الأحكام القضائية على مناصري حماس في السعودية .. الاتّهام السياسي هو الفيصل

التصنيفات : |
أغسطس 20, 2021 11:43 ص
جميع الحقوق محفوظة لشبكة صمود – 2021

*سنان حسن

لم يكُ أكثر المتفائلين بالقيادة السعودية ولا أكثر المتشائمين فيها، يعتقد أن ملف المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين الذين ينتمون إلى حماس وفي مقدمتهم الممثل السابق للحركة في المملكة محمد الخضري، سيمر دون موقف واضح من القيادة السعودية على الرغم من كل الظروف والتطورات التي حدثت في المنطقة ولاسيما بعد قمة العلا والمصالحة الخليجية مع قطر، فبعد تأجلين اثنين للمحاكمة أصدرت محكمة في الرياض أحكاماً بحق 69 معتقلاً تراوحت بين السجن لمدة عشرين عاماً والبراءة، دون أن يصدر أي تعليق عن طبيعة الأحكام أو التهم التي وجهت إلى المتهمين. قرار يؤكد أن الموقف السعودي من حركة حماس لم يتغير بما حصل على مستوى الدول الخليجية من مصالحة مع الدوحة التي تربطها بحماس علاقة متينة جدا، وأن ارتباط حماس بمحور المقاومة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية في إيران هو الفيصل والحكم في العلاقة معها، ولاشيء غيره حيث صدرت الأحكام بينما كان وفد الحركة يشارك في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، وبالتالي فهي، وفق منظورها السياسي، لن تتهاون في مواجهة هذا التيار ولو كان لفلسطينيين يدعمون قضيتهم دفاعاً عن القدس والأقصى.

في مقابل الموقف السعودي الحازم كان لافتاً أن موقف حركة حماس وغيرها من الفصائل المتحالفة معها كان هادئاً وبعيداً عن التجريح والتخوين، وفي كثير من الأحيان كان موقفاً ليّناً يطلب من القيادة السعودية العفو والصفح عن مناصريها الذين كان ذنبهم الوحيد وفق رأيها، هو دعم إخوتهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وحصاره الخانق لقطاع غزة المستمر منذ سنوات، فالتصعيد وفق قادة حماس، من جهة سيزيد من معاناة مناصريها وتحمليهم تبعات أخرى هم بغنى عنها لذا فقد رحب البيان الصادر عن حماس بأحكام البراءة التي صدرت بحق البعض من المعتقلين “وندعو القيادة السعودية إلى سرعة الإفراج عنهم وإنهاء معاناتهم ومعاناة عائلاتهم التي مضى عليها ما يزيد على السنتين”.

كما أن حماس ورغم الأحكام الصادمة التي عبرت عنها في بيانها إلا أنها تريد الفصل في هذا الموضوع حتى لا تدمر مؤشرات بناء الثقة التي حاولت الحركة بثها مؤخراً لدى القيادة السعودية بأن حماس ملتزمة بأمن واستقرار المملكة وهي تريد علاقات أخوية تدعم قضية فلسطين دون التدخل في الشأن الداخلي للدول العربية.

ومن جهة ثانية، فإن حماس لا تريد أيضاً التصعيد مع الرياض في هذا التوقيت كي لا تفتح على نفسها الانتقادات من السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس ولا حتى من دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تتحين أي انتقاد للحركة في الدول العربية للاستثمار في تشويه صورة الحركة والقول إنها أداة بيد طهران وإنها تنفذ أجنداتها في المنطقة.

والأمر ينطبق على السلطة الفلسطينية أقله في الوقت الراهن الذي يشهد توتر سياسي كبير بين الطرفين ولا سيما بعد عملية سيف القدس، والتي أظهرت فيها حماس أنها مستعدة لخوض حرب طويلة دفاعاً عن الأقصى وأهل القدس، فيما اكتفت السلطة بالدعوة إلى التهدئة والطلب من المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها في الشيخ جرّاح وغيرها من الأحياء في القدس المحتلة.. والحال، فإن الأحكام القضائية السعودية بحق مناصري حماس في المملكة لا يمكن فصلها عما يجري في المنطقة من كِباش كبير وصراع مستمر بين السعودية وحلفائها من جهة وإيران ومحورها المقاوم من جهة ثانية، ما يعني أن المواجهة مستمرة وسواء كانت التهم صحيحة بحق معتقلي حماس أم لا فإن مصيرهم متروك للتسويات السياسية التي يبدو أنها مازالت بعيدة المنال حاليا، وحتى ذلك اليوم فإننا سنكون أمام المزيد من القضايا والمشاكل التي سيكون ضحيتها أناس تهمتهم الوحيدة أنهم فلسطينيون.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , ,