حركة الجهاد الإسلامي وآفاق المستقبل الفلسطيني: لا خيار إلا المقاومة
ديسمبر 13, 2022 9:30 ص*قاسم قصير
في الانتفاضة الشعبية الأولى في فلسطين عام 1987 كان لحركة الجهاد الإسلامي دوراً مهما في إشعال الانتفاضة واستمراريتها، وقد كان لقادة “الجهاد” ومقاتليها ومقاوميها حضوراً مميزاً في أعمالها، وتحتفل الحركة في ذكرى تأسيسها كل عام مع إحياء ذكرى الانتفاضة السنوية، وخلال 35 عاماً تحوّلت الحركة من حركة نخبوية تجمع عدداً من المفكرين والعلماء والشباب والطلاب إلى تيار مقاوم وحركة جهادية منظمة لها حضور فاعل في النضال الفلسطيني داخل وخارج فلسطين.
فكيف تنظر “الجهاد الإسلامي” اليوم إلى التطورات الدائرة في فلسطين وتصاعد حركة المقاومة؟، وما هي الخيارات المطلوبة أمام القوى الفلسطينية لمواجهة التطرف الصهيوني ولا سيما بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وفوز بنيامين نتنياهو وحلفائه والسعي لتشكيل حكومة يمين متشدد؟، وإلى أين يتجه النضال الفلسطيني في المرحلة المقبلة؟.
مصادر قيادية في “الجهاد” تحدّثت لموقع صمود حول تقييم الحركة لما يجري ومواقفها من التطورات الحاصلة مؤخراً في فلسطين، وأوضحت المصادر ما يلي: تؤيد حركة الجهاد الإسلامي حالة المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية المحتلة، وتعتقد أنّها جزء أصيل من هذه الحالة النضالية، عبر مشاركة كتائبها المنتشرة في المحافظات، وعلى رأسها كتيبتي جنين ونابلس، وتعتبر أنّه يجب المحافظة عليها أولا، ثم العمل الجاد والدؤوب لضمان ديمومتها وزيادة فاعليتها وتصاعد نشاطاتها.
وتنظر حركة الجهاد الإسلامي بمنظور واحد نحو جميع الساحات الفلسطينية، وأنّ جميع هذه الساحات منوط بها المقاومة والدفاع عن شعبها في مواجهة العنجهية الصهيونية، وأنّه لا يجوز في أي حال من الأحوال السماح للعدو الصهيوني بالاستفراد بأي ساحة من ساحات الوطن، وقد عبرّت حركة الجهاد الإسلامي عن صلابة هذا الموقف من خلال معركة “وحدة الساحات” الأخيرة.
المقاومة المتحدة
وحول دور الحركة في المقاومة في الضفة، اعتبرت المصادر أنّه منذ عام 2015 والضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين تشهدان حالة من المشاغلة المستمرة للاحتلال، وكانت ذروة العمل المقاوم بعد معركتي “سيف القدس” و”وحدة الساحات” وتحرُّر أبطال “نفق الحرية” وتأسيس كتيبة جنين، واستنساخ هذه الكتيبة في عدد من محافظات الضفة الغربية ككتيبة نابلس ومجموعة عرين الأسود وغيرهما من المجموعات المقاومة، وترى حركة الجهاد الإسلامي أنّ المقاومة متصاعدة في كافة أشكالها، سواء المقاومة الشعبية، أو مقاومة الأسود المنفردة، أو المقاومة المنظمة التي ترعاها الحركة وفصائل المقاومة.
وعن علاقة حركة الجهاد ببقية فصائل المقاومة أشارت المصادر إلى أنّ الحركة تشدّد على ضرورة التعاون بين جميع تشكيلات المقاومة، ورأينا ذلك عبر النشاط المشترك لكتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، ولواء الشهداء التابع لكتائب الأقصى، وتؤيد حركة الجهاد كل اجتماع وطني يدعم النشاط المقاوم، وتدفع إلى الأمام كل خطوة تعزّز الربط بين ساحات المقاومة وفصائلها ومجموعاتها، والمقاومة هي الخيار الاستراتيجي الوحيد لمواجهة العدو حتى التحرير الشامل.
