قوّتها في بساطتها.. أساليب إبتكارية لمواجهة إسرائيل
صمود – سلوى فاضل
من الحجر إلى النقيّفة، إلى الأنفاق، إلى الطائرة الحارقة، إلى دواليب الكاوتشوك، إلى ما هنالك من وسائل، وصولاً إلى البالونات الحارقة، وأخيراً الذئب المنفرد.. لن يتوّقف الفلسطيني عن ابتداع طرق جديدة سلمية للمواجهة.
فكرة من؟
الطائرة الورقيّة الحارقة رد بسيط على جرائم إسرائيل. فمن هو صاحب الفكرة التي انطلقت من قطاع غزة باتجاه الاراضي المحتلة؟
أمام استخدام السلاح الحيّ ضد المتظاهرين العزّل، بدأ التفكير بابتكار يحلّ محل “دواليب الكاوتشوك”، خاصة أن الأذية جراء الرائحة كانت تطال المتظاهرين. فولدت فكرة الطائرة الحارقة كرد على قتل العزّل، وهي ليست وليدة شخص بل هي رد فعل عفوي من مجموعات.
ما هي؟
هي نوع جديد من المواجهة، وإن كانت غير متكافئة، اشتغلت عليها عقول قلقة، فخرجت بعد عصف ذهني أساسه عدم توقف الصراع، وإن بالحد الأدنى، فالتاريخ سيحكي عن ابتكارات التصقت بالفلسطينيين منذ بداية الثورة كالطائرات والبالونات ودولاب الكاوتشوك.
هذه الطائرات والبالونات تشعل الحرائق في الأراضي المحتلة المحاذية لقطاع غزة، حيث أُحصيت مئات الحرائق التي اندلعت باتجاه آلاف الهكتارات من المحاصيل الزراعية والأراضي والغابات.
السبب
فبعد قصف إسرائيل للمدنيين، بدأ أهل غزة بإرسال طائرات ورقية محملة بأقمشة مشتعلة باتجاه المناطق الإسرائيلية كوسيلة للرد على الحصار مما أغضب العدو ودفعه لإعلان اقتطاع جزء من أموال تحوّل إلى الفلسطينيين، تحت عنوان أن هذه الحرائق دمرت أكثر من 6 آلاف فدان خلال وقت قصير مما تسبّب بخسائر قُدّرت بـ2 مليون دولار.
البالونات الحارقة
وتسمّى بالإنكليزية “Incendiary balloon” أو القنبلة البالونيّة وهي بالون منتفخ من أخف غازات الهواء كالهواء الساخن أو الهيدروجين أو الهيليوم، ويحتوي على قنبلة أو جهاز حارق أو مولوتوف، حيث تنقله الرياح إلى المنطقة المستهدفة، فيسقط مُطلِقا ما يحمل. ويعود استخدام هذا الأسلوب بداية إلى فترة نهاية الحرب العالمية الثانية.
انطلاقتها
خلال مسيرات العودة التي تنطلق في 30 آذار من كل عام، أطلق الفلسطينيون الطائرات الورقيّة الحارقة، والتي لجأوا إليها سابقاً من خلال رمي قنابل “المولوتوف”. واليوم نراهم يستعيدونها بإسلوب جديد، لأنها ولدت بناءًا على مقولة “الحاجة أمّ الاختراع”.
إسلوب ابتكاري
حاول العدو الإسرائيلي إلقاء القبض على كل من يحمل طائرة ورقيّة، خصوصاً أن الفلسطينيين وجدوها يسيرة الإستعمال فصاروا يحمّلونها كتلة من النار، فتحولت هذه الطائرة إلى كيس موصول بخيط، يطير وفق رغبة حاملها. هذا الرد البسيط من فلسطينيّ القطاع، يتميّز بأنه سهل الصنع بتكلفة زهيدة يحمل في جوفه بضعة غرامات من المواد المتفجّرة.
أول بالون حارق
وقد أُطلقت البالونات الحارقة للمرة الأولى عام 2018 خلال مظاهرات “مسيرات العودة”. تطايرت هذه البالونات مدفوعة برياح عاتية، حيث كان يخرج آنذاك، آلاف الغزاويين في مسيرات إسبوعية مطالبة برفع الحصار، وعودة لاجئي 1948.
الرد الإسرائيلي
رغم ترسانتها العسكرية، لم تنجح إسرائيل حتى الآن بالحد من هذه الظاهرة حيث بدأ الغزاويون بإرسالها وقد بلغ عددها الآلاف. رغم محاولة العدو التصدّي لها بشتى الوسائل من خلال استهداف مطلقيها.
وأقصى ما كانت تستطيع القيام به هو إغلاق معبر”كرم شالوم” التجاري، وتعليق بيع المنتجات كوسيلة ضغط ووقف عملية تقديم الوقود لتشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة، وإغلاق المجال البحري للضغط على الصيادين، حيث تعمد إلى تقليص منطقة الصيد المسموح بها من 15 إلى 6 أميال بحرية. علما أن الحد الأدنى للصيد هو 20 ميلاً بحريا، وذلك بحسب اتفاقية أوسلو عام 1993.
لم تتمكن إسرائيل حتى اليوم من إيجاد حلّ تقنيّ يُخفف من أضرار البالون الحارق، لكن تم تداول معلومات عن تطوير إسرائيل لنظام ليزر ضد هذه البالونات، لم يظهر إلى اليوم.
الذئب المنفرد
من ناحية أخرى، انطلق الحديث مؤخراً عمّا سمي بـ”الذئب المنفرد”، والذي يعتمد على مواجهة مباشرة بين شبان فلسطينيين يقومون بعمليات قتالية منفردة ضد الجنود الصهاينة على الخط الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة حيث وقع البعض منها على معبر بيت حانون، ومعبر أبو سالم، وعلى الحدود الشرقيّة للمنطقة الوسطى، أو عبر اقتحام موقع كيسوفيم العسكري، وضد السياج الفاصل شرق خزاعة، وجنوبي القطاع، واقتحام موقع زيكيم العسكري. فكان أن ردت اسرائيل بإغلاق معبر “كرم أبو سالم” المنفذ التجاري الوحيد مع غزة.
أخيراً..
لن يكلّ الفلسطيني ولن يملّ عن البحث عن أساليب ابتكارية جديدة في حال وجد العدو ما يواجه به البالونات الحارقة.. ولن يألوَ جهداً في الدفاع عن حقه بأرضه.
*كاتبة لبنانية
وسوم :
البالونات الحارقة, سلوى فاضل, صمود, غزة, فلسطين, مسيرات العودة