جنود الاحتلال: “العقلاني” ماكرون و”المحاربة” هيلي

التصنيفات : |
مايو 30, 2024 5:45 ص

*أحمد حسن

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إنّه مستعد للاعتراف بالدولة الفلسطينية ولكن ليس تحت تأثير “العاطفة”، نيكي هايلي، المندوبة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة، ظهرت في شمال فلسطين المحتلة وهي توقّع جملة “اقضِ عليهم ..أمريكا تحب إسرائيل دائما” على قذيفة يُفترض أن يتمّ إطلاقها على جنوبي لبنان.

الرجل العقلاني الذي لا يريد “الاستسلام للعاطفة” في موضوع الدولة الفلسطينية لأنّ “الاعتراف يجب أن يأتي في وقت مفيد” كما قال خلال مؤتمر صحافي في ألمانيا إلى جانب المستشار الألماني أولاف شولتس، هو ذاته الذي استسلم لأبشع أنواع العواطف وهدد اللبنانيين بتدفيعهم “ثمن غال” لأنّهم لم ينصاعوا لرغبته حين جمعهم في “قصر الصنوبر” ومارس عليهم دور “الوصي السامي” لا “الأم الحنون”، وهو ذاته الذي لم يجد، حتى الآن، الوقت المفيد لإعلان حقيقة موت “ياسر عرفات” في مشافي بلاده، لذلك فهو بالتأكيد لن يخبرنا متى سيأتي هذا “الوقت المفيد” للاعتراف بالدولة الفلسطينية أو كيف لم يأتِ حتى الآن بعد أكثر من ثلاثة أرباع القرن على النكبة.

إنّ بلاده لم تعد تملك قراراً دولياً مستقلا، ولا يمكنها، بحكم حقائق القوة والتأثير، ممارسة أي دور إلا دور “السنّيد” أو الأدوار العاطفية البحتة

أما المحاربة، “نيكي هيلي”، فعلى ما يبدو أنّها لم ترتوِ بعد من دماء أكثر من 117 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط إبادة جماعية مستمرة ودمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

والحال، فإن ماكرون، “العقلاني”، وهيلي، “المحاربة”، لا يملكان، نظراً لموقعهما ودورهما، إلا القيام بذلك، فالرجل لم يعقل بعد أنّ بلاده لم تعد تملك قراراً دولياً مستقلا، ولا يمكنها، بحكم حقائق القوة والتأثير، ممارسة أي دور إلا دور “السنّيد” أو الأدوار العاطفية البحتة، وبالتالي فإنّ “الاعتراف العاطفي” بدولة فلسطينية مستقلة كان سيمنحه بعض المصداقية التي تبددها أي زيارة لأي موظف أمريكي من أي مستوى ولأي بلد قدّم فيه ماكرون مبادرة “عقلانية” ما.

“عقلانية” ماكرون و”حربجية” هيلي لا تعني سوى أنّهما مشاركان فعليان في المجزرة المستمرة وأنّهما مجرد عنصرين من جنود الاحتلال، بيد أنّ الوقائع والحقائق لا تحفل به ولا بها

أما “المحاربة” هيلي والتي انسحبت من انتخابات الحزب الجمهوري لأنّها حصلت على أرقام مخجلة من التأييد الحزبي، فقد تجرّأت على التكلّم باسم أمريكا كلها لأنّها في حقيقة الأمر تعرف ألّا مكاناً لها في السياسة إلا بالانخراط أكثر في مشروع النخبة المحاربة الحاكمة، لذلك لم ترَ الشباب الأمريكي في جامعات بلادها وهو يعترض على مشاركة بلاده في المجزرة المستمرة فهي لا تبحث إلا عن إشادات مثل تلك التي صدرت عن عميحاي إلياهو وزير ما يُسمى بـ”التراث الإسرائيلي” حين قال: “هناك أناس في العالم لم تعمهم أكاذيب التقدم ومعابد الحكمة المزيفة. نيكي هيلي هي واحدة من أهمهم”!.

خلاصة القول، “عقلانية” ماكرون و”حربجية” هيلي لا تعني سوى أنّهما مشاركان فعليان في المجزرة المستمرة وأنّهما مجرد عنصرين من جنود الاحتلال، بيد أنّ الوقائع والحقائق لا تحفل به ولا بها، فالفلسطينيون لا ولم ينتظروا “عاطفة” من ماكرون” كي يعلنوا، بدمائهم الطاهرة و”عقلانية” من يقف وراء “طوفان الأقصى”، دولتهم العتيدة، واللبنانيون في الجنوب لا يكترثون بـ”المحاربة”، ومن رأى منهم صورتها في شمال فلسطين قال لها: “تعلمي من خبرة كوندوليزا رايس في منطقتنا.”

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,