بين “إعلان بكين” وإعلان “السائح الكندي” و”مصعب يوسف”!
يوليو 24, 2024 6:00 ص*أحمد حسن
ربما كان ما نتابعه هذه الأيام هو صورة من صور المفارقات المعتادة في صراع وجودي معقّد كالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فبالتزامن مع “إعلان بكين” المتضمن اتفاقاً بين 14 فصيلاً فلسطينياً لتشكيل “حكومة مصالحة وطنية مؤقتة” لإدارة غزة بعد الحرب، أقدم مواطن كندي على القيام بعملية استشهادية عبر محاولته طعن جنود وأفراد أمن إسرائيليين صارخاً ضد “المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في غزة”، وفي الوقت ذاته تقريباً خرج المدعو مصعب حسن يوسف، وهو ابن أحد القادة المؤسسين في “حماس”، ليواصل “خروجه” على دماء أهله ويعلن في مقطع فيديو حديث عن تفضيله “15 مليون يهودي بريء” على “300 مليون مهرّج عربي”، بل إنه يفضّل “بقرة على 1.6 مليار مسلم”.
والحال، فإنّ تزامن هذه الأحداث لا يشكّل مفارقة غريبة، كما أسلفنا، والتاريخ يحفل بقصص عدّة مماثلة لها، لكنّنا نأمل أن تشكّل بمجملها دروساً للاستفادة لا للنسيان، وفي هذا السياق فإنّنا نأمل بأن لا يكون مصير “إعلان بكين” كسابقيه من “الإعلانات” الوحدوية العدّة التي شهدنا احتفالات توقيعها سابقا، فإذا كان هذا المواطن الكندي الجنسية قد اختار إنسانيته وإيمانه بالحقّ الساطع مضحياً بحياته في سبيل ذلك، فإنّ على القادة الفلسطينيين أن يختاروا الوحدة الداخلية لأنّها السبيل الوحيد -كما أثبتت وقائع التاريخ كما تجاربهم الشخصية- للنصر ولمواجهة اختراقات العدو التي يمثّل “مصعب” إحدى أهم صورها، فالرجل اختار، ومنذ زمن طويل، خلاصه الفردي -ليس بالصمت والحياد كما فعل البعض بل عن طريق العمالة للعدو- على قضية شعبه منكراً دمائهم التي تسيل منذ دهر طويل في سبيل أن يصبح رجلاً “أبيضا” وفق المعايير الغربية كما يُضمر كتابه الشهير “ابن حماس”.
واستطرادا، وإذا كان من النافل أن نضيف جديداً على سيرة “مصعب يوسف” إلا أنّه من المفيد أن نشير إلى أنّه ليس وحيداً في موقفه هذا وهناك عدد، قلّ أو كثُر، من الساعين لخدمة الرجل الأبيض، بالمعنى السياسي، سواء من حملة الجنسية الفلسطينية أم من “إخوانهم” العرب، فالخيانة لم تعد وجهة نظر بقدر ما أصبحت مصدر “فخر” وتباهٍ و”رزق” للبعض خاصة بعد أن جهرت قيادات عربية رسمية بما كانت تخشى إعلانه في فترة المدّ الوطني، وبدأت في ممارسة علنية للدور الذي وُضعت سلالتها السابقة على كرسي الحكم لأجله، والأمثلة في هذا المجال لم تعد بحاجة لذكر.
خلاصة القول، أمثولة المواطن الكندي هامة جداً في سياق الصراع مع المحتلّ خاصة وأنّه دخل “إسرائيل” كسائح ما يعني اضطرارها إلى المزيد من التشدّد في التدقيق على السائحين وتلك ضربة كبرى لاقتصاد وصورة تل أبيب أمام نفسها وأمام الخارج، في ما تمثّل أمثولة “إعلان بكين”، إذا قُدّر له أن يعيش، نقلة هامة في مسيرة المقاومة وضربة كبرى للساعين في غرس بذور الفرقة بين الأخوة وخاصة في هذه اللحظة الرئاسية “الحائرة”، والخطيرة، أمريكيا، وهذا أمر خطير جداً على المشروع الإسرائيلي ورعاته، الأعراب والأغراب، وهذا يعني أيضاً أنّ “الضباع” ستبدأ موسم التخريب، سواء بالمال السياسي أم بالوعود البرّاقة بمناصب صوريّة في “سلطة” ما أم بدعم المزيد من أمثال “مصعب”، لكنّ القضية مرة جديدة -على معرفتنا التامة بتعقيداتها وتشابكاتها المحلية والإقليمية والدولية- بين أيدي الفلسطينيين ذاتهم فهل؟؟ ..أو هل؟؟.
*كاتب سوري
وسوم :
أحمد حسن, إعلان بكين, الاحتلال الإسرائيلي, الجنسية الفلسطينية, الحرب على غزة, الرجل الأبيض, الفصائل الفلسطينية, المقاومة الفلسطينية, حكومة مصالحة وطنية, صمود, طوفان الأقصى, غزة بعد الحرب, فلسطين المحتلة, مصعب حسن يوسف