فدائيّو القدس يؤدّبون “بن غفير”
فبراير 13, 2023 12:29 م*أحمد الطناني – غزة:
في ساعات ما بعد ظهر يوم الجمعة العاشر من شباط/فبراير الفائت، نفّذ الفدائي الفلسطيني الشهيد حسين قراقع من حي العيسوية في القدس المحتلة، عملية دهس بسيارته التي انطلق فيها باتجاه عدد من المستوطنين في محطة للحافلات في شارع سمّاه الاحتلال شارع “غولدا مائير”، في “حي راموت” الاستيطاني بالقدس.
منفّذ العملية ذو الـ30 عاما، الثائر والمُصاب سابقاً إثر اعتداء قوات الاحتلال عليه، وأحد مرابطي المسجد الأقصى، والرفيق المنخرط ضمن حراس المخيّم الناشطين في القلعة الحمراء “مخيّم الدهيشة”، ارتقى شهيداً برصاصات شرطة الاحتلال بعد أن قتل اثنين من المستوطنين وجرح 7 آخرين، ترك 3 منهم في حالة الخطر الشديد.
العاصمة تقاوم
منذ بداية العام الحالي، وُثّق في القدس تنفيذ 275 عملاً مقاوماً وفق إحصائية منشورة، منها 12 عملية إطلاق نار وعملية دهس واحدة، في ما يتوزع باقي العدد على العبوات محلية الصنع والزجاجات الحارقة والمفرقعات النارية وأنشطة المقاومة الشعبية.
خلّفت العمليات السابقة في القدس 9 قتلى في صفوف مستوطنين وجنود الاحتلال خلال أقل من شهرين من عمر الحكومة الصهيونية الفاشية التي تشكّلت من عُتاة المتطرفين الصهاينة، وأبرزهم المتطرف “إيتمار بن غفير” الذي تولى حقيبة “الأمن القومي”.
وعودات بن غفير
قدّم المتطرف “بن غفير” قائمة طويلة من الوعودات التي أطلقها قبل وبعد تولّيه الحقيبة الوزارية، لم يتوانَ فيها عن استخدام كل أفكار التطرف والإرهاب والفاشية في خططه التي أعدّها للانتقام من الشعب الفلسطيني، وتسريع تهويد واحتلال من ما تبقى من أرض وحجر.
لم يأخذ الصهيوني “بن غفير” العِبر من العديد من زملائه المتطرفين الذين سبقوه إلى مقاعد حكومية عبر تاريخ الكيان، وخرجوا من مسيرتهم يجرون أذيال الهزيمة والخذلان بتحطم أحلامهم الفاشية على صخرة صمود الشعب الفلسطيني وإصرار مقاومته وبطولة فدائييه.
لم ينجح “بن غفير” حتى الآن في تحقيق أي وعد من وعوده، وسط توتر كبير ينشأ بينه وبين مفوض الشرطة في دولة الاحتلال “يعقوب شفتاي”، على خلفية رفضه التعاطي مع قرارات “بن غفير” المتهورة، والتي لن ينتج عنها سوى المزيد من مُسرعات الانفجار في أحياء القدس التي تغلي كالبركان تحت الرماد.
يعي مفوض شرطة الاحتلال أنّ قرارات “بن غفير” بفرض الإغلاقات والعقوبات الجماعية على أحياء القدس وتسريع عمليات الهدم وتوسيعها، وزيادة الاحتكاك ما بين شرطة وجنود الاحتلال والمقدسيين، لن يفلح في خلق أمن وهمي يبحث عنه الوزير المأزوم في التعامل مع أهل القدس الذين لقّنوا الحكومات المتعاقبة العديد من الدروس في الصمود في جولات مختلفة كان أبرزها معارك البوابات الإلكترونية بالمسجد الأقصى، وصمود أهالي الشيخ جراح، سلون والخان الأحمر، ومواجهة إجراءات الإغلاق في باب العامود، وليس انتهاءً بمخيّم شعفاط وجبل المكبر.
فعليا، حقّق مخيّم شعفاط حالة من الردع لدى شرطة الاحتلال وأجهزة أمنه، إذ تحوّل الإغلاق الذي فرضته شرطة الاحتلال على المخيّم بعد عملية البطل “عدي التميمي” الأولى، إلى شرارة انفجار بدأت بعصيان مدني بالمخيّم وتحولت إلى إضراب شامل في عموم الضفة وموجة من العمليات استهدفت العديد من حواجز وقوات الاحتلال على امتداد الأراضي المحتلة، وهو ما أجبر الاحتلال لفك الإغلاق سريعاً والتراجع عن العقوبات الجماعية بحقّ أهل المخيّم، والأمر ذاته في حي “جبل المكبر” وتصديهم لعمليات الهدم التي دفعت إلى تجميد العديد من القرارات وتأخير عدد آخر من عمليات الهدم التي كانت مُقرة.
عملية (السور الواقي 2) والوزير الأضحوكة
على أثر العملية الأخيرة، أصدر وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال “إيتمار بن غفير” تعليمات للشرطة بالاستعداد لشن عملية “السور الواقي 2” في شرق القدس ابتداء من يوم الأحد الفائت.
تعليمات “بن غفير” هي تعليمات فارغة وغير مفهومة لا بالنسبة لشرطة الاحتلال ولا على صعيد المستوى السياسي في الحكومة، حول ما الذي يعنيه الوزير، بحملة جديدة تحمل اسم “السور الواقي” وهو اسم الحملة الكبرى التي شنّتها حكومة الاحتلال لإعادة احتلال مدن الضفة الغربية خلال انتفاضة الأقصى، ويبدو أنّ “بن غفير” بحث عن الـ”Show” الإعلامي بدون إدراك ما الذي يريده، ففعلياً القدس هي تحت سيطرة الاحتلال!.
الحديث عن “حملة السور الواقي 2” حوّل “بن غفير” إلى أضحوكة، نتج عنها موجة من التصريحات الناقدة كان أبرزها من رئيس حكومة الاحتلال السابق “يائير لابيد“ الذي غرّد بأنّ “وزير التيك توك وخبز البيتا يفترض إطلاق عملية “السور الواقي 2”. لا يوجد مجلس وزراء ولا تقييم ولا تنسيق بين قوات الأمن. إن لم يكن الأمر خطيرا، فسيكون ذلك سخيفا”، في ما غرّد البروفيسور في العلوم السياسية “باراك مندلسون” بأنّ “اليهود النازيين من أمثال “بن غفير” لا يجيدون إلا الشعارات. عن أي عملية “سور واقٍ” يتحدث؟!”.
وفي تعقيب آخر أوضح مسؤول سياسي كبير بأنّه “لا يوجد “سور واقٍ 2″، ولا يمكن الإعلان عن مثل هذه العملية من أرصفة الشوارع، ولا تُتَّخذ مثل هذه القرارات في موقف الباصات عند وقوع عملية”. أما مراسل “والا” العبري “باراك رافيد” فقد أعتبر “تصريحات “بن غفير” ناتجة عن ضغوط، تنتج عنها التصريحات الفارغة”.
القدس برميل البارود الذي سيحرق المنطقة
تعي كل أجهزة الأمن في دولة الاحتلال أنّ القدس ليست عنواناً هامشيا، ولا عنواناً يمكن العبث فيه، وأنّ التعامل مع القدس لا يجري وفق ردات الفعل الغوغائية، ولا التصريحات الشعبوية ومزاودات الاستهلاك الإعلامي بين سياسيي الكيان.
تمثّل القدس برميل بارود ضخم، لا يمكن تقدير حجم أبعاد وتأثير انفجاره، فلا تمثّل القدس عنوان الإجماع لدى الفلسطينيين فقط، بل عنوان إجماعٍ لكل العرب والمسلمين في العالم، وانفجارها يعني بلا شك زلزالاً سيهز المنطقة كلها، وستصل ارتداداته إلى كل العالم.
أهمية وحساسية القدس دفعت برئيس وزراء الاحتلال إلى تعطيل مجموعة من المشاريع والقرارات التي كان من المنوي تنفيذها بالعاصمة وأحيائها، حيث طلبت الحكومة تأجيل هدم الخان الأحمر، كما عطّل “نتنياهو” عدداً من قرارات الهدم بعد إشارات رصدتها أجهزة الأمن الصهيونية حول حساسية التوقيت وحجم الضغط الذي بدأ يتولد لدى المقدسيين بشكل خاص، والفلسطينيين عموما، واقتراب شهر رمضان وأجندته المشتعلة.
لن تكون الأيام القادمة سهلة، كما لن تكون القدس لقمة سائغة لـ”بن غفير”، ولا عطايا مجانية من “نتنياهو” لحلفائه في الحكومة، بل إنّ صخرة الصمود المقدسية ستتحول إلى العنوان الذي سيؤجج ويشد أزر كل الفلسطينيين للانخراط في انفجار واسع باتت بوادره تتضح يوماً بعد يوم، وهو ما استدعى تحرك على رأسه الولايات المتحدة وتشارك فيه كل من مصر والأردن، والعديد من اللاعبين في المنطقة، لنزع فتيل الانفجار القادم.
*كاتب فلسطيني
وسوم :
أحمد الطناني, ارتدادات الزلزال, الشعب الفلسطيني, الصمود الفلسطيني, الغوغائية, القدس, المتطرّف بن غفير, المتطرفون الصهاينة, المسجد الأقصى, انتقام, تأديب, تهديدات بن غفير, جبل المكبر, صمود, عمليات الهدم, فتيل الإنفجار, فدائيو القدس, وعود بن غفير, يعقوب شفتاي