وحول الموقف من السلطة الفلسطينية ودورها، قالت المصادر: ترى حركة الجهاد الإسلامي بأنّ السلطة الفلسطينية تقف موقفاً سلبياً من المقاومة الفلسطينية، فهي تشارك الاحتلال في عملية تصفية المقاومة في الضفة، عبر استمرارها في نهج التنسيق الأمني معه، ضاربةً أواصر الوحدة الوطنية، ومهدّدةً لاستمرار حالة المقاومة، وللأسف تقوم أجهزة أمن السلطة باعتقالات مستمرة للنشطاء وملاحقة المقاومين ومحاولة إفشال مخططاتهم الجهادية، ومن جانب آخر تستخدم أسلوب الجزرة مع بعض المقاومين لدفعهم لتسليم سلاحهم مقابل العفو ودمجهم في أجهزة السلطة، وهذا ما يرفضه معظم المقاومين.
الشعوب لا تتبع حكّامها
وكيف تنظر حركة الجهاد لموقف الشعوب العربية والإسلامية ضد التطبيع ولا سيما ما جرى مؤخراً خلال مباريات المونديال في قطر، تجيب المصادر القيادية: الشعوب العربية والإسلامية تعبّر عن موقفها الأصيل تجاه فلسطين، حيث ترى بفلسطين القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وترفض حركة الجهاد كل أشكال التطبيع مع الكيان المؤقت، ولا تجد أي مبرر لأي طرف عربي أو إسلامي لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني حتى لو ضُبطت بأدنى درجات التعامل، وتعتبر ذلك خيانة للأمة وللشعوب الحرّة التي ترفض كل تعامل مع هذا الكيان المؤقت، ويفترض بالأنظمة العربية أن تعبّر عما تضمره الشعوب من إخلاص للقضية الفلسطينية، وهذا ما رأيناه في مونديال قطر وفي كثير من المناسبات الشعبية، ونحن نعتقد أنّ فلسطين ما زالت حية في الضمير العربي والإنساني، وأنّ تطبيع بعض الأنظمة مع هذا الكيان هو انسلاخ حقيقي عن هذا الضمير والهوية الإسلامية الجامعة الرافضة للاستعمار والاحتلال والدخيل الذي لا ينتمي لمكوناتها.
وحول أفق الصراع مع العدو الصهيوني بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة واحتمال تشكيل حكومة يمينية متطرفة، أوضحت المصادر القيادية في الحركة: ترى حركة الجهاد الإسلامي أنّ حكومة الاحتلال الجديدة هي الحكومة الأكثر تطرفاً وعنصرية على الإطلاق، على الرغم من اعتبار حركة الجهاد بأنّ جميع حكومات الاحتلال متطرفة ومجرمة، حيث لم تتوقف أي حكومة مهما كان لونها وشكلها عن ممارسة الإرهاب والإجرام والوحشية بحقّ الإنسان الفلسطيني وأرضه ومقدساته. وهذه الحكومة الأكثر تطرفاً يجب أن تدفع كل القوى الفلسطينية للوحدة والعمل على أساس برنامج وطني شامل لمواجهة هذا التطرف بحزم وحسم، مما يوجد حالة من الردع لحماية شعبنا، ولا خيار إلا المقاومة.
*كاتب لبناني
وسوم :
الاحتلال الإسرائيلي, السلطة الفلسطينية, الضمير, العدو الإسرائيلي, الكيان الصهيوني, المستقبل الفلسطيني, المقامة الفلسطينية, الهوية الإسلامية, اليمين المتطرف, حركة الجهاد الإسلامي, حكومة الاحتلال, سرايا القدس, عرين الأسود, فصائل المقاومة, فلسطين المحتلة, قاسم قصير, كتائب الأقصى, نفق الحرية, وحدة الساحات