في الذكرى الـ47 للحرب اللبنانية: 10 أسباب رئيسية والعامل الفلسطيني ليس الوحيد
أبريل 13, 2022 7:21 ص*قاسم قصير
في الثالث عشر من نيسان/أبريل 1975 إندلعت الحرب في لبنان، التي وُصفت في ما بعد بـ”الحرب الأهلية” بين اللبنانيين، في حين اعتبرها البعض أنّها حرب الآخرين في لبنان، وأما على صعيد الدراسات التاريخية ولدى المؤرخين الجديين فإنّها حرب شاملة، تداخلات فيها العوامل الداخلية والخارجية ولا يمكن اعتبارها حرباً أهلية لبنانية فقط أو حرب الآخرين على أرضنا، فالعوامل الداحلية لاندلاع الحرب كثيرة جدا، كمثل العوامل الخارجية الإقليمية والدولية التي تداخلت في هذه الحرب.
فما هو دور الفلسطينيين في هذه الحرب الطاحنة والتي استمرت عسكرياً لمدة 15 سنة حتى العام 1990، ولكنّها لا تزال مستمرة إلى اليوم بأشكال سياسية وإجتماعية وإقتصادية وأحياناً أمنية وعسكرية؟
لا يمكن إنكار دور العامل الفلسطيني في حرب الـ75 وقد شارك فيها الفلسطينيون من خلال منظّماتهم العسكرية وقياداتهم المختلفة ودفعوا فيها أثماناً غالية بالأرواح وفي المخيّمات، كما أنّ أول شرارة كبرى للحرب كانت من خلال إطلاق النار على البوسطة في عين الرمانة (شرق بيروت) من قبل مقاتلي حزب الكتائب اللبنانية وكان ركّاب البوسطة من الفلسطينيين المشاركين في احتفال لإحدى المنظمات الفلسطينية.
طبعا، لم تبدأ شرارة الحرب في 13 نيسان/أبريل، بل جرى العديد من التطورات والأحداث الأمنية والعسكرية والسياسية في أواخر الستينات وأوائل السبيعنات وهي التي مهّدت للحرب، ومنها الإشتباكات بين الفلسطينيين ومؤيّديهم من القوى اللبنانية من جهة، وبين الجيش اللبناني من جهة أخرى عام 1973، كذلك الإعتداء الذي نفّذه الجيش اللبناني على تظاهرة صيّادي السمك في صيدا في شباط/فبراير 1975 وقد أدّى إلى استشهاد المناضل معروف سعد، وكانت هذه الحادثة من مقدمات الحرب اللبنانية.
الأسباب الرئيسية للحرب الأهلية
1- الصراعات السياسية بين القوى اللبنانية حول إصلاح النظام السياسي،
2- تفاقم الأوضاع الإجتماعية والمعيشية،
3- تعاظم دور القوى اليسارية والقومية والناصرية والتقدمية،
4- عدم استعداد الأحزاب المسيحية (حزب الكتائب وحزب الأحرار خصوصا) للقبول بإجراء إصلاحات في هذا النظام وتسلّح هذه القوى بدعم من الجيش اللبناني وتلقّيها لاحقاً الدعم من الكيان الصهيوني،
5- تعاظم الدور الإسرائيلي في لبنان على كافة المستويات،
6- والقرار الدولي والإقليمي بإنهاء الوجود الفلسطيني المسلح في جنوب لبنان والذي تطور كثيراً منذ إتفاق القاهرة في العام 1969 وحتى العام 1975،
7- الصراع الدولي بين الإتحاد السوفياتي من جهة والقوى الغربية وعلى رأسها أمريكا من جهة أخرى في إطار الحرب الباردة،
8- الصراعات العربية وسعي كل دولة عربية ليكون لها نفوذ في لبنان، وقد تطورت لاحقاً حيث تشكّل محوران أساسيان هما: محور جبهة الصمود والتصدي الرافضة لإتفاق كامب دايفيد الذي عقده الرئيس المصري أنور السادات مع الكيان الصهيوني عام 1978 والمحور الآخر الساكت عن هذا الإتفاق أو الداعم له،
9- الدور السوري في لبنان والرغبة السورية بأن يكون لها دور أساسي في التأثير في الوضع اللبناني لأسباب عديدة،
10- صراعات الهويات حول لبنان وطبيعة دوره في المنطقة، وتحوّل لبنان إلى مركز لصراع المخابرات الدولية والإقليمية والعربية واللبنانية .
