هل سينتهي التصعيد في الأراضي الفلسطينية مع نهاية شهر رمضان؟
أبريل 29, 2022 10:50 ص*احمد الطناني – غزة:
إرتبطت موجة التصعيد والمواجهة الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بحلول شهر رمضان المبارك وتزامنه مع عدد من الأعياد الدينية اليهودية التي دعى فيها المتطرفون الصهاينة لممارسة شعائر تلمودية تهويدية تستهدف المسجد الأقصى.
شكّلت دعوات المتطرفين الصهاينة لانتهاك حرمة المسجد الأقصى عاملاً مفجّراً للأوضاع في الأراضي المحتلة، حيث تصاعد الفعل الكفاحي للشعب الفلسطيني، عبر أشكاله المختلفة بما فيها العمليات الفدائية والإشتباكات المسلحة، متكاملة مع الفعل الشعبي للمرابطين في المسجد الأقصى من المقدسيين والزاحفين للقدس من محافظات الضفة والداخل المحتل.
الواقع يقول إنّ القيمة الدينية والعاطفية لشهر رمضان وللمسجد الأقصى عند جموع المسلمين، مترافقةً مع القيمة التاريخية والوطنية الكبرى لمدينة القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية في وجدان كل فلسطيني، ساهمت بشكل فاعل في تعزيز حالة المواجهة والإشتباك مع الاحتلال وقواته وقطعان مستوطنيه، وبشكل خاص في محيط مدينة القدس، حيث تحوّلت مواعيد الصلاة وبشكل خاص فعاليات الفجر العظيم وحشودات صلاة التراويح، وتلتها أيام الإعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان، إلى حشودات للمواجهة والتصدّي لمحاولات اقتحام الحرم من قِبل قطعان المستوطنين وشرطة الاحتلال.
بطبيعة الحال، لم تتوقف الإعتداءات الصهيونية التي تستهدف كل مكوّنات الشعب الفلسطيني، وتعمل على تهويد كل رموز المدينة المقدّسة ولم تتوقف عند استهداف المقدّسات الإسلامية والتضييق على إحياء الشعائر الإسلامية، بل إنّها استهدفت المناسبات والأعياد المسيحية حيث ضيّقت وقيّدت الوصول إلى كنيسة القيامة في عيد الفصح المجيد وسبت النور، واشتبكت واعتدت على العديد من أبناء شعبنا ورجال الدين المشاركين في إحياء سبت النور في كنيسة القيامة بالقدس المحتلة، وهو ما زاد من حالة الإحتقان والإستفزاز المتواصلة للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده.
إن السؤال المحوري الذي يطرح نفسه هو: هل ستنتهي هذه الموجة مع انتهاء شهر رمضان؟.
للجواب على هذا السؤال، من المهم أن نجريَ حصراً للمحطات القادمة على الأجندة في المنطقة، وأن نستعرضَ انعكاساتها المحتملة على الأراضي المحتلة، وإمكانية مساهمتها في تصعيد المواجهة مع الاحتلال، وفي جواب للسؤال المطروح عينه، فإنّ أربع مناسبات رئيسية قد تُشكّل عوامل تفجير وتصعيد في المنطقة، وهي على الشكل التالي مرتّبة زمنياً من الأقرب إلى الأبعد، وكلها خلال شهر أيار/مايو المقبل:
- الإقتحام الكبير للمسجد الأقصى المتزامن مع أجواء عيد الفطر:
أطلقت منظمات الهيكل الصهيونية المتطرفة دعوة لتنفيذ اقتحام كبير للمسجد الأقصى إحياءً لما يُسمّونه “ذكرى الإستقلال” حيث حدّدت الدعوة يوم الخميس 5 أيار/مايو القادم موعداً للإقتحام، وهو موعد يتزامن مع اختتام أيام “عيد الفطر” عند المسلمين، أي أنّ الدعوة ستُشكّل عاملاً إستفزازياً مضاعفاً كونها تستهدف اقتحام المسجد الأقصى من حيث المبدأ، وتتزامن أيضاً مع أجواء عيد الفطر، أي أنّها تعكس التعمّد الصهيوني في الإعتداء على المقدّسات في المناسبات الدينية.
بطبيعة الحال، سيُشكّل يوم الإقتحام الكبير المنوي تنفيذه من قِبل المتطرفين الصهاينة مناسبةً للمواجهة والتصدّي من قِبل الفلسطينيين لهذا النشاط التهويدي الإستفزازي الذي ينتهكه المستوطنون بحقّ المسجد الأقصى، وحلقة جديدة من حلقات الصمود في وجه آلة البطش الصهيونية ومحاولة فرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى لتثبيت التقسيم الزماني والمكاني للحرم.
- الذكرى السنوية الاولى لمعركة (سيف القدس):
تحلّ الذكرى السنوية لمعركة “سيف القدس” في 10 أيار/مايو المقبل، وهي مناسبة لحشد الطاقات والهِمم الفلسطينية وإحياءً لمشاهد البطولة وتكامل الفعل الفلسطيني التي عمّت الأراضي الفلسطينية على امتداد فلسطين التاريخية، وهو ما سيُشكّل عاملاً مُحفّزاً نحو المزيد من المبادرة الفلسطينية باتجاه المواجهة مع قوات الاحتلال والتكامل الفلسطيني في نصرة القدس والمسجد الأقصى.
