التهديد يُقابل بالوعيد: هل تفعلها “إسرائيل”؟

التصنيفات : |
أغسطس 29, 2023 7:09 ص

*سنان حسن

في آخر جولة من جولات الصراع في قطاع غزة بين العدو الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية (ثأر الأحرار)، في أيار/ مايو الفائت، تمّ وقف إطلاق النار بعد تدخل الوسطاء وتعهد العدو بوقف الاغتيالات لقادة فصائل المقاومة. واليوم، وبعد مرور قرابة الثلاثة أشهر، أبلغت “إسرائيل” الوسطاء بتنصّلها من جميع التفاهمات الأخيرة التي أُبرمت مع الفصائل، وقررت تفويض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش يوآف غالانت، بالتحرك لتنفيذ سلسلة إجراءات تمّ الاتفاق عليها لمحاربة قادة الفصائل ومن يقف خلفهم ويموّلهم.

ينطوي هذا الإعلان على مؤشرات كثيرة سواء من ناحية الوضع المأزوم الذي يعيشه الاحتلال وجيشه في مواجهة العمليات المتصاعدة لفصائل المقاومة الفلسطينية، والجدل الداخلي الذي يدور في الأوساط السياسية الإسرائيلية، والانتقاد الذي يُوجّه للحكومة لعدم قدرتها على احتواء العمليات الفلسطينية، حتى من  داخل الحكومة نفسها، إذ رأى وزير الأمن الوطني المتطرف إيتمار بن غفير أنّ غالانت يرد بشكل “ناعم” على ما يجري، مطالباً بأن يُصار إلى وقف هذه السياسة واللجوء إلى تنفيذ الاغتيالات ووقف منح التصاريح، كما أنّ الإعلان الإسرائيلي والذي توعد فيه أسماء محددة من المقاومة الفلسطينية يؤكد للمرة المليون أنّ كل العهود والمواثيق التي يجري التوصل إليها مع العدو الصهيوني هي لتمرير الوقت والخروج بأقل الخسائر وما حدث في معركة ثأر الأحرار خير مثال، إذ ضغطت “إسرائيل” على الوسطاء للوصول إلى اتفاق مع حركة الجهاد الإسلامي لوقف إطلاق الصواريخ، واليوم تتراجع عما تعهدت به.

إنّ قرار العودة إلى سياسة الاغتيالات يأتي بالتأكيد ضمن اللعبة الداخلية الإسرائيلية، حيث ما يزال معسكر المعارضة يحافظ على تقدّمه على الائتلاف الحكومي في استطلاعات الرأي، وبالتالي المضي في هذا الأمر سيعزز من حظوظه في أوساط المتشددين ويخفف من الانتقادات الموجهة لنتنياهو

ومن جهة أخرى، إنّ قرار العودة إلى سياسة الاغتيالات يأتي بالتأكيد ضمن اللعبة الداخلية الإسرائيلية، حيث ما يزال معسكر المعارضة يحافظ على تقدّمه على الائتلاف الحكومي في استطلاعات الرأي، وبالتالي المضي في هذا الأمر سيعزز من حظوظه في أوساط المتشددين ويخفف من الانتقادات الموجهة لنتنياهو، ولعل ما حصل بعد اغتيال خمسة من قادة حركة الجهاد الإسلامي قبل جولة ثأر الأحرار يشي بذلك، إذ ارتفعت أسهم نتنياهو وحزبه (الليكود) في استطلاعات الرأي. دون أن ننسى أنّ القرار الإسرائيلي والتهويل الإعلامي له في الإعلام الإسرائيلي، هو محاولة للقول أنّ الردع ما زال واقعاً ولم يتآكل كما يرى المحللون والخبراء العسكريون.. ولكن، ماذا عن الفصائل الفلسطينية وكيف سترد على التطور الإسرائيلي؟.

الرد على الاغتيالات: حرب إقليمية

لم يتأخر رد فصائل المقاومة على التهديدات الإسرائيلية، إذ لم تطلب ضمانات من الوسطاء الذين تحركوا للتهدئة بين الطرفين، مؤكدة أنّه لا ثقة بالوعود الإسرائيلية، وأنّ كل الوعود التي يطلقها تسقط عند أول فرصة تسنح له لاغتيال قائد في المقاومة، ولكن في الوقت عينه أبقت المقاومة على حالة الحذر والانتباه في صفوف قادتها ومسؤوليها تحسباً لأي غدر ممكن أن يحصل من جانب العدو، في حين كان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري أكثر وضوحاً وأكثر حزماً بالقول: “ما يفكر به العدو من هدم الأقصى وتعظيم الاستيطان والعدوان على شعبنا وبرامج الاغتيالات سيتسبب بمواجهة شاملة ستكسره، ونحن نعرف ماذا نقول، ولن يستطيع أن يقضي على المقاومة، وستتعاظم وتحقق أهدافها”.. أما الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، فقد أكد أنّ “المقاومة الفلسطينية لن تتهاون أبداً في التصدي للعدوان الإسرائيلي، مشيراً إلى أنّ المقاومة ستمارس حقّها الطبيعي والمشروع في التصدي والرد على أي عدوان”.

هل تستطيع “إسرائيل” بالفعل، تجاوز تبعات هذه المواجهة ولا سيما إذا ما نفّذت تهديداتها في الخارج؟، خاصة وأنّ المقاومة أعلنت جهوزيتها لرد كبير على حماقات نتنياهو وعصابته

يبدو المشهد ساخناً جداً ومفتوحاً على كل الاحتمالات في ظل تسريب إعلام الاحتلال أكثر من سيناريو لتنفيذ مخططاته. بداية، من القيام بعملية عسكرية على غرار ما حصل في جنين، مروراً بتنفيذ اغتيالات لقيادات في الضفة والقطاع، وليس انتهاء بتنفيذ اغتيالات في الخارج حيث كان واضحاً التركيز على نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري.. فهل تستطيع “إسرائيل” بالفعل، تجاوز تبعات هذه المواجهة ولا سيما إذا ما نفّذت تهديداتها في الخارج؟، خاصة وأنّ المقاومة أعلنت جهوزيتها لرد كبير على حماقات نتنياهو وعصابته، ولعل ما حذّر منه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من أن أي اغتيال على الأراضي اللبنانية لن يمر دون رد، يبدو كافياً لتصوّر حرب لن تكون كسابقتها.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , ,