هل تنتقل الحرب من أوكرانيا إلى الشرق العربي؟

التصنيفات : |
مارس 9, 2022 9:01 ص

*قاسم قصير

شغلت الحرب الروسية على أوكرانيا العالم بأسره، وتصدّرت إهتمامات وسائل الإعلام العربية والغربية، فهذه الحرب ونتائجها سيكون لها تداعيات على العديد من الدول وقد تؤدي إلى قيام نظام عالمي جديد، سواء نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية من هذه الحرب، أو تمكنت الدول الغربية (أوروبا وأمريكا ومن معهم من الحلفاء) في منع بوتين من تحقيق أهدافه وعملوا على إغراقه في حرب استنزاف طويلة الأمد، وحوّلوا هذه الحرب إلى فرصة لإعادة روسيا إلى الوراء وفرض شروطهم عليها، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج خطيرة على الصعيد السياسي العالمي.

جملة أسئلة تطرح نفسها هنا: هل ستنتقل هذه الحرب إلى الشرق العربي؟، وهل سنشهد إنعكاسات مباشرة وغير مباشرة على الصراعات في المنطقة؟، وهل سيستغل الكيان الصهيوني ما يجري لتصعيد عدوانه على دول وقوى محور المقاومة (إيران وسوريا وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين)؟، وهل هناك ترابط بين هذه الحرب والمفاوضات حول الملف النووي الإيراني في فيينا سلباً أو إيجابا؟، وفي حال نجاح هذه المفاوضات أو فشلها، هل سيعمد الكيان الصهيوني إلى تصعيد هجماته ضد سوريا وإيران وحزب الله ويأخذ المنطقة إلى حرب شاملة؟

سيناريوهات الحرب القادمة

قد يكون من الصعب تحليل كل الإنعكاسات للحرب الروسية – الأوكرانية على العالم وعلى الوطن العربي بالذات، لكنّنا بدأنا نشهد بعض هذه النتائج على الصعيد الإقتصادي وعلى الأمن الغذائي، من خلال ارتفاع أسعار النفط وبدايات الأزمة الغذائية ومشاركة بعض الدول في هذه الحرب، رغم حرص تركيا والكيان الصهيوني على اتباع سياسة الحياد أو النأي بالنفس، والأخطر إنطلاقة الدعوات من بعض الدول والمنظمات الإسلامية للمشاركة في هذه الحرب ضد روسيا، واستغلال ما يجري لتصعيد التحركات في سوريا في ظل انشغال روسيا في الحرب وتراجع دورها في سوريا، وقد لاحظنا عودة تحرّك تنظيم داعش بقوة في أكثر من منطقة في سوريا والعراق ولبنان، وقد نشهد المزيد من التحركات العسكرية والأمنية خلال الأسابيع المقبلة.

لكن الجانب الأخطر والإحتمال الأقوى يتمثّل في استغلال الكيان الصهيوني لهذه الحرب من أجل خلط الأوراق في المنطقة والإندفاع نحو مواجهة شاملة ضد قوى محور المقاومة، سواء من أجل ضرب صواريخ المقاومة الدقيقة ومستودعات الطائرات المسيّرة ومصانع الأسلحة، أو توجيه ضربات قاسية ضد إيران ومنشآتها النووية والاستراتيجية، إضافة لتصعيد العمليات العسكرية والأمنية في سوريا.

طبعا، هذا الإحتمال يعني الذهاب إلى حرب شاملة في المنطقة، وهذا الخيار لن يكون سهلاً على الكيان الصهيوني لأنّه سيؤدي إلى حرب واسعة، وسيخوض محور المقاومة هذه الحرب بشكل شامل من مختلف الجبهات (لبنان، سوريا، العراق، إيران واليمن) وقد تُفتح جبهات أخرى غير معلنة، ومن المعروف أنّ هناك غرفة عمليات مشتركة لقوى المقاومة قد أُنشئت من عدة سنوات إستعداداً لهذه الحرب، وقد تحدث عن ذلك في خطاباته، أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، أكثر من مرة .

ويتمثّل الإحتمال الثاني في أن يقوم العدو الصهيوني بشنّ هجمات أمنية أو عسكرية محدودة ضد مواقع المقاومة أو بعض قياداتها أو بعض المنشآت الحيوية، بهدف توجيه ضربات قاسية دون إيصال الأوضاع إلى حرب واسعة، لكنّ قوى المقاومة ستعمد للرد على هذه العمليات مما قد يأخذ المنطقة إلى صراع مفتوح، إلا إذا اكتفى الطرفان بضربات محدودة متقابلة.

أما الإحتمال الثالث، يقوم على فرضية أن تتوسع الحرب الروسية على أوكرانيا وتشارك فيها دول ومنظمات أخرى من المنطقة (تحت عنوان الجهاد العالمي) مما قد يفتح الباب أمام عمليات عسكرية متبادلة، هذا إذا لم تتحول هذه الحرب إلى حرب عالمية شاملة ومفتوحة.

بانتظار وضوح الصورة وخصوصاً من خلال التطورات الميدانية والعسكرية في أوكرانيا وتداعيات هذه الحرب الإقتصادية والمالية والغذائية وأزمة اللاجئين، فإنّ الحذر والإنتباه ضروريان في هذه المرحلة، وهناك معطيات ومعلومات من أكثر من مصدر لبناني وعربي ودولي تُفيد بأنّ الأسابيع المقبلة ستكون خطيرة وأنّ المنطقة مفتوحة على كل الإحتمالات، وعلينا الإستعداد لكل شيء مع الأمل أن تنتهيَ هذه الحرب بأسرع وقت ممكن كي تتّضح الصورة أكثر وكي نستطيع تحديد أفاق العالم والمنطقة في المرحلة المقبلة.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,