تضييق أمني في “البداوي” على وقع “التنسيق” بين ماجد فرج والسلطة اللبنانية
أبريل 16, 2025 8:47 ص
*صمود- مخيم البداوي:
بدأ الجيش اللبناني صباح يوم العاشر من نيسان/ أبريل بتنفيذ خطة لإغلاق مداخل عدد من الطرق الفرعية بواسطة بلوكات باطونية. وُصف الإجراء بأنّه خطوة أولى تليها إجراءات تدريجية تهدف إلى حصر مداخل المخيم بمدخلين فقط، شمالي وجنوبي.
وقد أثارت الخطوة مخاوف سكان المخيم، إذ قالوا بأنّ من شأنها إعاقة حركتهم خاصة أولئك الذين تتداخل منازلهم مع المناطق المجاورة. كما أنّ عدداً كبيراً من الطلاب يسلكون تلك الطرق للوصول إلى مدارسهم. وأثيرت عدة تساؤلات حول أهداف الخطوة وتوقيتها لا سيما أنّها تأتي في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان.
ويخشى كثير من سكان المخيم أن تكون هذه الإجراءات مقدمة لمزيد من التضييقات الأمنية والاجتماعية عليهم، في وقت يعانون فيه من ظروف معيشية قاسية وحرمان من أبسط الحقوق المدنية والاقتصادية، في ظل غياب الحلول الجذرية لقضيتهم وغياب دعم دولي فعّال لوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ويُعد مخيم البداوي، الذي تأسس عام 1955، من أكبر المخيمات الفلسطينية في شمال لبنان، ويضم حوالي 16,500 لاجئ فلسطيني مسجلين لدى “الأونروا”، بالإضافة إلى لاجئين فلسطينيين نازحين من سوريا. ويعاني المخيم من اكتظاظ سكاني ونقص في الخدمات الأساسية، ويواجه سكانه تحديات اقتصادية واجتماعية متعددة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
موقف الفصائل الفلسطينية
عقب العملية التي نفّذها الجيش اللبناني، أصدرت الفصائل الفلسطينية بياناً مشتركاً أكدت فيه أنّها أٌبلغت قبل أسبوع من قِبل الجيش اللبناني بقرار إغلاق عدد من المداخل غير الرسمية، مشيرة إلى أنّ العدد الإجمالي للمداخل الفرعية يبلغ 22 مدخلا، وأنّ الخطوة تأتي في إطار تفاهم أمني مع الجيش اللبناني بهدف ضبط الوضع في محيط المخيم. في حين أشارت مصادر محلية أنّ قرار الإغلاق جاء بموجب اتفاق مبرم مسبقاً بين الجيش اللبناني وسفارة السلطة الفلسطينية في بيروت ويعود إلى أكثر من عامين.
ماجد فرج ونزع سلاح المخيمات
ربط العديد من الأوساط المطلعة العملية بزيارة رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج، إلى لبنان مطلع شهر آذار/ مارس الماضي والتي أثارت الكثير من الجدل واعتُبر أحد أهدافها إثارة ملف “نزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان” في ما أحجمت الفصائل الفلسطينية عن الخوض في الموضوع كونه يُعد “مسألة حساسة للغاية” لا ترغب الفصائل في التراشق الإعلامي بشأنها.
كما تطرّق فرج خلال زيارته إلى “التعاون بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية في مجال مكافحة الإرهاب”. مع الإشارة إلى أنّ هذا الملف يشكّل نقطة خلافية، حيث تعتبر السلطة الفلسطينية بعض حركات المقاومة “إرهابية”، بينما يرفض لبنان هذا التصنيف.
تطرّق فرج خلال زيارته إلى “التعاون بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية في مجال مكافحة الإرهاب”
والجدير بالذكر أنّ موضوع نزع سلاح المخيمات ليس بالجديد وقد تمّت إثارته في عدة مناسبات لا سيما مع كل حدث أمني تشهده مخيمات اللاجئين في لبنان وعلى رأسها عين الحلوة الذي شهد اشتباكات دموية عدة في السنوات القليلة الماضية إضافة إلى ملف مخيم نهر البارد 2007 والذي لا تزال مشاهد المأساة حاضرة في الأذهان.
في الشهور القليلة الماضية، وعلى ضوء المستجدات المحلية والإقليمية وتحديداً بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال الصهيوني وبعد انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيساً للبنان، أُثير من جديد ملف سلاح المخيمات الفلسطينية في أكثر من مناسبة.
وبحسب وسائل إعلام لبنانية، فإنّ نزع سلاح المخيمات هو خطة رئاسية كخطوة أولى نحو إنهاء ما يُطلق عليه “السلاح غير الشرعي” في البلاد. وثمة حديث عن ملامح توجه رئاسي جديد في ملف “السلاح غير الشرعي” في لبنان، يرتكز على البحث في استراتيجية أمن وطني تبدأ أولاً بمسألة سلاح المخيمات الفلسطينية، كخطوة تمهيدية نحو نقاش أوسع يشمل مستقبل سلاح حزب الله، من خلال حوار داخلي مسؤول. وتشير وسائل الإعلام تلك إلى دعوة الرئيس عون في خطاب القسم الذي أطلقه بعد انتخابه إلى بلورة استراتيجة وطنية شاملة.
يرى محللون أنّ فكرة إعطاء الأولوية لمسألة سلاح المخيمات الفلسطينية صارت مطروحة على طاولة البحث، خصوصاً أنّ هذا السلاح يُعد، من وجهة نظر الرئاسة، “سلاحاً غير لبناني موجوداً على الأراضي اللبنانية، ما يجعل مسألة تنظيمه أو تسليمه أكثر قابلية للتوافق الوطني والدولي”.
كما أنّ مثل هذا الطرح، في حال نضوجه سياسيا، قد يُترجم بخطوات تنفيذية من خلال التنسيق المباشر بين الدولة اللبنانية ورئاسة السلطة الفلسطينية، وهو أمر جرت مناقشته في وقت سابق هذا العام، لكنّه ينتظر اليوم آلية واضحة للتطبيق.
تبقى الإشارة إلى أنّ عملية البدء بنزع سلاح المخيمات لا تزال بعيدة في المدى المنظور مع صعوبة التحقق مما إذا كانت القوى المسلحة داخل المخيمات الفلسطينية وخاصة القوى الجهادية الراديكالية تتقبل فكرة تسليم سلاحها، وفي حال موافقتها فما هو شكل الضمانات التي يمكنها الحصول عليها وما هي القوى السياسية التي سيكون لها اليد الطولى في المخيمات الفلسطينية في لبنان في حال نزع السلاح.