مع انتهاء عطلة الكنيست.. الانفجار في “إسرائيل” يقترب

التصنيفات : |
مايو 1, 2023 7:39 ص

*سنان حسن

على الرغم من محاولات بثّ أجواء إيجابية عن اتفاق أولي بين المعارضة والحكومة الإسرائيلية خلال المفاوضات التي يرعاها الرئيس إسحاق هرتسوغ، قبل عودة الكنيست للعمل بعد انتهاء عطلته الشتوية، إلا أنّ أجواء التفاؤل سرعان ما بددها حزب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (الليكود) “الذي نفى إطلاقاً التوصل إلى أي اتفاق”، مؤكداً أنّ “التسريبات كاذبة ومنحازة”، ما يوحي أنّ الخلاف العميق بين الأطراف المتحاورة ما زال كبيراً ومن الصعب تجازوه بسهولة، لا سيما وأنّ كلا الطرفين لم يتراجعا عن الخطاب التصعيدي بينهما وخصوصاً من طرف الحكومة التي وجدت في الشارع وسيلة لإرسال رسالة إلى معارضيها مفادها أنّها ماضية في مشروعها الإصلاحي مهما كلّف الأمر “مظاهرة القدس المؤيدة للحكومة” مثال، فما الذي ينتظر “إسرائيل” خلال الأيام القادمة من أحداث؟، وهل سيؤدي الكباش المتواصل بين الحكومة والمعارضة إلى أمور غير متوقعة؟، ماذا عن نتنياهو وائتلافه الحكومي هل سيكون قادراً بالفعل على تحمّل تبعات مشروعه بعد كل الذي حصل في الجولة الأولى من إقرار القوانين؟، والأهم هل ستتوقف واشنطن هذه المرة عند التحذير لـ”بيبي” أم أنّها ستتدخل وبقوة لإسقاطه والحفاظ على ثمرة مشروعها في المنطقة؟.

خلال الأيام القليلة الماضية ومع انشغال الإسرائيليين بالتحضير للاحتفال  بالذكرى الـ75 للاستقلال المزعوم، بدا واضحاً مدى الانقسام والتباعد بين الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة على الساحة الإسرائيلية على خلفية مشروع الإصلاحات القضائية التي تتبنّاها حكومة اليمين بقيادة نتنياهو، ولعل ما جرى مع وزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير خلال مشاركته في فعالية بمقبرة بئر السبع، رغم المناشدات الكثيرة لعدم حضوره.. مثال على ذلك، حيث هاجمت عائلات الجنود بن غفير وهتفت ضده قبل أن يحصل تدافع بين المؤيدين والمعارضين. هذا الأمر لم يتوقف هنا، بل سعت الحكومة الإسرائيلية إلى إبراز قوتها في الشارع من خلال عرض عضلات كان مسرحه شوارع القدس المحتلة “المعقل الرئيس للجماعات الصهيونية”، حيث انبرى قادة الائتلاف الحكومي للدفاع عن مشروعهم مؤكدين عدم التراجع عنه تحت أي ضغط، وهذا ما قاله وزير العدل ياريف ليفين خلال مسيرة “الأمة صوتت لإصلاح القضاء”، في حين كان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أكثر تشدداً في خطابه بقوله: “إنّ معارضي الإصلاح يتلقّون دعم وسائل الإعلام وأباطرة المال.. ولن نتخلى عن دولة يهودية ولن يسرق منا أحد هذه الشروط”. طبعا، رد المعارضة لم يتأخر كثيراً حيث وصف زعيمها يائير لابيد ما جرى بالخطير على مستقبل “إسرائيل” بقوله: “الخطابات التحريضية للوزراء وأعضاء الكنيست -في المسيرة فقط- تستمر في تمزيق الناس وتفكيك المجتمع الإسرائيلي”. بدوره وصف جدعون ساعر وزير العدل السابق من حزب الوحدة الوطنية المعارض، خطاب ليفين بأنّه “أحد أخطر خطابات التحريض حتى الآن ضد النظام القضائي الذي يرأسه”. إذا، التصعيد مستمر وبقوة ولكنّ النقطة الأهم مع عودة الكنيست إلى العمل هل يستطيع نتنياهو وائتلافه اليميني تمرير التشريعات فورا؟.

