هل تزور “آمال” قبر والدها؟

التصنيفات : |
مايو 26, 2022 9:24 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

بعد ظهر الخميس ٢١ نيسان/أبريل ٢٠٢٢، عُرض في سينما Vue في الويست فيلد سيفردز بوش في لندن، فيلم “آمال” من إخراج الفلسطينية فاطمة الحلو، وهو جزء من مشروع تخرّجها بدرجة ماجستير من جامعة غرب لندن للسينما، وهو من أفضل أفلام هذا العام حسب رأي المتابعين.

وفاطمة الحلو فلسطينية من قرية الياجور المحتلة، وُلدت في مخيّم شاتيلا في بيروت، عايشت مجزرة صبرا وشاتيلا وهي طفلة، وقرّرت أن تفضح القتلة من خلال السينما، فكان فيلم “آمال” عن النكبة واللاجئين وحقّ العودة.

تتحدث فاطمة الحلو، في مقابلة خاصة لموقع صمود، عن فيلمها:

“يروي فيلم “آمال” قصة فتاة فلسطينية في سن الخامسة عشر من عمرها، تعيش مع جدّتها في أحد المخيّمات من دون تحديد موقع المخيّم، فقدت والدها ووالدتها برصاص قنّاص إسرائيلي.

وفي الذكرى السنوية الأولى لوفاة والدها، أرادت آمال وجدّتها سارة زيارة ضريح والدها والخروج من المخيّم. لكنّها وُضعت تحت الإقامة الجبرية المنزلية من قِبل السلطات الإسرائيلية بسبب تحريضها ضد الكيان المحتل.

يلقي الفيلم الضوء على المعاملة السيئة والظلم اللذين يتعرّض لهما الفلسطينيون في مخيّمات الشتات. وقد جرت بعض أحداث هذه القصة خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان”

ماذا سيحصل في النهاية؟ هل ستتمكّن العائلة من الوصول إلى قبر الوالد؟ وهل ستستطيع  العودة إلى موطنها؟”. أسئلة يجد المشاهد أجوبتها في الفيلم حسب ما تقوله المخرجة.

وتضيف الحلو:”يلقي الفيلم الضوء على المعاملة السيئة والظلم اللذين يتعرّض لهما الفلسطينيون في مخيّمات الشتات. وقد جرت بعض أحداث هذه القصة خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان”.

أما موضوع دفن والدها، فإنّ المشاهد يكتشف ذلك خلال مشاهدة الفيلم. وما إذا استطاعت آمال وجدّتها ساره من زيارته أم لا.

وعن الهدف من اختيارها لموضوع الفيلم؟

تجيب المخرجة: “يتحدث الفيلم عن ثلاثة أجيال. جيل النكبة والجيلين الثاني والثالث. ولأنّني من الجيل الثالث، أحببت أن أشارك الجمهور تجربتي، كجيلٍ لم يرَ فلسطين وعانى من حياة المخيّم وقاسى عذابات النكبة.

“لدى الفيلم رسالة واضحة للشارعين العربي والغربي تحديدا، تعكس رأي اللاجىء الفلسطيني وتسلّط الضوء على الظروف التي تحيط به، كما يُظهر أساس المشكلة، ورأي الطرف الآخر”

لقد لجأ أهلي من قرية الياجور في سفح الكرمل في حيفا إلى لبنان. وجيلاً بعد جيل، أصبحنا فلسطينيين لاجئين نعيش نفس معاناة اللاجئين منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا”.

وعن الهدف من خلف قصة الفيلم، توضح الحلو: “لدى الفيلم رسالة واضحة للشارعين العربي والغربي تحديدا، تعكس رأي اللاجىء الفلسطيني وتسلّط الضوء على الظروف التي تحيط به، كما يُظهر أساس المشكلة، ورأي الطرف الآخر”.

