فلسطينيون لـ”صمود”: إجراءات لازاريني لإنقاذ الأونروا تفوح منها شبهة التساوق مع المشروع الصهيو – أمريكي لشطب حقّ العودة
يونيو 27, 2022 7:57 ص*خاص – صمود:
للاجئين الفلسطينيين وضع فريد طبقاً للقانون الدولي للاجئين، فالفلسطينيون يتميزون عن سواهم من مجموعات اللاجئين في العالم بمعاملة إستثنائية في معظم المواثيق والإتفاقيات والقرارات القانونية الدولية التي تحدّد حقوق الدول وواجباتها تجاه اللاجئين، وبوابة هذا الإستثناء كانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” التي أُحدثت لتكون مهمتها الأولى رعاية ودعم اللاجئين الفلسطينيين وتأمين عودتهم إلى ديارهم. وبما أنّها الشاهد الملك على القضية الفلسطينية، فقد دأبت “إسرائيل” على محاولة طمسها وإلغائها عن الوجود بكافة السبل المتاحة (إتفاقيات – صفقات – قطْع تمويل).. حيث شغلت مسألة تمويل الوكالة، الرأي العام الفلسطيني ومن خلفه اللاجئين، بعد قطع الرئيس السابق دونالد ترامب المخصصات الأمريكية عنها والإيعاز لشركائه بتخفيضها، خصوصاً وقد بدأ المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني بالترويج لنقل صلاحيات من الوكالة إلى منظمات أممية أخرى بحجة تأمين الخدمات.
موقع صمود إستطلع آراء عدد من الفلسطينيين حول توجّه مفوض الأونروا وأهدافه منها، وهل ما يقوم به لازاريني قانونياً أم تجاوزاً للصلاحيات الممنوحة؟.
*عبد الفتّاح إدريس (كاتب فلسطيني): “الأونروا هي المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة المعنية برعاية وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وارتبط وجودها بعودتهم إلى بلدهم فلسطين والتعويض عليهم. وبما أنّ تشريد الفلسطينيين كـ”لاجئين” يُعتبر وفق القوانين والمواثيق الإنسانية أمراً لا يمكن المساومة عليه باعتباره حقّاً طبيعي للبشر، وإنسجاماً مع حقوق الإنسان والعدالة الإنسانية. وبالتالي فإنّ حقّ العودة للفلسطينيين والذي أكدت عليه قرارات الشرعية الدولية، يُعتبر أهم مرتكزات القضية الفلسطينية، وبالتالي سيظل مؤشراً مهماً بعدم شرعية الاحتلال الإستيطاني الصهيوني مهما طال الزمن.
وتستمر محاولات الولايات المتحدة الأمريكية إلغاء هذه المؤسسة الدولية بتوافق مع الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية، وذلك لطمس وتصفية القضية الفلسطينية وتبديد الحقوق الوطنية والإنسانية للفلسطينيين، حتى يكون ذلك رفعاً للخطر الذي تمثّله هذه القضية على مستقبل الوجود الصهيوني الاحتلالي في فلسطين. والخطوة الجديدة هي خطوة محسوبة في هذا السياق. وتبقى مقاومة شعبنا للاحتلال بكل الوسائل، هي الصيغة الكفاحية الأساسية في استرداد الحقوق وتصفية الاحتلال”.
* عوض أبو دقّة (إعلامي فلسطيني): “إنّ الحديث عن أزمة مالية للأونروا، وما صاحبها من تأثير على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين، برأيي كل هذا مفتعل لأهداف سياسية، ترمي للوصول إلى تصفية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وتحويل قضيتهم إلى قضية إنسانية وإغاثية، وتجريدها من محتواها السياسي.
إنّ الشعب الفلسطيني وقواه وفعالياته ومؤسساته، يرفضون نقل خدمات الأونروا أو إحالة تنفيذها لأي جهة باعتبار ذلك مخالفة واضحة لقرار تفويض الوكالة الدولية رقم 302، والذي ينصّ على أنّ تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين حصري بالأونروا”.
* خالد الخالد (مهندس مسؤول في نقابة المهندسين الفلسطينيين): “لا شك بأنّ المتابع لدور المنظمات الدولية يلحظ تراجعاً واضحاً في دورها عموماً وجائحة كورونا كانت شاهداً جلياً على تغيير ملموس تنتهجه الدول الكبرى المموَّلة من هذه المنظمات، وهذا يشمل جميع المنظمات، وبالتالي فإنّ الخاصية التي تتمتع بها وكالة الأونروا لم تجعلها بمنأى عن هذا التوجّه من المانحين.
