قانون “لمّ الشمل” بين الإقرار والمنع  

التصنيفات : |
فبراير 18, 2022 9:47 ص

*منى العمري – صمود:

تتكاثر أساليب الاحتلال القمعية بحقّ الفلسطينيين وذلك منذ نشأة الكيان الإسرائيلي وحتى يومنا هذا.

فقد عمل العدو الصهيوني عبر أساليب عدة، سواء إستخدام الوسائل الدعائية أم القانونية أم الإجتماعية وغيرها، على “وترٍ حساس” من أجل تشتيت الفلسطينيين من أراضيهم وقُراهم وتجريدهم من هويتهم الأصلية ومن ثم قذفهم إلى الخارج.

فما هو قانون “لمّ الشمل” للعائلات الفلسطينية؟  

شرّع “الكنيست الإسرائيلي” في شهر تموز/يوليو عام 2003 قانون “لمّ الشمل” إعتماداً على أنظمة الطوارئ المعمول بها في فلسطين منذ فترة الإستعمار البريطاني، وسُمّي بـ”قانون المواطنة” والدخول إلى “إسرائيل”.

وينصّ القانون على أنّ “كلّ قادم إلى فلسطين التاريخية يحصل على “الجنسية الإسرائيلية”، غير أنّ البند رقم 3 للقانون يمنع الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون البلاد حتى النكبة عام 1948 من الحصول على “الجنسية الإسرائيلية” والإقامة المؤقتة، وذلك لمنع تطبيق حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين.

وفي المقابل، يمنع القانون المواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل” من ممارسة حقّهم في بناء عائلة والحفاظ على الروابط الأسرية والإجتماعية والثقافية مع أبناء الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية. (١)  

وفي وقتٍ سابق، قامت سلطات الاحتلال بإجراء تِعداد للأفراد المتواجدين خارج الضفة عام 1967 بعد إكمال إحتلالها، وكل من تمكن من التسجيل في حينه، إمتلك حقّ الإقامة في الضفة، والحصول على “بطاقة المواطنة”.

لكنّ الفلسطينيين الذين كانوا خارج الضفة، ولم يدخلوا في الإحصاء السكاني، ولم يتمكنوا من الحصول على حقّ لمّ الشمل والمواطنة، مع عائلاتهم في الداخل، وحُرموا من هذا الحق، حتى العام 1992، حين منح الاحتلال أقل من 20 ألف فلسطيني هوية الإقامة في الضفة الغربية. (٢)

الهويات الملونة

يستهدف الاحتلال بصورة أشدّ سكّان مدينة القدس، وحمَلَة الهوية الخضراء، التي تصدرها السلطة الفلسطينية وفق إتفاق أوسلو ولا يسمح لحاملها دخول القدس إلا بتصريح، ويعاني الفلسطينيون في المناطق المحتلة عام 1948 من العنصرية ذاتها بشأن لمّ الشمل.

يشترط الاحتلال على المقدسيين السكن داخل حدود البلدية لقبول طلب لمّ الشمل، الذي يحصل على موافقة منذ عقود، لكن هناك فئات يُرفض طلبها على الفور.

الفلسطينييون من الذكور ما دون الـ35 عاما، من حمَلَة الهوية الخضراء والإناث ما دون الـ25 من حملة البطاقة ذاتها، يُرفض طلبهم على الفور .

وفي المقابل، يتوجّب على الزوج حامل البطاقة الزرقاء، أي “المواطنة الإسرائيلية”، إثبات سكنه داخل القدس لمدة لا تقل عن عامين، من أجل لمّ شمله بزوجته المقدسية، وهي معاناة في الحصول على كافة الأوراق والشهادات من سلطات الاحتلال، خاصة فواتير الماء والكهرباء وضريبة السكن “الأرنونا” وشهادات مدارس الأطفال، وأية وثائق أخرى تؤكد الإقامة في القدس. (٢)

إقرار قانون “منع لمّ الشمل”

أعلنت وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد في شهر شباط/ فبراير الجاري أنّ “الحكومة أقرّت قانون “منع لمّ شمل” العائلات الفلسطينية، وبموجبه ستمنع العائلات من الحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية”.

وبدورها، قالت الوزيرة تمار زندبرغ من حزب “ميرتس”، أنّ “حزبها سيصوّت ضد هذا القانون العنصري”.

وقانون “منع لمّ شمل العائلات الفلسطينية” يُجدّد كل عام، لكنّ الإئتلاف الحكومي فشل في إقرار القانون من جديد بعد رفض المعارضة التصويت لصالح القانون، في ما إلتزمت شاكيد بتقديمه من جديد وأبلغت المحكمة العليا التي طالبتها بردّ حول طلبات لمّ الشمل، التي رفضت الوزيرة حتى النظر بها. (٣)

الاحتلال يعصف بالفلسطينيين من جديد

منذ أن منع الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين، بعد نكسة عام 1967، من العودة إلى أراضيهم، ومنع الفلسطينيين المتزوجين من الخارج أو العكس من الإلتحاق بعائلاتهم، أصبح هناك أكثر من 120 ألف عائلة فلسطينية لا تتمكّن من رؤية عائلاتها في الداخل، وقُطّعت أوصالها في الضفة الغربية وغزة والداخل المحتل المُسمّى بالخط الأخضر.