إذا، عوامل كثيرة ساهمت في إندلاع الحرب اللبنانية، والعامل الفلسطيني كان أحد أبرز هذه العوامل ولكن ليس الوحيد، وقد شهدنا التحالف بين الأحزاب الوطنية والتقدمية واليسارية والقومية والناصرية (الحركة الوطنية والجبهة القومية) ولاحقاً الأحزاب والتيارات الإسلامية مع المنظمات الفلسطينية في مواجهة أحزاب الجبهة اللبنانية والتي تحالفت في مرحلة معينة مع سوريا ومن ثم مع الكيان الصهيوني ودول عربية أخرى، وكان هذا التحالف أحد أبرز العوامل في تفاقم الصراع وتطوره، وكان لسوريا دور مهم في لجم تطور وإنتصار القوى الوطنية عام 1976، ولاحقاً لعب الكيان الصهيوني دوراً أساسياً في دعم حزبي الكتائب والوطنيين الأحرار ومن ثم القوات اللبنانية برئاسة بشير الجميل، وشهدنا حربين إسرائيلتين على لبنان في آذار/مارس عام 1978 وفي حزيران/يونيو 1982 وجرى احتلال العاصمة اللبنانية بيروت، ورغم الخروج الفلسطيني المسلّح من لبنان عام 1982 فقد استمرت الحرب عدة سنوات بعد ذلك.
في الخلاصة، إنّ العوامل الداخلية اللبنانية وفشل النظام اللبناني الطائفي والصراعات بين القوى اللبنانية حول النظام وتحوّل لبنان إلى مركز للصراعات العربية والإقليمية والدولية ودور الكيان الصهيوني.. شكّلت مجتمعة السبب الأساسي للحرب الأهلية، ولكنّ العامل الفلسطيني ساهم في هذه الحرب واندفع الفلسطينيون للمشاركة في الحرب بكل قوة، ولذلك قامت بعض الشخصيات الفلسطينية (فكرية وسياسية وعسكرية) وشخصيات لبنانية تحالفت مع الفلسطينيين (أبرزهم أمين عام منظمة العمل الشيوعي محسن إبراهيم وغيره كثيرون) بإجراء دراسات نقدية لتجربة المشاركة في الحرب اللبنانية والمساهمة في تكبير الدور الفلسطيني في لبنان، وكانت الخلاصة أنّه كان بالإمكان تجنّب ما جرى أو التخفيف من آثاره السلبية، لأنّ هذه الحرب تركت إنعكاسات سلبية على الفلسطينيين ودورهم وعلى النضال الفلسطيني.
ومن أبرز النتائج الإيجابية للحرب، إنتقال النضال الفلسطيني إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم نشوء المقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية والتي حوّلت الصراع إلى مراحل متقدمة، ومن هنا أهمية إستعادة كل هذه التجارب، ولكن ما يؤكد أنّ العامل الفلسطيني ليس العامل الوحيد والرئيس للحرب اللبنانية، أنّ الصراع في لبنان لا يزال مستمراً بأشكال متعددة ولأسباب مختلفة، إضافة إلى ضرورة إبراز الوجه الإيجابي لدور الفلسطينيين في لبنان ثقافياً وتجارياً وإقتصادياً ومالياً وصحيا، وخصوصاً من خلال العديد من المؤسسات التي نشأت قبل الحرب وخلالها وبعدها.
وفي الختام، من المهم استعادة ذكرى الحرب اللبنانية والإستفادة من دروسها كي نتجنّب العودة إليها مستقبلا، ونحن لا زلنا نعيش في حرب أهلية صامتة أو صاخبة أحياناً أخرى.
*كاتب لبناني
وسوم :
أمريكا, إتفاقية كامب ديفيد, الأحزاب المسيحية, الإتحاد السوفياتي, الجيش اللبناني, الحرب الأهلية, الحرب اللبنانية, القوى الفلسطينية, المخيّمات الفلسطينية, بشير الجميل, بوسطة عين الرمانة, حرب الـ75, حزب الأحرار, حزب القوات اللبنانية, حزب الكتائب, صراع الهويات, صمود, قاسم قصير, معروف سعد