تأملات شباب مُخيّم عين الحلوة في المستقبل: “فلسطين خارج المشهد”

التصنيفات : |
أكتوبر 24, 2021 9:33 ص

صمود – عين الحلوة:

كانوا تسعة شبان وشابات، من مُخيّم عين الحلوة، يعيشون في فوضى كارثيّة، في مُخيّم تفكك وتحول إلى مُخيّمات. شبان وشابات تدنّت مشاركتهم بالشأن العام مُقارنة مع مشاركة الشباب في فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لا إهتمام بالقضايا السياسية، ولا علاقة مع السلطة المحلية، ويبدو أنّ انسداد الأفق السياسي بالنسبة إليهم، وصعوبة شروط الحياة في لبنان دفعا بهم إلى الإحباط واليأس.

أين تجدون أنفسكم بعد خمسة أعوام؟

سؤال ظننتُ أنّ الإجابة عليه ستأخذ منهم وقتاً طويلا، لكن يبدو أنّ إجاباتهم كانت جاهزة، نظراً لانشغال فكرهم المستمر بهذه الأسئلة.

قالت إيمان الصغير(18 عاما): “أجد نفسي في ألمانيا، أو أيّ مكان خارج لبنان، نحن لا نستطيع الإستمرار في ظلّ الإنهيار الذي نعيشه اليوم”. و”الصغير” تركت المدرسة عند وصولها إلى الصف التاسع لأن لا مستقبل للدراسة في لبنان حسب تعبيرها.

أما مصطفى المقدح (20عاما) الذي يعمل بالجفصين، يرى نفسه في السعودية حيث يعيش عدد من أفراد أسرته.

ويُخطّط هادي دياب (18 عاما)، الذي يعمل مع والده في الحدادة، للسفر إلى ألمانيا، حيث “لا مستقبل في المُخيّم أو في لبنان”.

ولا يرى فاروق سليمان (19 عاما) حلولاً في المستقبل القريب سوى أن نبقى في لبنان.

أما يحيى عثمان (18 عاما) فيرى أنّه عليه إكمال تعليمه قبل أن يُحدد ما يُريد.

لكن هبة فرهود (19عاما) التي تدرس التمريض في مستشفى الهمشري، ترى نفسها في ألمانيا تُكمل تخصّصها.

وتعمل رهام الحسين (20 عاما) وهي خرّيجة صحافة، منسقة مع إحدى الجمعيّات الناشطة في المُخيّم، وترى أنّه عليها الإستمرار في العيش هنا في المُخيّم.

وحدهما، هادي إبراهيم (18 عاما) ومحمود الأحمد (24 عاما) يحلُمان بالعودة إلى الوطن، إلى فلسطين.

أجمع الشبان والشابات على عدم شعورهم بأيّ تمييز يُمارس ضدهم لأنهم فلسطينيون يعيشون في مدينة صيدا، لكن “الأحمد” يُشير إلى تعرّضه للتمييز خارج مدينة صيدا، في بعض الأحيان.

مُخيّم متهالك

عند السؤال عن وضع المُخيّم، ترتفع الضحكات، ويتفق معظمهم على أنّ المُخيم يعاني من حالة انهيار بسبب الخلافات بين الفصائل الفلسطينية المتنازعة على السلطة داخله.

ويُعلق إثنان من المشاركين: “إنّ الذي يمنع الإنهيار والفوضى الكاملة في المُخيم هو ارتفاع عدد الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الأجنبيّة، ولولا ذلك لعمّت الفوضى، ولكانت المُشكلات أكثر بكثير”.

الوضع التعليمي

وعند السؤال عن الوضع التعليمي، يُجيب دياب: “كما ترى، مُعظمنا يعمل في مهنٍ مختلفة، وكان يجب أن نبقى في المدرسة، لكن الأهل يرَون أن نتعلّم حِرفة ما، أهمّ من الدراسة لأنّ لا مستقبل هنا لحاملي الإختصاصات العلمية، بعض الأهل ينصح الأبناء بترك المدرسة، وتعلّم صنعة مع حراسة بيمشي الحال”.

الشأن العام

وعن اهتمامهم بالشأن العام، عبّر الجميع عن عدم اهتمامهم بهذا الموضوع، “لأنه لا تأثير لدينا على التغيير بالمجريات العامة”، كما قال أحد المُشاركين. وتُعلّق إحدى المُشاركات: “من غير المسموح للشباب أصلاً المُشاركة بالشأن العام”.

لكن عند السؤال عن القضايا التي يُمكن أن يهتمّوا بها إذا أُتيح لهم ذلك؟ أجاب قسم منهم أنّ الإهتمام ينصب على القضايا الشبابية، والقسم الآخر على القضايا الإجتماعية دون تحديد القضايا المقصودة.

كذلك أبدى معظم المُشاركين والمُشاركات عدم الإهتمام بالإعلام اللبناني والفلسطيني، ويعود السبب كما قالوا: “هناك تغييب لقضايا المُخيّمات ومشكلات الشباب والنساء، فالإعلام يُركّز على المتابعات الأمنية فحسب، في حين لا يهتم أحد بتسليط الضوء على القضايا الخدماتية والبيئية، وغيرها”.

باستثناء رهام الحسين التي أشارت إلى متابعتها للقضايا السياسية والإعلامية، ومحاولة معرفة ما يجري في المخيّم ومحيطه.

وتحدث عدد منهم عن مشاركته في اعتصامات سابقة إحتجاجاً على القرارات التي اتخذها وزير العمل السابق كميل أبو سليمان، لكنّهم لم يتابعوا ما حصل بعد ذلك.

ويبدو أنّ المشاركين والمُشاركات لا ثقة لهم بقدرة الفصائل الفلسطينية على قيادة المُخيّم، والدليل على ذلك “الإشتباكات المُستمرة التي تحصل بين الحين والآخر”.

ماذا عن التمييز الجندري؟

جاء الجواب حاسما: “نعم هناك تمييز واضح ضدنا لأنّنا نساء، بسبب سيادة الثقافة الذكورية في المجتمع”.

هذا هو حال الشباب في مُخيّم عين الحلوة، كما عبّر عنه المشاركون والمُشاركات، فهل تُبادر مُنظمات المجتمع المدني إلى إطلاق برامج تسعى لتمكين الشباب ودفعهم للعب دور في المجتمع المحلي؟.


وسوم :
, , , , ,