وعلى الرغم من أنّ إتفاقية أوسلو الموقعة بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية منحت آلاف الفلسطينيين حقّ لمّ الشمل، فقد أصدر الاحتلال الإسرائيلي عام 2003 قانوناً يمنع لمّ شمل العائلات تحت ذريعة “الدواعي الأمنية”.

وتصف جهات قانونية هذا القانون بأنّه ظالم وعنصري، وقد تسبب في تشتيت آلاف العائلات الفلسطينية ومنع لمّ شملها داخل مناطق الخط الأخضر.

ومنذ عام 2009، لم تُمنح أية عائلة فلسطينية معنية هذا الحق، كما يقبع آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية دون هوية فلسطينية ويعتبرهم الاحتلال الإسرائيلي إما مقيمين غير شرعيين أو متسلّلين. (٤)

العدوّ يستعين بذرائع “الشاباك” لتحقيق مكاسبه

ذكر أريئيل كهانا المراسل السياسي لصحيفة “إسرائيل اليوم”، أنّ “المعطيات الأمنية المتوفرة لدى “الشاباك” تفيد بأنّ عدداً من أبناء هذه العائلات قدّموا لحركة حماس معلومات عن مواقع إطلاق صواريخ داخل “إسرائيل”، وفي بعض الحالات شارك هؤلاء الأفراد بهجمات ميدانية في أيار/مايو الماضي خلال الحرب على غزة، خاصة الإشتباكات في شوارع مدينة اللد والرملة والبدو في النقب، خلال العدوان الأخير على غزة.

وأضاف كهانا: “إنّ التقارير التي يستعين بها “الشاباك” تتحدث عن أنّ الجيل الشاب الجديد من أبناء العائلات “المختلطة”، غالباً ما يعيش في هوية منقسمة، بين أن يكونوا “إسرائيليين”، وعائلاتهم تسكن في غزة، وهذا التعقيد يجعل بعضهم يعمل لصالح حماس، وبالتالي يجعل من قانون لمّ الشمل يشمل منخرطين في هجمات مسلّحة، سواء منفذين مباشرين أو مساعدين لهم، حيث يتمّ تكليفهم أحياناً بمهاجمة قاعة إحتفال داخل “إسرائيل”، وإختطاف جندي، حتى أنّ أحفاد عائلات لمّ الشمل إنخرطوا بشكلٍ إستثنائي في أحداث النقب الأخيرة”. (٥)

تخوّف الكيان من “حقّ العودة” للفلسطينيين

عبّر الباحث الإستراتيجي الصهيوني الجنرال إحتياط شلومو غازيت عن المواقف الرسمية “الإسرائيلية” تجاه قضية اللاجئين و”حقّ العودة”  تعبيراً عميقاَ حينما كتب في صحيفة “معاريف” العبرية بتاريخ 12/5/1992: “كلّ من يريد حلاً للنزاع “الإسرائيلي – العربي” يعرف جيداً أنّه لن يكون هناك أي حل حقيقي إذا لم تُحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين”. وأضاف: “لا يمكن إيجاد حل لهذه المسألة بدون تنازل فلسطيني عن أمر  تحوّل خلال السنين إلى موضوع حساس جداً من ناحية سياسية وعقائدية وعاطفية، هو: “حقّ العودة “. وإنّ أي تنازل عربي – فلسطيني في هذه النقطة، سنعتبره دليلاً قاطعاً على تسليم الجانب العربي بوجود “إسرائيل” ويسهم من إمكانية تصفيتها”.

وفي مقالة نشرتها صحيفة “معاريف”، عبّر كاتبها عاموس جلبوع وهو باحث إستراتيجي أيضاً عن ذات الفحوى والبعد بقوله: “إنّ حقّ العودة للفلسطينيين يعني وبشكلٍ واضح نهاية الدولة الصهيونية”.

وفي السياق ذاته، إشترط موشيه شاحاك وزير الطاقة الصهيوني في حينه “التنازل الفلسطيني عن حقّ العودة ووقف الإرهاب كشرط للدخول في مفاوضات”. (٦)  

بناءً على ما تقدّم، يمكن القول بأنّ الفلسطيني يواجه تحديات جمّة تُربك مُجمل حياته وتجعلها في غاية الصعوبة، لكنّ المشهد الحقيقي يُختصر في مدى مقاومة الفلسطينيين لكل هذه السياسات ومدى طول أنفاسهم وصبرهم ومقاومتهم للاحتلال الذي ينهش بهم أينما حلّوا.

المصادر المتعلّقة :

1- https://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2016/10/10/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%

2- https://arabi21.com/story/1370369/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7

 3- https://arabic.rt.com/middle_east/1322101-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%  

 4-https://mubasher.aljazeera.net/news/2022/1/10/%D8%B3%D9%

5-https://arabi21.com/story/1416516/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%   

6-https://www.raialyoum.com/%d8%ad%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,