إضافة لهذا المناخ السائد في التعاطي مع دور المنظمات الدولية، يبرز توجه أمريكي و”إسرائيلي” لطي صفحة الأونروا وشطب دورها، والذي يشهد تراجعاً ممنهجاً يوحي بأنّ المسار العام للوكالة يتّجه نحو إلغائها كمنظمة نشأت نتيجة نكبة فلسطين وشاهداً دولياً على نتائج النكبة. وعليه، فإنّ مسار الإلغاء الذي يمر اليوم بمحطة تلزيم مهام الأونروا لمنظمات أخرى، أو الحديث عن تعاون مع العديد من المنظمات الدولية والذي من شأنه أن يخفّض من الإمكانات المالية اللازمة لاستمرار عمل الوكالة.. لا يمكن قراءته على أنّه وليد أزمة مالية تمر بها الوكالة بقدر ما هو تطبيق ممنهج لما كان قد طرحه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في ما سُمّي بـ”صفقة القرن”، وللعلم فإنّ الإدارة الأمريكية الحالية لم تحُد خطوة عن طرح ترامب وإن اختلفت بآليات التطبيق.
لذلك، فإنّ الناظر للمشهد اليوم، والذي يحوي في طياته زيادة الإستيطان ومحاولة فرض السيطرة الإسرائيلية على مدينة القدس، يستخلص دون عناء أنّ التضييق على وكالة الأونروا وتقليص دورها وصولاً إلى شطبها هو ضمن تصفية هادئة للقضية الفلسطينية من المشهد الدولي لتصبحَ بشكل أكبر قضية محلية يمكن تجزئة التعاطي مع عناوينها”.
*أبو عماد رامز (قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة): “بالتأكيد، إنّ قضية اللاجئين الفلسطينيين تمثّل حالة فريدة لجهة أنّهم الوحيدون الذين أُنشئت لهم وكالة دولية تُعنى بشؤونهم وخدماتهم وإغاثتهم دون سواهم من اللاجئين في العالم، والذين يتبعون للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. بمعنى أنّ قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية سياسية بامتياز وفق قرار إنشاء وكالة الأونروا ٣٠٢ في ٨ كانون الأول من العام ١٩٤٩ الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهي وكالة مؤقتة إلى حين عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم التي طُردوا منها بفعل الإغتصاب الصهيوني لفلسطين عام ١٩٤٨. وعليه، فإنّ وكالة الأونروا هي شاهد الإثبات بامتياز على نكبة الشعب الفلسطيني منذ ٧٤ عاما.
من هنا، تتّضح بجلاء المساعي المحمومة التي تعمل عليها الدوائر الأمريكية والصهيونية للتخلص من هذا الشاهد الذي يبدّد ويفضح بل ينسف أسس الرواية الصهيونية القائمة على الأكاذيب والأضاليل، ولا سيما ما ذهب إليه هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول عام ١٨٩٧ (أنّ فلسطين أرض بل شعب، لشعبٍ بلا أرض). وتلك المساعي تسارعت بعد إتفاق أوسلو ١٩٩٣، عندما وافق من وقّع بإسم منظمة التحرير على تأجيل البحث في قضية اللاجئين من جملة قضايا لا تقل أهمية عن ما سُمّي آنذاك مفاوضات الحل النهائي بعد مرور خمسة سنوات على توقيع الإتفاق المشؤوم.
إنّ خطورة ما يبيّته المفوض العام للأونروا من نوايا تتمثّل بنقل خدمات الأونروا إلى منظمات دولية أخرى كمفوضية اللاجئين، هو في أن تتحول قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى قضية إنسانية بدل أن تكون قضية سياسية بامتياز. هذه الخطوة نرى فيها تناقضاً مع ما سبق ذكره في مضمون قرار إنشاء الأونروا عام ١٩٤٩، وتفوح منها شبهة التساوق مع المشروع الصهيو – أمريكي لشطب حقّ العودة.
وبالمناسبة، أقول خيراً فعلت الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين في اجتماعها الأخير في بيروت، بإعلان رفضها لخطوة نقل خدمات الأونروا إلى منظمات دولية أخرى. وندعو في السياق جموع شعبنا بمنظماته وهيئاته ومؤسساته إلى رفض كل ما شأنه طمس وتصفية قضية اللاجئين التي مثّلت ولا زال جوهر الصراع مع المشروع الصهيوني وكيانه الغاصب. كما ندعو إلى التمسك بالأونروا كشاهدٍ حي على قضيتنا إلى حين عودتنا إلى كل أراضينا الفلسطينية المحتلة”.
وسوم :
أبو عماد رامز, الأونروا, الإستيطان, الاحتلال الصهيوني, القدس, اللاجئون الفلسطينيون, حقّ العودة, خالد الخالد, دونالد ترامب, صفقة القرن, صمود, عبد الفتّاح إدريس, عوض أبو دقّة, فيليب لازاريني