المواويل الفلسطينية بنكهة الزعتر والميرامية
يونيو 2, 2023 7:06 ص*حمزة البشتاوي
فرضت الظروف والأوضاع السياسية والإجتماعية إهتماماً أكبر من قِبل الشعب الفلسطيني بالثقافة والتراث والفن، للدفاع عن أرضهم والتمسك بها بكافة الوسائل والأشكال، ومنها الأناشيد والاغاني والمواويل.
وارتبطت المواويل الفلسطينية قديماً وحديثاً بالقضايا الوطنية والسياسية والإجتماعية بمضامين ملتزمة بهموم الناس وتطلعاتهم، واستُخدمت فيها الكثير من الرموز والمفردات المتعلقة بالمسيرة الكفاحية للشعب الفلسطيني كمفتاح العودة والكوفية والبارودة والزيتون والحجر ورسّختها في ذاكرة الأجيال من خلال حضورها الدائم في الأعراس والمناسبات الوطنية والإجتماعية.
وتعكس المواويل الفلسطينية بشكل فني جميل حقيقة واقع وحياة الشعب الفلسطيني منذ ما قبل النكبة واللجوء القسري خارج البلاد، وما زالت حتى يومنا هذا تُعتبر أحد أهم الأشكال الفنية في أعمال التعبئة وبث روح الأمل والتفاؤل وشحن العواطف والعقول.
وتنوعت المواضيع التي تناولتها المواويل الفلسطينية عن الأحداث ومواسم الحصاد والعادات والتقاليد وبرز في المواويل والزجل الشعبي الفلسطيني العتابا والميجانا و(الحِدا) وهي كلمة مأخوذة من الحادي الذي يتقدّم الإبل وهو يغني في القوافل، ويتمتع بالقدرة على إرتجال العتابا والمواويل. ومن أشهر الفنانين في هذا المجال الشاعر والفنان يوسف علي حسونه المعروف بـ يوسف الحسون “أبو علاء” أو حادي فلسطين. وكان صاحب مدرسة مميزة بالشعر الشعبي والعتابا والمواويل وأرخى بشعره ومواويله على الحكاية الفلسطينية في السيرة والمسيرة والمحطات والأحداث السياسية المرتبطة بالقضية الفلسطينية، ومن أشهر أعماله الفنية كان برنامجه (غنّى الحادي) على إذاعة صوت فلسطين والذي كان يبدأ بموال:
حيّاكم الله ومرحبا
حيّا الرجال الصامدين
جينا على إسم الفدا
نعطي الجماهير اليقين
بشمالنا غضن الزتون
البندقية باليمين.
كما عُرف أيضاً في المواويل الفلسطينية الفنان الشعبي أبو عرب بمواويله المستمدة من التراث الشعبي الفلسطيني، وهذا ما جعلها تحظى بالإنتشار الواسع بسبب وضوح الكلمة وجمالية وقوة الصوت المدافع عن فلسطين والناس والفدائيين والمخيّمات، ومن أبرز مواويله:
يا داري مهما طال البعد لاجي
ودمعي بفرقتك عالخد لاجي
ما عدت أنا أعيش باسم لاجي
لا بد ما نعود لو طال الغياب.
وعُرف أيضاً في كتابة الشعر الشعبي والمواويل الشاعر نوح إبراهيم المولود في حيفا عام 1911، وكان قد التحق بثورة القسّام عام 1931 وشارك في ثورة العام 1936، ومن أشهر قصائده ومواويله:
من سجن عكا طلعت جنازة
محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي
المندوب السامي وربعه عموما
محمد جمجوم مع عطا الزير
فؤاد حجازي عز الذخيرة
انظر المقدم والتقاديري
بحكام الظالم تيعدمونا.
وتبقى المواويل الفلسطينية حاضرة في الذاكرة والبال كشمس عكا التي لا تغطيها الشماسي، وتفوح منها بحب وحنين رائحة الزعتر والميرامية بإبداع أصيل يحفظ الحكاية ويحافظ على التراث والهوية.
*كاتب وإعلامي
وسوم :
أبو عرب, الاحتلال الصهيوني, الشعب الفلسطيني, الشعر الشعبي, الفنون الفلسطينية, القضية الفلسطينية, المواويل الفلسطينية, حادي فلسطين, حمزة البشتاوي, نكبة فلسطين, يوسف الحسون