هل يمكن تطوير تجربة مركز “سنابل” للمسنِّين في مخيم الرشيدية؟

التصنيفات :
أغسطس 27, 2021 10:08 ص

صمود – الرشيديّة

في مبنى تابع لوكالة الأونروا، في وسط مخيم الرشيدية في جنوب لبنان، تأسَّس مركز “سنابل” لرعاية المسنِّين في ٢٧ كانون الثَّاني من عام ٢٠١٤، وبتمويلٍ من جمعية الـ”GIZ” الألمانية، لمدة ست سنوات. وقد تطوّع للعمل في هذا المركز  ثمانية من أصحاب الاختصاص، وهم من أهالي المخيم يعاونهم أربعة متطوّعين من شباب المخيم.

يقول المُسنّ الحاج أحمد العريض (أبو توفيق): “أنا من أول الناس الذين بدأوا التردد على هذا المركز، أقضي وقتاً مع أصحابي من أهالي المخيم، وأشارك في الرحلات وباقي النشاطات”.

أما المُسنّة جمال أبو سويد (أم حسين) فتقول: “لقد تحوّل المركز إلى بيتي الثاني، أقضي أوقاتاً مع نساء أخريات، ويهتم بي عدد من الصبايا المتطوّعات في المركز، وأشارك في الأشغال اليدوية وأستمع إلى ندوات مختلفة”.

هذان المُسنّان، من مخيم الرشيدية، أدمنا الحضور والمشاركة في أنشطة المركز المذكور إلى جانب العشرات من المُسنّين والمُسنّات.

أُقيم هذا المركز في مبنىً تابِع لوكالة الغوث وتشغيل اللّاجئين “الأونروا” و يُعدّ هذا المكان استراتيجياً كونه يتوسّط المخيم، فلاقى استحسان المتطوعين والمُسنّين بشكلٍ خاص لسهولة الوصول إليه.

نشاطات المركز

يضم المركز صالة للاجتماعات واللقاءات، مكتب، مطبخ ومرحاضين.. واحد في داخل المركز وآخر في الخارج، حيث توجد ساحة وحديقة يقضي فيها المُسنّون والمُسنّات معظم أوقاتهم.

تقول الناشطة ماجدة العري: ” بداية، كان المُسنّون يتوافدون بأعدادٍ قليلة إلى “سنابل” ولم يتخطّ عدد الرُّوّاد اليوميين خمسة رجال، لكن مع مرور بعض الوقت ازداد هذا العدد ليصل إلى ٣٥ مُسنّاً ياتون بشكل يومي”.

وتُعيد العريض هذا التطور الملحوظ إلى عوامل عديدة: “لاقت الفكرة استحسان المُسنّين، الذين لم يكن لديهم أيّ مُتنفّس في المخيم المكتظ أصلاً بالسكان، وبدلاً من قضاء معظم الوقت في المنزل، أو جالساً عند بابه، صار المُسنّون يتوافدون منذ الصباح وحتى صلاة العصر، ليقضوا معظم أوقاتهم في المركز.

ويتخلل هذا الوقت العديد من الأنشطة الداخلية والخارجية كالرياضة الصباحية ولعب الورق والشطرنج والطاولة وغيرها. ويُقام عدد من  الندوات التي تهمّ المُسنّين خصوصاً في الجانب الصحي والاجتماعي، إضافة إلى تقديم وجبة غذاء لهم إلى جانب القهوة والمشروبات الباردة”.

ومع تزايد الأنشطة اليومية تشجع المُسنُّون وأقدموا على دعوة أصدقائهم من المُسنّين الآخرين لزيارة المركز، والمشاركة في الرحلات الترفيهية. إذ كانت كل رحلة تستهدف ١٠٠ مُسنٍّ ومُسنّة يزورون فيها منتزهاتٍ ومناطق طبيعية مثل نهر القاسمية، مليتا، دير قانون النهر، مارون الرَّاس – حدود فلسطين…

كما تمّ تأمين العديد من الخدمات الخاصة بالمُسنّين، كتوزيع حصص غذائية وأدواتٍ طبية (فرش مائية – أكياس حفاضات – عُكّاز وغيرها من الاحتياجات…)، بالإضافة إلى الإفطارات الرمضانية السنوية.

لكن مع بداية تفشّي وباء كورونا قلَّ عدد الوافدين من المُسنّين، وتُوفّي عدد منهم  بسبب هذا الوباء، مما قلّص أعداد الرُّوّاد الدائمين.

وبالرغم من انتشار الوباء وآثاره، واضطرار إدارة المركز إقفاله لفترة، فقد غضب العديد من المُسنّين وطالبوا بفتح المركز خصوصا خلال فترة الحجر الصحي كونهم اعتادوا على المكان ويعتبرونه البيت الثاني إلى جانب منزلهم الأصلي، الذي تحول إلى مكان للمنامة فحسب.

وتزيد العريض: “في العام ٢٠١٩ انتهى تمويل الـ”GIZ”، وبقي مموِّل واحد من مغتربي المخيم هو نزيه الشُّولي، الذي تولَّى دفع جميع مصاريف المركز من: رواتب الموظفين، لوازم الأنشطة، فواتير الماء والكهرباء وغيرها. لكن الخدمات تقلصت واقتُصر العمل على المساعدات الصحية والغذائية. منذ ذلك الحين، لم يعد المركز قادراً على تنظيم رحلات وأنشطة ترفيهية كما في السابق”.

ماذا عن الوضع الرّاهن؟

تقول إحدى الناشطات التي اعتذرت عن ذكر اسمها: “يتم توزيع وجبات الغذاء يومياً على ٦٥ مُسن في منازلهم، ويتم توزيع ٨٠ كيساً من الحفاضات للمُسنّين شهرياً، إلى جانِب تقديم بعض الخدمات الطبية وتأمين بعض الأجهزة والمستلزمات الطبية لمن يحتاج اليها. وما زال الفريق الصحي يقوم بزيارات أسبوعية للمُسنّين لتفقّد أوضاعهم وإجراء الفحوصات المخبرية اللّازمة لهم.

أما المُسنَّات فيقُمن بالتّوافد إلى المركز مرتين أسبوعياً للمشاركة بنشاط الأشغال اليدوية، كما يشاركن في ندواتٍ صحية، نفسية وثقافية.

تاريخيا، لاقى المركز استحساناً محلياً ودوليا، فقد زاره سفراء بعض الدول العربية والأوروبية (النمسا، ألمانيا، هيئة الأمم المتحدة…)، وأشادوا بأهمية هذا المركز، كونه الأول من نوعه في المخيمات الفلسطينية، وما له من تأثير إيجابي كبير على مُسنّي مخيم الرشيدية.

هل من مبادرات محلية أو دولية تعيد المركز إلى موقعه الرائد؟


وسوم :
, , , ,