أغلبهم من السوريين.. الهجرة غير القانونية إلى أوروبا مستمرة في الشمال اللبناني

التصنيفات : |
نوفمبر 20, 2023 6:50 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

ينقل بعض وسائل الإعلام أخباراً حول قيام الأجهزة الأمنية اللبنانية بمنع زوارق من الإبحار باتجاه القارة الأوروبية بطرق غير قانونية وهي تحمل أعداداً من المواطنين الذين يودون الوصول إلى حلم “الجنة الموعودة” هرباً مما يعيشونه في “جهنم”.

في ما تحمل وسائل إعلامية أخرى أخباراً عن غرق زوارق أمام الشواطىء الأوروبية.

ويبدو أنّ معظم هذه الهجرة غير القانونية يجري في مناطق الشمال اللبناني. وتنشط عمليات التهريب منذ بدء الحرب على غزة في السابع من تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي، ويتردد في أوساط اللاجئين السوريين والفلسطينيين مخاوف من توسّع الحرب في لبنان، لذا تنشط حركة الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبية مع تطور الحرب في غزة وعلى الجبهة الشمالية ما يزيد من مخاطر الموت في البحر غرقاً وينبئ بتفاقم مشكلة اللجوء غير الشرعي إلى أوروبا لأعداد كبيرة من المهاجرين الطامحين لحياة أكثر أمناً واستقرارا.

تقول أم حسام (اسم مستعار): “وأخيراً وصل ابني حسام إلى ألمانيا، بعد أن بقي نحو عام في اليونان، وأرجو أن يهتم به أحد أقربائي هناك”.

ويبلغ حسام 13 عاما، فقد والده منذ خمسة أعوام، وفضّلت والدته الأرملة أن تبيع مصاغها وتدفع لابنها تكاليف الهجرة غير القانونية كي يعيش بكرامة، كما تتوقع في أوروبا.

وحسام واحد من عشرات الأطفال الذين حاول أهلهم إيصالهم إلى الجنة الموعودة.

معظم الركاب من الجنسية السورية، يليهم لبنانيون، وقلة من الجنسية الفلسطينية

يقول أحد الناشطين في طرابلس: “لعلك تذكر الكارثة التي وقعت منذ أكثر من عام وأودت بحياة الكثيرين بسبب غرق أحد المراكب الذي كان ينقل عدداً كبيراً من المهاجرين، يومها توقّعنا أن يقف خط تهريب البشر غير القانوني، لكن ذلك لم يحصل، بعد الكارثة بيومين تحركت مراكب أخرى، وأوقفت الأجهزة الأمنية مراكب أخرى أيضا”.

وعند السؤال عن أصحاب المراكب، يجيب: “إنّ أصحاب المراكب لبنانيون، لكن لا تسألني إذا كانوا يحظون بحماية أم لا، أنا أجهل ذلك، أما الركاب فمعظمهم من الجنسية السورية، يليهم لبنانيون، وقلة من الجنسية الفلسطينية”.

وعن آلية التواصل مع أصحاب المراكب، يوضح الأمر بالقول: “هناك سماسرة لبنانيون وسوريون، ولكن لا يوجد تحديد لكلفة الهجرة، البعض يقول إنّه دفع خمسة آلاف دولار، والبعض الآخر دفع ثلاثة آلاف دولار، ولا توجد ضمانة لوصولهم إلى الشواطىء الأوروبية”.

وتقول إمرأة فلسطينية: “لقد قلّ عدد الفلسطينيين الذين يحاولون الخروج من لبنان بطريقة غير قانونية وخصوصاً من مخيّمي البداوي والبارد، بسبب حالات الغرق الجديدة التي حصلت مؤخرا. في فترة سابقة كان عدد كبير من الفلسطينيين يعمل كوسيط بين الناس وأصحاب المراكب، وكان يأتي عدد من المهاجرين الى الشمال من مخيّمات فلسطينية مختلفة، لكن الآن أعتقد أنّ هناك وسيطين فقط يعملان لحساب وسطاء لبنانيين لقاء مبالغ قليلة من المال”.

ويقول أحد الفلسطينيين: “حاولت الخروج من لبنان أربع مرات بطرق غير قانونية ولم أوفق، كل مرة تحصل حادثة تأخير أو مشكلة أمنية تمنعنا من الإبحار، ويبدو أنّ هذه الوسائل باتت غير آمنة، لذلك أفضّل الخروج من لبنان بطريقة شرعية إلى إحدى الدول، ومن هناك أصل تهريباً إلى ألمانيا”.

ويبدو وكأنّه يؤشّر إلى الوصول قانونياً إلى تركيا ومن هناك يحاول الوصول إلى ألمانيا.

لبنان يمر بظروف أمنية صعبة قد تجعل من وجودهم كارثة، فيلجأون إلى مختلف الوسائل للوصول إلى “الجنة الموعودة”

الهجرة السورية تزداد بسبب الأوضاع الأمنية

تفسر إحدى الناشطات سبب كثافة الهجرة من قِبل السوريين بالقول: “هم يعتقدون أنّ لبنان محطة لهم بعد خروجهم من وطنهم، وخصوصاً أنّ لبنان يمر بظروف أمنية صعبة قد تجعل من وجودهم كارثة، فيلجأون إلى مختلف الوسائل للوصول إلى “الجنة الموعودة”، ويعود ارتفاع عدد اللبنانيين الذين يحاولون الهجرة بهذه الطريقة إلى الإنهيار الإقتصادي والمالي الكبير وغياب فرص العمل لذلك نلاحظ من خلال الكوارث التي حصلت وجود عائلات كاملة باعت منازلها وممتلكاتها وحاولت الخروج من لبنان، بغض النظر عن النتائج  التي قد تحصل لهم”.

“لا أرى خلاصاً لنا سوى بالرحيل إلى بلدان أخرى مثل أوروبا أو كندا أو أي بلد يمكن الوصول إليه”
(لاجئ فلسطيني)

ويقول أحد الفلسطينيين: “لا أرى خلاصاً لنا سوى بالرحيل إلى بلدان أخرى مثل أوروبا أو كندا أو أي بلد يمكن الوصول إليه”.

وتقول سيدة فلسطينية: “نحن لا نريد أن نموت في البحر، بعضنا يبيع منزله ليدفع لسمسار ما، وأحد اللاجئين في أحد المخيّمات باع كليته ليدفع كلفة الهجرة، لكنّ الغرق كان من نصيب أحد أفراد عائلته”.

ويضيف فلسطيني آخر: “نحن محرومون من العيش بكرامة، بعضنا يعيش في سجن كبير، وجاءت الأحداث الأخيرة لتزيد من همومنا، لا نستطيع أن نستمر بمثل هذه الظروف”.

معظم الذين تواصلنا معهم، لم يؤكدوا وجود تواطؤ رسمي يسمح بإبحار المراكب بطريقة غير قانونية، لكنّ أحدهم صمت برهة، وقال: “أنت تذكر سابقاً أنّ عدداً كبيراً من اللاجئين ترك لبنان منذ سنوات وعبر سمسار معروف من دون ختم جوازات سفرهم وكانت هجرتهم عبر المطار، أما الآن فالهجرة عبر البحر ولا أحد يحسم إذا كان هناك تواطؤ أم لا، على كل حال أعداد الفلسطينيين المهاجرين يتناقص ولا أحد يعلم ماذا يخبّئ المستقبل لنا، بعد الأحداث الأخيرة التي تحصل في قطاع غزة”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,