افتتاحية صمود

التصنيفات :
سبتمبر 7, 2021 10:20 ص
جميع الحقوق محفوظة لشبكة صمود – 2021

صمود – الافتتاحية

ترتبط قضية فلسطين ارتباطاً وثيقاً بمجمل التّحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة والعالم. ولأن العقود الثلاث الأخيرة شهدت انعطافاً مصيرياً في مسار الثورة الفلسطينية المعاصرة وتحديداً مع بدء مرحلة أوسلو 1993، فقد شهدت العلاقة بين الهدف العام للثورة متمثلاً بالتحرير والعودة وبناء الدولة الفلسطينية، وبين تطلعات الشعب الفلسطيني، حالة من الضبابية واليأس والانكفاء. ومن هنا تحديدا، تأتي أهمية إعادة ربط الجماهير الشعبية بالمسار النضالي العام.

ضمن هذه الرؤية، تنطلق منصّة “صمود” كمنبر إعلامي سياسي لتضطلع بمهمة إعادة الزخم لكفاح الشعب الفلسطيني والجماهير العربية وحلفائها من كافة شعوب الأرض، على اعتبار أنّ قضية فلسطين قضية تحرّر عالمي وقضية حق شعبي وطني أصيل ضد قوى رأسمالية فاشيّة رجعيّة، وبالتالي فإن انتصار هذه القضية هو انتصار للحقّ والعدل والكرامة على المستوى الإنساني. وفي السياق ذاته، فإن هزيمة المعسكر المعادي هي هزيمة للفكر الإمبريالي العنصري الذي يسعى للسيطرة على الشعوب واستعبادها ونهب ثرواتها.

وعليه، فإن الإسم “صمود” هو في حقيقة الأمر عنوان لمرحلة تبدأ من وعي الجماهير لذاتها، وإدراكها لأهمية اضطلاعها بمسؤولية الاستمرار بالمقاومة والرفض والتمسك بالحقوق والثوابت، فالإرادة الشعبية الواعية هي السبيل الأوحد للصّمود في وجه الهجمة الشرسة المعادية. والصّمود اصطلاحا، هو موضوع أيديولوجي واستراتيجية سياسية ظهرت لأول مرة خلال تجربة الشعب الفلسطيني في المقاومة ضد سياسات القمع التي انتهجها الصهاينة في أعقاب نكسة العام 1967. والصّمود حالة من رد الفعل الفردي/الجماعي تتصاعد وتيرتها وتتراجع وتتّخذ أشكالاّ مختلفة سلمية أو عنفية.

وتكتسب حالة الصّمود أهمية استثنائية بصورة خاصة حين تكون المواجهة في ذروتها مع عدم توافر الشرط الدافع لعملية التّقدم وتحقيق مكاسب جديدة، فيكون البديل من الناحية التكتيكية (بشكل مؤقت) الاستمرار في المواجهة والتركيز على الحفاظ على ما تم تحقيقه من مكتسبات على الصعيد الوطني، ومحاولة حرمان الخصم قدر الإمكان من تحقيق أية مكاسب على المدى الاستراتيجي.

انطلاقاً من هذه الرؤية، ترى “صمود” من خلال قراءتها للواقع أنّه ورغم حجم التّحديات التي تواجه القضية المركزية الوجودية للأمة العربية – القضية الفلسطينية – إلا أن ثمّة أفق لعمل نضالي فاعل يعيد القضية إلى مكانتها، ويقود إلى إنتاج نهج استراتيجي مقاوم يستخلص الدروس والعبر من التجربة/التجارب السابقة وخاصة بعد أن أصبح الإعلام أو كاد، السلاح الأول في المواجهة وقد بات في متناول الجميع. كما والأهم من ذلك، باتت أطراف الصراع أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، وبالتالي أصبح “اللعب على المكشوف” على حدّ التعبير الشعبي الدّارج. وما الأحداث الأخيرة في الداخل الفلسطيني (قضية حيّ الشيخ جرّاح) وما أثارته من ضجيج على المستوى الدولي من ناحية التضامن غير المسبوق، فتوالت الأحداث لتثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الشعب الفلسطيني والأمة العربية ومن ورائهم كل الأحرار في العالم لا زالوا قادرين على الصّمود والمواجهة والتضحية في سبيل الحق والحرية والكرامة، وحتى يخرج آخر عابر فاشيّ من أرضنا.. من برِّنا.. من بحرنا.. من قمحنا.. من مِلحنا.. من جُرحنا.. من كلّ شيء، ويخرج من مفردات الذّاكرة.


وسوم :
, , , , ,