مأزق نتنياهو.. مأزق “إسرائيل”
أبريل 17, 2023 5:35 ص*أحمد حسن
بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة “الإسرائيلية”، وزّع في مؤتمره الصحافي الأخير اتهامات بمسؤولية ما يحدث على الجميع، وبالطبع لم يسلم منه أحد إلا شخصه فهو بريء مما يحصل.
صك البراءة الذاتية هذا يبدو أمراً عادياً ومفهوماً في أي دولة عادية يخوض ساستها منافسة عادية بغض النظر عن مستوى شراستها، لكنّه في حالة الكيان ليس كذلك، بل إنّه لا يعدو أن يكون دليلاً جديداً على الانحدار والضعف الذي وصل إليه هذا الكيان سواء في أزمته السياسية الداخلية أم في مكانته الإقليمية والدولية التي يقرّ الجميع، بمن فيهم هو ذاته، بتراجعها المريع، والأخطر من ذلك يبدو أنّ هذا الضعف والتراجع قد أصاب، في مكان ما، “وعي” جماعي “إسرائيلي” باقتراب النهاية، وهو أمر تدعمه “الميثولوجيا التاريخية” عن قصة الثمانين عاماً كعمر أقصى لـ”الكيانات” السابقة، كما تدعمه حقيقة عالم يفقد فيه الغرب، باعتباره المشرف الأساس على هذا الكيان، سطوته العالمية.
فأن يقول شخص مثل “نتنياهو” أنّ الضربات التي نفّذها سلاح الجو مؤخراً هي “رسالة لحماس إزاء الثمن الذي سنجبيه منها لاحقاً إذا ما احتجنا إلى ذلك، وأنّ الرسالة تمّ استيعابها”، ليس أمراً عادياً في حالة “كيان” قائم على مفهوم القوة وحقّ الاعتداء المطلق على كل فرد أو دولة في المنطقة دون خوف من حساب أو عقاب، وذلك، بالمحصلة، دليل ضعف وتراجع بيّن في القدرة على الفعل يؤكده تعهّده بـ”ترميم الردع الإسرائيلي” من حيث كون هذا التعهّد اعترافاً صريحاً بالوهن، ربما كان أبرز أدلته قرار حكومته ذاتها “بمنع المستوطنين من دخول الحرم القدسي خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان”، خاصة وأنّ هذا القرار جاء إثر توصية من المؤسسات الأمنية المعنية التي قرأت جيداً على ما يبدو إمكانية انفجار إقليمي لن يكون في مصلحتها إطلاقا، بعد أن كشفت أحداث الأيام الماضية أنّ قرار “وحدة الساحات” الإقليمية والفلسطينية الداخلية قد وُضع موضع التنفيذ، وليس أمراً عابراً في حقيقة وعي “الكيان” لذاته وقوته أن تسارع المؤسسة الأمنية، وهي من هي، بتكذيب علني لـ”نتنياهو” قائلة “أنّها لم تهاجم أي بنية تحتية لحزب الله في لبنان، والأهداف التي تمّت مهاجمتها في لبنان تابعة لحماس”.
والحال، فإنّ الرجل ليس وحده في الانفصال عن الواقع فهذا “مئير بن شبات” رئيس معهد الاستراتيجية الصهيونية والأمن القومي وهو مستشار سابق للأمن القومي، يلحقه في ذلك أيضاً بعد أن دعا لوضع خط أحمر مقدماً عدة توصيات كي لا يتكرر سيناريو هبة الكرامة في أيار/مايو عام 2021، وهي توصيات يمكن اختصارها بالتوصية الأولى المتعلقة بأن “تبثّ الحكومة رسالة، مفادها أنّها مسيطرة”، وهذا كلام معقول، لكن وكما أسلفنا في دولة عادية، لأنّ “بن شبات” فاته، كما سواه، وهو ينثر حكمته هذه، أنّ الوقت قد فات على ذلك، ليس خارجياً فقط بل داخلياً أيضاً لأنّ الشرخ الداخلي أصبح أصعب من محاولة رأبه.
محصلة القول، التراجع الإسرائيلي في الأقصى، ولنقل بتحديد أدق: الهزيمة فيه، هي عينة عن القادم، فهذه الضفة الغربية تتحرك أيضا، وبزخم كبير، ماضية في تصعيد “ثورتها”، في ما “ساحات” الخارج تصبح عصيّة أكثر فأكثر على مبدأ “الحرب بين الحروب” مستغلة حقيقتين أولهما “التراجع” الأمريكي النسبي عالميا، وثانيهما، اشتداد وعي أطرافها باللحظة التاريخية لتقول بدورها: حسناً فليكن “رمضانا” مختلفاً ولتكن حرباً واحدة.
*كاتب سوري
وسوم :
أحمد حسن, الردع الإسرائيلي, الكيان الإسرائيلي, المسجد الأقصى, الميثولوجيا التاريخية, الهزيمة, بنيامين نتنياهو, حكومة نتنياهو, حماس, صمود, فلسطين المحتلة, لبنان, مئير بن شبات, مقاومة, هبة الكرامة, وحدة الساحات