مفهوم إدارة النزاع بين استرجاع الحقوق والاستسلام
ديسمبر 23, 2023 11:25 ص*وفيق هوّاري – صمود:
في بداية الألفية الثالثة، نشطت منظمات دولية ومحلية في تدريب المواطنين على حقوق الإنسان والتواصل الإيجابي وإدارة النزاعات بطرق سلمية.
شاركت في إحدى الورش التدريبية حول إدارة النزاعات، وكيف يمكن تجنب اللجوء إلى العنف لحل أي نزاع، والأساليب التي يمكن استخدامها للوصول إلى تسويات بطرق سلمية.
وكانت المشكلة المطروحة دوما، هي الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وهل من إمكانية لإزالة الاحتلال بطرق سلمية؟.
بعض المدربين كانوا يلوذون الصمت، والبعض الآخر كان يهرب من الإجابة بالقول: “إنّنا نتحدث عن النزاعات الداخلية”، وبعض المدربين قال: “إنّ المقاومة حقّ من حقوق الانسان الذي تحميه القوانين الدولية”.
كان يبدو أنّ الأرضية الأساسية للتدريب هي بناء قاعدة تُبنى عليها ثقافة السلام المزيف وليس السلام العادل الذي يعيد الحقوق لأصحابها.
في العام 2014، طلبت مني إحدى الجمعيات المحلية تدريب مجموعة من الشباب على إدارة النزاعات والتواصل الإيجابي، بعد حصول الجمعية على دعم من منظمة دولية.
تمّ التدريب وفق البرنامج المتفق عليه مع الجهة الداعمة، وهو يدور حول العناوين العامة، لكن خلال التدريب كنت أوضح الفرق بين نزاع داخل الأسرة أو المجتمع المحلي والوطني وبين النزاع مع عدو اغتصب أرضاً وطرد شعباً وانتهك حقوق الإنسان التي يتغنون بها. كما دار نقاش واسع حول الحقّ بالمقاومة وفق القوانين الدولية، ومتى يمكن استخدام العنف لاسترجاع الحقوق.
بعد انتهاء الورشة التدريبية حضر وفد من الجهة المانحة لإجراء تقييم للتدريب مع المشاركين والمشاركات، وأجرى الوفد لقاءات مع ثمانية مشاركين ومشاركات وانصبّ النقاش الأساسي حول: كيفية التعاطي في النزاع مع العدو الإسرائيلي بعد الخضوع للتدريب.
كانت أجوبة المشاركين والمشاركات واضحة بين كيفية التعاطي مع النزاع في الأسرة أو المجتمع وبين التعاطي مع محتل لأراضي شعب آخر.
ماذا كانت النتيجة؟
توقفت العلاقة مع الجمعية المحلية وطُلب عدم الاتفاق معي على أي ورشة تدريبية مقبلة.
ماذا يعني هذا الكلام الآن؟
يعني أنّ محاولة نشر ثقافة السلام الخاضع لسياسة المحتل بدأ العمل عليها منذ زمن بعيد، وأنّ التطبيع الجاري حالياً بين المحتل الإسرائيلي وبين عدد من الأنظمة يأتي في هذا السياق، كما تأتي ثقافة إدارة النزاع بطريقة سلمية مع مرتكب جرائم ضد الإنسانية.
أذكر خلال الحوادث التي جرت في سوريا خلال العقد الأخير، كم من حلقات نقاش ومؤتمرات عُقدت لكشف أيديولوجية وممارسات مجموعات التطرف الإسلامي من النصرة وداعش والقاعدة وغيرها، والآن الصمت هو سيد الموقف تجاه ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة من انتهاكات لحقوق الإنسان ومن جرائم ضد الإنسانية، وإنّ جُلّ ما يحصل هو كيف نؤمّن بعض المساعدات لمن اضطُّر للنزوح من منزله في الجنوب اللبناني المشتعل بنيران العدو الإسرائيلي.
وسوم :
إدارة النزاعات, احتلال, الاحتلال الإسرائيلي, التطرف الإسلامي, السلام المزيف, القوانين الدولية, ثقافة السلام, حقوق الإنسان, صمود, فلسطين المحتلة, لبنان, مساعدات إنسانية, مقاومة, نزوح, وفيق هوّاري