نتنياهو بين خيارين أحلاهما مرّ فكيف سيعبر حقل الألغام الذي وضع نفسه فيه داخلياً على الأقل؟

صحيح أنّ نتنياهو وائتلافه يستحوذان على أغلبية مريحة تمكّنه من تمرير الإصلاحات المزعومة، ولكن قبل ذلك هناك ميزانية لـ”إسرائيل” يجب إقرارها، وهنا بيت القصيد فكل حزب مشارك له مطالب لدى نتنياهو من إقرار قانون الصهيونية إلى إعفاء الحريديم رسمياً من الخدمة العسكرية إلى تنفيذ الإصلاحات القضائية نفسها، دون أن نغفل مطالب المعارضة وأسئلتها عن برنامج الحكومة الذي تعهّد نتنياهو بتطبيقها في بداية حكومته الجديدة، وعليه في حال تمّ تقديم الإصلاحات دون إقرار الموازنة خلال عمل الكنيست، فإنّنا أمام انتخابات مبكرة تُعطي فيها استطلاعات الرأي المعارضة تفوّقاً كاسحاً على نتنياهو وفريقه الائتلافي يصل إلى 70 مقعدا، وفي حال مضيّه في إقرار الموازنة وعدم تلبية شروط حلفائه فإنّه أيضاً أمام انهيار ائتلافه وأيضاً انتخابات مبكرة، إذاً نتنياهو بين خيارين أحلاهما مرّ فكيف سيعبر حقل الألغام الذي وضع نفسه فيه داخلياً على الأقل، ولكن ماذا عن الخارج المتمثّل بأمريكا والهيئات الاقتصادية الدولية التي تديرها والتي رفعت تحذيراتها قبل مضيّ نتنياهو في مشروعه “وكالة موديز خفّضت تصنيف “إسرائيل” من إيجابي إلى مستقر بانتظار ما تتمخّض عنه المفاوضات مع المعارضة”؟. هل يمكن له أيضاً تجازوها دون حدوث أخطار كبيرة كما يقول المحللون السياسيون والاقتصاديون؟.

إنّ الأيام القليلة القادمة ستُظهر المزيد من الوهن الكبير الذي يعيشه الكيان الصهيوني، حتى وإن نجحت محاولات الاحتواء التي تقوم بها واشنطن حالياً لمنع الانفجار، إلا أنّ الصدام بين مكونات المجتمع الصهيوني قريبة جداً

لا شك أنّ الرئيس الأمريكي جون بايدن كان واضحاً في مسألة التعديلات القضائية، فهو دعا إلى توافق كبير بين القوى الصهيونية لإقرارها، وقد لاحظنا التأثير الكبير الذي تملكه واشنطن في الداخل الإسرائيلي، وبالتالي فإنّ المضي في الإصلاحات دون الاتفاق مع المعارضة، سيجعلنا نعود إلى يوم الـ27 من آذار/مارس الفائت عندما شُلّت الحركة في كل “إسرائيل” قبل أن يخرج نتنياهو ويُعلن تعليق الإصلاحات المزعومة، دون أن ننسى أنّ بايدن نفسه رفض استقبال نتنياهو في البيت الأبيض حتى الآن!.

يقول تقرير لمجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية صدر في الـ28 من نيسان/أبريل المنصرم “إنّ أكبر خطر يهدد “إسرائيل” في القرن الـ21 هو الانقسام الداخلي.. وليس الغزو الخارجي” وعليه يمكن التأكيد على أنّ الأيام القليلة القادمة ستُظهر المزيد من الوهن الكبير الذي يعيشه الكيان الصهيوني، حتى وإن نجحت محاولات الاحتواء التي تقوم بها واشنطن حالياً لمنع الانفجار، إلا أنّ الصدام بين مكونات المجتمع الصهيوني قريبة جدا، لننتظرَ ونر.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,