“إسرائيل” تقصف الجنوب ومنظمات تروّج لثقافة السلام معها

*وفيق هوّاري – صمود:

منذ نحو ثلاثة أشهر وأهالي غزة يتعرضون لحرب إبادة من قِبل العدو الإسرائيلي، الذي يرتكب جرائمه ضد الإنسانية، سقط فيها حتى اللحظة أكثر من عشرين ألف شهيد، بينهم أكثر من عشرة آلاف طفل. وفي الجنوب اللبناني  تسبب القصف الإسرائيلي في استشهاد عشرات المواطنين والمواطنات وجرح المئات  أيضا، ونزوح أكثر من سبعين ألفاً من منازلهم في بلدات حدودية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في  الوقت نفسه تعمل بعض المنظمات الدولية والمحلية، للترويج لـ”إسرائيل” والتطبيع مع ثقافتها وتوزع كتيبات تحمل أعلاماً إسرائيلية. وتحويل الخلاف إلى “اختلاف” مع الكيان الصهيوني الذي قام بتشريد مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني عام 1948 واحتل أرضهم التاريخية.

مناسبة هذا الحديث أنّ أحد الأصدقاء اتصل بي منذ نحو شهر وأخبرني أنّه كان في المكتبة العامة لبلدية صيدا يفتش عن أحد الكتب، عندما اقتربت منه فتاة وسألته إن كان يحسن القراءة باللغة الفرنسية، وأطلعته على أحد الكتيبات الموجودة في المكتبة، وسألته لماذا العلم الإسرائيلي موجود في الكتيّب، واسم “إسرائيل” بديلاً عن فلسطين؟.

أضاف الصديق: “أُصبت بالدهشة عندما رأيت الكتيّب، وفيه كتابة عن كيف نصلّي ونعبد الله عند عدد من الدول ومنها الكيان الصهيوني، حتى أنّ الإشارة إلى إحدى الدول العربية، كانت باستخدام اللغة العربية بشكل معكوس”.

قال الصديق: “راجعت المتطوع الذي كان في المكتبة، فأشار إلى  مجموعة من الصناديق الكرتونية التي تحوي الكتيّب المذكور وكان عددها 15 صندوقا”.

ولما كانت إدارة المكتبة العامة منوطة بإحدى الجمعيات المحلية، سارعت، وبعد ذهاب صديقي، بالاتصال بأحد مسؤولي الجمعية وشرحت له الموضوع، لم يكن على علم بذلك، وقال إنّ الكتيّبات قد تبرّع بها نادي روتاري صيدا لتوزيعها على الأطفال، ووعدني بالاتصال بنادي روتاري لسحب الكتيّبات من المكتبة.

من جهة أخرى، وعبر إحدى الصديقات، أرسلنا رسالة لمسؤولة نادي روتاري/ صيدا، سالي زعتري مع صور من داخل الكتيّب، لكنّ الصديقة لم تحصل على جواب.

عدنا واتصلنا مع مسؤول الجمعية المكلّف بالمكتبة واتفقنا معه على إتلاف الكمية بأسرع وقت ممكن وعدم تسريبها لزوار المكتبة وخصوصاً الاطفال.

ثم اتصلنا مباشرة بمسؤولة نادي روتاري المذكورة التي قالت إنّ لا علم لديها بالكمية الموجودة، وإنّ مسؤول الجمعية المكلّف بالمكتبة العامة أخبرها أنّ هناك كتيّب واحد، وشكّكتْ بالرقم الذي أبلغناها به، لكنّها ذكرت في لقاء مباشر معها أنّها دفعت مبلغاً من المال لقاء 1000 نسخة من الكتيّب، وشكّكتْ مجدداً بالمعلومة وقالت: “كان من المفترض تصوير الكمية الموجودة في صناديق كرتونية”.

ووصلت معلومات تفيد أنّ نادي روتاري/ لبنان قد وزّع كميات من هذا الكتيّب على مؤسسات أخرى بلغ عددها سبع مؤسسات.

تواصلنا مجدداً مع مسؤولة روتاري/ صيدا للسؤال عن الجهة التي سلّمتها كمية الكتيّبات وإسم المعني للتواصل معه لمعرفة أماكن التوزيع الأخرى وكيف يمكن وقف التوزيع، لكنّها اعتذرت عن إعطاء إسم أو رقم هاتف أي معني بالموضوع وطلبت تزويدها بالمعلومات وأنّ نوادي روتاري تتصرف حينها.

تمّ الحصول على إسم ورقم هاتف أحد المعنيين وإسمه هاغوب يعقوبيان وجرى التواصل معه لأكثر من مرة لكنّه لم يُجب على الاتصال.

ما حصل، يطرح سؤالاً عن دور وزارة الداخلية وهي المعنية بمراقبة ما يدخل إلى لبنان من  المطبوعات، وعن دور وزارة الثقافة في هذا المجال.

وكيف توزّع جهات لبنانية مثل هذا الكتيّب من دون الاطلاع على ما يتضمنه من معلومات ومواضيع، وكان المقصود تعويد الأطفال على تقبّل العدو الإسرائيلي وثقافته.

من جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أنّ اللجنة الدولية لنوادي الروتاري في العالم، أصدرت بياناً بعد السابع من أكتوبر تؤيد فيه ما تقوم به “إسرائيل” من أعمال تشكّل جرائم ضد الإنسانية، وقد اتخذ نادي روتاري/ صيدا قراراً بتجميد أعماله، لكنّ ذلك لا يلغي مسؤوليته عما حصل في موضوع الكتيّب.