ما بعد الـ”138″ يوماً
فبراير 21, 2024 6:25 ص*أيمن الخطيب
لم يكن يتوقع أشد المتفائلين من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ولا أشد المتشائمين، أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستستغرق كل هذا الوقت مع كل ما يترافق معه من كلفة بشرية وعسكرية وسياسية وإقتصادية وأخلاقية أيضا.
الحديث هنا عن أكثر من أربعة أشهر، وهي المرة الأولى التي يخوض فيها الاحتلال جبهة حرب طويلة زمنيا، والمرة الأولى التي تُظهر فيها حركات المقاومة الفلسطينية هذا القدر من الصمود والقتال دون مؤشرات واضحة على استنزاف بنيتها العسكرية أو معنوياتها القتالية. ما يعني أنّ هناك ضرورة لإعادة فهم ما يحدث ضمن الصورة الأوسع والأشمل.
واضح أنّ الحرب لم تعد محصورة في غزة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، لا سيما في ظل اتساع رقعة الحرب إقليمياً ودولياً وظهور لاعبين جدد توحّدهم مصالح مشتركة، ولكل طرف فهمه لشكل النظام العالمي الجديد.
بالعودة إلى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتينياهو، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وحديثه عن أنّ معركة غزة تحمل في جوهرها شرق أوسط جديد، ثم تتبُّع سِيَر الأحداث نجد أنّ قطاع غزة وحركة حماس جزءاً من تقدير أمني يجب معالجته بالنسبة للإسرائيليين، ويجب فصله عن عمقه في محور المقاومة بالإقليم. لكن ما تريده “إسرائيل” عبر حرب الإبادة الجماعية هو أبعد من ذلك ويتساوق مع مشروع الهيمنة الغربي الذي يرى في الحرب على في غزة وإعادة تشكيل المنطقة والسيطرة على مصادر الطاقة والغاز في البحر المتوسط، المخرج الاضطراري للأزمة المركّبة والفشل الذي تعرضوا له في كييف وحربهم على الحضارة الروسية.
تفهم القوى الصاعدة ذلك جيداً وفي مقدمتها روسيا/ الصين، وإيران، ويتحرك الثلاثة ضمن إطار جيوسياسي واضح ووفق سياسة بلا انفعالات. وما يريدونه هو اجتثاث الهمينة الغربية في غرب آسيا لكن بهدوء، لذلك تُترك المساحة للحوثيين في البحر الأحمر لتعطيل حركة الملاحة البحرية وتهديد هياكل المشتقات النفطية المالية الغربية هناك، والتي صممتها “وول ستريت” بقمية 680 بليون دولار أمريكي. وهو ما دفع الغرب في واشنطن وأوروبا إلى محاولات كبيرة لاحتواء الأزمة وعدم إشعال المنطقة.
سيناريوهات اليوم التالي
بالعودة إلى غزة، التي تمثّل اليوم رأس حربة المقاومة في غرب آسيا، وبعد فشل الأهداف الاستراتيجية المعلنة للاحتلال وفقدان اليمين الإسرائيلي شرعيته الداخلية وفقدانه دعم الحلفاء في ظل توترات في العلاقة بين “تل أبيب” وواشنطن ومع قرب استحقاق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإنّ سيناريوهات محتملة مرتقبة للصراع القائم تتمحور في ما يلي:
1- حكومة إسرائيلية جديدة: تقبل وتوافق على قيام دولة فلسطينية أو على الأقل الدخول في مسار مفاوضات سياسية.
وهو ما يفسره إزالة الغطاء الدولي عن حكومة اليمين الإسرائيلية، وإثارة الشارع الإسرائيلي ضد مثلث نتنياهو/ بن غفير/ سموتريتش ضمن ملف الأسرى المحتجزين .
2- قيادة فلسطينية جديدة: وبات التسويق لها ملحوظاً في أروقة صنع القرار الإقليمي والدولي ويراد لها إيجاد مايسترو فلسطيني يمكن له التغلب على الانقسامات الداخلية الفلسطينية، ومعالجة الفصل بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة كمقدمة لدولة فلسطينية وجسم سياسي فلسطيني مختلف.
3- “حماس” جديدة: والمقصود هنا هو نزع السلاح من كامل القطاع وإشراك حركة حماس في مفاوضات مباشرة ودخولها في لعبة الحل السياسي، لذلك تقوم دول الوساطة في تغذية حضور وتهيئة المكتب الخارجي للحركة مع إعطاء ضمانات لقيادات “حماس” العسكرية على غرار المقاومة الإيرلندية أو سيناريو بيروت 1982 وخروج منظمة التحرير منها إلى تونس، أي ضمان حياتهم مقابل الخروج من القطاع.
*كاتب أردني
وسوم :
أيمن الخطيب, إبادة جماعية, الاحتلال الإسرائيلي, الانتخابات الرئاسية الأمريكية, الحرب على غزة, المقاومة الفلسطينية, اليمين الإسرائيلي, صمود, طوفان الأقصى, فلسطين المحتلة, محور المقاومة