من المتوقع أن تشهد مدينة اللد في ذات الفترة تحركات جماهيرية في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشاب الفلسطيني “موسى حسونة” الذي ارتقى شهيداً على أثر اعتداءات المستوطنين في مدينة اللد إبّان أحداث معركة سيف القدس، حيث ينوي السكان إحياء الذكرى في ساحة الزهور حيث استُشهد، والساحة قريبة جداً من المنطقة المعروفة بانتماء سكانها لحركة “نواة التوراة” المعروفين بتطرفهم وعدائهم الكبير للعرب، وهو ما سيخلق حالة واسعة من التوتر في المدينة وأماكن تجمّع الفلسطينيين في الداخل المحتل.
- إحياء ذكرى النكبة:
تحلّ ذكرى النكبة في 15 أيار/مايو القادم، وهي ذكرى تحظى بتفاعل فلسطيني واسع يخرج فيها الشعب الفلسطيني من كل أماكن تواجده بفعاليات جماهيرية حاشدة للتأكيد على تمسّكه بأرضه وحقّه في التحرير والعودة وتقرير المصير، وتُشكّل ذكرى النكبة فرصة مهمة في إطار توسيع حالة الحراك الجماهيري الفلسطيني وترابطه بدءاً من الشتات مروراً بغزة والضفة الغربية، وصولاً للأراضي المحتلة عام 1948 والتي ستُشكّل العنوان الأبرز في المواجهة، كونها تتزامن مع إحتفالات الكيان الصهيوني بما يُسمّى “عيد الإستقلال”.
بحسب الصحافي في صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية “إليئور ليفي”، تُشكّل إحتفالات الكيان الصهيوني بـ”عيد الإستقلال” حافزاً لفصائل المقاومة من أجل العمل على توجيه عمليات فدائية تنطلق من الضفة الغربية والقدس تستهدف قلب الكيان وهو نهج تنتهجه الفصائل في المناسبات والأحداث الكبرى في الكيان.
- مسيرة الأعلام الصهيونية:
تحلّ مسيرة الأعلام هذا العام بحسب التقويم العبري في نهاية شهر أيار/مايو القادم، وهي الفعالية الإستفزازية التي كانت سبباً رئيسياً في اندلاع المواجهة إبّان معركة سيف القدس، وكادت دعوة المتطرف الصهيوني “بن غفير” تشعل المواجهة مرة أخرى حين دعا إلى مسيرة أعلام مبكّرة في منتصف رمضان والتي منعتها شرطة الاحتلال من الوصول للحي الإسلامي وباب العامود في المسجد الأقصى.
مسيرة الأعلام هي مناسبة يحتفل بها الصهاينة بذكرى احتلالهم للقدس بعد إحكام سيطرتهم على القدس الشرقية في العام 1967، ويتمّ فيها تنظيم مسيرة كبرى للمتطرفين الصهاينة يجوبون فيها أحياء القدس ويتعمّدون فيها التوجه إلى الحي الإسلامي في المدينة وباب العامود وصولاً لحائط البراق.
المسيرة هذا العام تحكمها خصوصية توتّر أعلى من كل عام، حيث أنّها ستُنظّم لأول مرة بعد معركة سيف القدس، إضافة أنّها تأتي بعد شهر حافل بالمواجهات، وبشكل خاص في مدينة القدس، على خلفية الإقتحامات الصهيونية المتكررة للمسجد الأقصى.
إنّ المناسبات، السالف ذكرها، هي طقس ثابت وموجود على تقويم الأحداث المُقبلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي إلى جانب أي حدث غير متوقع تُشكّل عوامل مُحفّزة لاشتعال الأوضاع المتوترة والمشحونة أصلاً بعد شهر رمضان الذي كان حافلاً بالمواجهات والإشتباكات.
إنّ أية عملية فدائية كبرى في الداخل المحتل، أو جريمة صهيونية صارخة بحقّ شعبنا، قد تُشعل المنطقة كلها وليست الأراضي المحتلة فقط، وهو ما برز جلياً في تحركات المقاومة وتصريحاتها المؤكدة على ترابط الساحات، إضافة لتصريح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول مركزية قضية القدس لمحور المقاومة ككل، وهو ما يؤشر على إمكانية توسّع أي مواجهة كبرى يمكن أن تنشأ، إرتباطاً بالتصعيد الصهيوني المتواصل بحقّ المدينة المقدّسة.
*كاتب فلسطيني
وسوم :
أحمد الطناني, الأراضي الفلسطينية, الأعياد الدينية اليهودية, الاحتلال الإسرائيلي, السيد حسن نصر الله, الشعائر التلمودية, الكفاح المسلّح, اللد, المتطرفون الصهاينة, المسجد الأقصى, النكبة, النكسة, باب العامود, حركة نواة التوراة, حزب الله, شهر أيار/مايو, شهر رمضان, صمود, عيد الفطر, غزة, فلسطين التاريخية, قطعان المستوطنين, مسيرة الأعلام, معركة سيف القدس, يديعوت أحرونوت