ما تبقّى لنا من أغاني ومراجيح العيد

التصنيفات : |
يونيو 28, 2023 5:47 ص

*حمزة البشتاوي

ضاقت المساحات التي كانت تُنصب فيها المراجيح وألعاب العيد وأغنياته في المخيّمات الفلسطينية في لبنان، وعلى رغم هذا الضيق الخانق، فإنّ العيد ما زال يشكّل فرصة شبه مؤكدة للفرح واللعب وشراء ثياب جديدة والحصول على “العيدية”، ومرافقة الأهل لزيارة مقابر الشهداء وتناول الحلوى وكذلك وجبة دسمة مليئة باللحم في اليوم الأول أو الثاني من أيام العيد، والأهم من ذلك كله بالنسبة للأطفال هو التوجه إلى ما تبقى من مساحات في المخيّم من أجل اللعب، حيث دخلت ألعاب جديدة منها إلكترونية ومنها تقليدية، إضافة للصعود إلى “التوك توك” للقيام بجولة في محيط المخيّم، بعد أن كانوا قديماً يركبون على الحصان، كما يفضل أطفال المخيّم في العيد ركوب المراجيح التي يغنّون مع صاحبها الأغاني الخاصة بالعيد ومنها أغنية عكاوية قديمة تبدأ بـ”يويا” وهي كلمة آرامية تعني إن أراد الله أو إن شاء الله، وتقول الأغنية:

“يا ولاد حارتنا يويا

شدو طارتنا يويا

طارتنا حديد يويا

واليوم عيد يويا

كسروا قرعتنا يويا

متل الفلينة يويا

فلينة مين يويا

حج اسماعيل يويا

اسماعيل ما مات يويا

خلّف بنات يويا”

وغيرها من أغاني العيد القديمة التي يرددها الأطفال أثناء اللعب، كما أنّ الأغاني لديهم أصبحت أكثر تنوعاً وفيها ما هو مرتبط بالطفولة وبالواقع اليومي لمخيّمات اللجوء ومنها أيضاً ما يتعلق بالمقاومة والكفاح الوطني الفلسطيني مثل أغنية:

“أنا طفلة فلسطينية              بحارب مع الفدائية

أنا عمري تسع سنين           قلبي صوان متين

ما بحمل فرد فلين               برمي قنابل يدوية

أنا عمري ما بخاف            ولا بتخبى تحت لحاف

والصهاينة قبالي ضعاف      بكفي أنا فلسطينيةّ

وما يخفف من الأثر العنيف لتلك الأغاني على الحالة النفسية لأطفال المخيّم هو أنّها جزء من الواقع الذي يشاهدونه على شاشات التلفزيون لما يجري داخل فلسطين، وانتشار ملصقات صور الشهداء  في أزقة وشوارع المخيّم، إضافة لكون تلك الأغاني تحولت بشكل كبير من مناجاة الأرض والتراث والحب والمناسبات الوطنية والإجتماعية إلى مناجاة البندقية وتوثيق معاناة اللجوء والنضال الوطني، وهذا التحول يمكن ملاحظته في أغنية لفرقة العاشقين (كنّا نغنّي) والتي يقول مطلعها:

“كنّا نغني بالعراس

جفرا عتابا ودحية

صرنا نغنّي بالرصاص

عالجهادية عالجهادية”

وطرأ أيضاً تحول كبير في إقبال الأطفال على الألعاب التقليدية، حيث أصبحوا يفضلون بدل ألعاب الدمى والكرات أو الدراجات الهوائية، البنادق والمسدسات، ويلعبون لعبة عسكر وحرامية وينقسمون إلى فريقين واحد يمثّل المقاومة والثاني يمثّل جنود الاحتلال، وتبدأ بعدها المعارك باستخدام مختلف أنواع الأسلحة البلاستيكية والكرتونية، داخل أزقة المخيّم، ويتخلل تلك المعارك الكثير من الصراخ والمفرقعات، مما يستدعي تدخل الأهالي محاولين إقناعهم بهدنة أو حتى وقف مؤقت لإطلاق النار، ولكنّهم يرفضون، لأنّ فرحة العيد والرغبة في تقليد المقاومين وهزيمة جيش الإحتلال تستحوذ على تفكيرهم وعلى حياتهم اليومية المليئة بالتحديات وأغاني العيد والثورة والبنادق والمفرقعات والصعوبات والإصرار على الفرح واللعب، حتى يكبروا وتكبر فيهم روح العلم والثقافة وأغاني العودة التي يدقون من خلالها ناقوس الأمل نحو الوطن الذي يحلمون به وبأعياده الجميلة القادمة ولو بعد حين.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,