست مختلف وسائل الإعلام مساحات واسعة لتغطية أحداثها المتسارعة والمتنوعة، لكنّ هذه التغطية بقيت مبتورة ومضلَّلة، خدمة لأهداف متنوعة أهمها تغييب الحقيقة لصالح بناء تصورات تخدم تلك الوسائل ومموّليها، لكن ما يهم التوقف عنده في امتحان وسائل الإعلام، وبالتحديد المعادية لفلسطين وأهلها، أنّها ترفّعت عن الادعاءات القائلة بوجود حياد وموضوعية في نقل الخبر، وبدأت باستخدام كل الوسائل الممكنة لتحويل الخبر وتحريفة لدرجة تحوّلها لإعلان دعائي لصالح العدو، بل زادت على ذلك بوضع رغباتها التي تريد أن تتحقق وهي هزيمة الفلسطينيين، ولاحقاً هزيمة اللبنانيين، مع العلم أنّ ساحة المعركة ممتلئة بأحداث مؤلمة مُني بها العدو الصهيوني وفي المقابل فإنّ تغطية الأحداث داخل الكيان الصهيوني، لم تتجاوز مقص الرقيب العسكري الصهيوني، وبتنا ضحايا لهذا النوع من وسائل الإعلام التي تستمر في الضخ الإعلامي دون توقف، حتى أصبح المتلقي ممتلئاً ومشبعاً برغبات تلك الوسائل، لا ما يدور على الأرض من أحداث فعلية، والسؤال هنا: أين ذهبت الموضوعية والحياد والنزاهة الإعلامية المُدّعاة والمُفترى عليها؟ وكيف غامرت تلك الوسائل بوصفها قنوات إعلامية بكامل رصيدها، لصالح بناء سرديات تتبع لتوجهات سياسية تخدم المحتل وأهدافه؟.
لا بد من وجود الإعلامي المقاوم حامل الرسالة والقادر على نقلها وحمل الأمانة، ودون هذا سنبقى ضحايا الإعلام المبتور الذي يتلذذ بتعذيبنا يومياً ونحن في خضمّ معركة مصيرية
والحقيقة أنّ تلك المغامرة والمقامرة -إن صحّ التعبير- تندرج في سياق عملية انكشاف كلّي بين الادعاء والوظيفة الموكلة لها منذ البداية، ولا يغيب عن هذا المشهد سوى المشاهد الذي يمتلك الحد الأدنى من القدرة على المقارنة والتحليل، للحكم على تلك الوسائل والتي بالتأكيد أصبحت واضحة ولا يشوبها أي شك، وسائل الإعلام المقصودة في هذا المقام ليست وسائل إعلام غربية فقط بل وسائل إعلام تنطق بكل اللغات ومضمونها عِبري الهوى والأهداف، في المقابل علينا أن نكون موضوعيين في طرحنا، فإنّ القلة القليلة من وسائل الإعلام العربية المرتبطة بالمقاومة كشفت عن هشاشة كبيرة في بنيتها وبالتحديد ضعف الكادر الإعلامي، وعدم قدرته على مواكبة ومراكمة الخبرات الإعلامية، هذا الانكشاف الواضح يتبين بكل مفاصل هذا الإعلام، الذي من المفترض أن يُعاد النظر فيه بعد أن سقط هو الآخر في امتحان الحرب، فساحة المقاومة لا ترتبط فقط بأداء المقاوم والمقاتل على الأرض، والذي نشهد أنّه أعلى من كل القامات في بلادنا، سواء في جنوب فلسطين أو في جنوب لبنان، وبما أنّ ساحة الإعلام هي جزء لا يتجزأ من ساحة الحرب، لا بد من وجود الإعلامي المقاوم حامل الرسالة والقادر على نقلها وحمل الأمانة، ودون هذا سنبقى ضحايا الإعلام المبتور الذي يتلذذ بتعذيبنا يومياً ونحن في خضمّ معركة مصيرية، لا يوجد فيها سوى حقّ باطل.. لا ثالث لهما.
*كاتب فلسطيني
وسوم :
الإعلام العبري, الإعلام العربي, الإعلام المقاوم, الاحتلال الإسرائيلي, الحرب على غزة, الحرب على لبنان, العدو الصهيوني, جنوب لبنان, صمود, طوفان الأقصى, فلسطين المحتلة, لبنان, مقاومة, موسى جرادات