فاطمة الحلو

تقول: “أنا إنسانة فلسطينية، وُلدت وترعرعت في مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وعشت معاناة اللجوء كأي إنسان فلسطيني. فقدت إخوتي خلال الحرب الأهلية في لبنان، وفقدت والداي في المخيّم أيضا. عشت وأنا طفلة مجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها نحو ثلاثة آلاف شخص من فلسطينيين ولبنانيين وغيرهم من جنسيات أخرى. بعد ذلك قرّرت أن أتابع دراستي الجامعيه في بريطانيا، فدرست الإعلام المرئي والمسموع في جامعة ستيرلينغ في سكوتلندا. ثم انتقلت إلى لندن للعمل في مجال الإعلام وعملت على أفلام وتقارير قصيرة عن الوضع الفلسطيني. ومن ثم عدت لأستكمل دراسة الماجستير في جامعة وست لندن وحصلت هذه السنة على الشهادة، وكانت رسالتي عن وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تحديداً لأنّ الضوء لا يُسلّط بشكل كامل على هذا الموضوع ، لذا قمت بإنتاج فيلم “آمال””.

من ذاكرة المجزرة

تضحك الحلو وتجيب: “تقصد لماذا لم أنسَ مجزرة صبرا وشاتيلا. إنّ المجزرة هي السبب الرئيسي الذي دفعني لدراسة الإعلام وتوثيق الذاكرة. كيف احتلّ الجيش الإسرائيلي بيروت الغربية وحاصر المخيّم ظهر الأربعاء في 16 أيلول/سبتمبر من عام 1982.

“أتذكّر الذين هرعوا إلى منزلنا من أصدقاء أهلي، كانوا نساءً وفتيات، هربن وهنّ حافيات ووجوههن مغطّاة بالدم، كنّ يصرخن: لقد قتلوا أولادنا وأزواجنا”.

كان أول ما شاهدناه من الحصار هو جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان على أطراف المخيّم خصوصاً في منطقة حيّ فرحات والمدينة الرياضية. في ذلك اليوم، لم يكن هناك إلا الجنود الصهاينة، ولكن بعد الساعة الخامسة عصرا، بدأت تظهر أفواج أخرى من مسلحين لبنانيين جاءوا لمؤازرة جيش العدو الإسرائيلي، وبدأوا بقصف المخيّم.

رأيت بعض من استُشهد حينها، لم يوفّر سلاحهم الناري والأبيض الكبار والصغار، المسنّين والأطفال، أتذكّر الذين هرعوا إلى منزلنا من أصدقاء أهلي، كانوا نساءً وفتيات، هربن وهنّ حافيات ووجوههن مغطّاة بالدم، كنّ يصرخن: لقد قتلوا أولادنا وأزواجنا”.

يصمت صوتها الحزين قبل أن تكمل الحلو سردية المجزرة: “بقيت ثلاثة أيام في المنزل، كنت أسمع أصوات الصراخ والركض، وطلقات الرصاص على الجيران، كانوا يقتلون كل من يتحرك في المخيّم.

“كنت أعتقد أنّه من الطبيعي أن نرى جثثاً في الطريق وأن نعيشَ في مخيّم وليس لدينا أية حقوق كبشر، وأوّلها العيش بأمان، حتى وصولي إلى بريطانيا، بدأت الأمور تتّضح بشكل مختلف”

كل المذابح والقتل حصلوا أمام أعيننا وعلى مسامعنا. طبعاً هذا أثّر بي خلال السنين الماضية ولم تفارقني أية صورة رأيتها بأمّ عيني من مشاهد القتل والذبح في تلك الأيام السوداء. كنّا أطفالا، ولا نفهم معنى الموت. ولكنّ الفكرة كانت مرعبة كثيرا. كنت أعتقد أنّه من الطبيعي أن نرى جثثاً في الطريق وأن نعيشَ في مخيّم وليس لدينا أية حقوق كبشر، وأوّلها العيش بأمان. حتى وصولي إلى بريطانيا، بدأت الأمور تتّضح بشكل مختلف”.

وعن عودتها إلى مخيّم شاتيلا، تقول الحلو:” أنا تركت لبنان قصراً ولظروف سياسية حينها لها علاقة بموضوع مجزرة صبرا وشاتيلا. وخلال الفترة التي كنت أدرس فيها كنت أزور لبنان دوماً لأشارك في ذكرى المجزرة”.

والجدير ذكره أنّه في العام ٢٠٠٢، شاركتني فاطمة الحلو في إجراء مقابلات مع ١٣ ناجٍ وناجية من مجزرة صبرا وشاتيلا خلال تحضيري لتحقيق حول ما حصل خلال أيام المجزرة الثلاثة.


وسوم :
, , , , , , , , , ,