مخيّم البريج.. رسائل الحب إلى يافا

التصنيفات : |
أبريل 22, 2024 6:00 ص

*حمزة البشتاوي

يطير الحمام مع كل إشراقة شمس على مخيّم البريج، نحو يافا، حاملاً رسائل الحب
والشوق إلى المدينة ومينائها الذي كان وسيبقى، بوابة للخير والعودة والأحلام.
ويحط الحمام على أسطح مخيّم البريج المليئة بقصص الحنين القديمة والجديدة للبلاد،
وترى الحزن المتوّج بالفخر على شهداء المخيّم يشبه القمر والمطر ومن الشهداء إبن
المخيّم وحاراته الشهيد أيمن نوفل، والشهيدة جميلة الشنطي، ومن قبلهم أمير الشهداء خليل الوزير (أبو جهاد) الذي تربى وعاش ودرس في المخيّم بعد أن استقرت فيه عائلته المهجّرة قسراً من مدينة الرملة في نكبة العام 1948.
وأُنشئ مخيّم البريج وسط قطاع غزة في العام 1949 على بقايا ثكنات الجيش البريطاني،
ضمن مساحة لا تتجاوز الـ528 دونما، ومعظم أراضي المخيّم تعود ملكيتها إلى قبيلة
الحناجرة، ويتميز المخيّم بوقوعه على تلة مرتفعة عن مستوى البحر، وسُمي بهذا الإسم
بسبب البرج الموجود بجوار المخيّم، وأيضاً نسبة إلى خربة البريج، وهناك من يقول بأنّ
سبب التسمية يعود إلى برج الحمام الذي كان موجوداً في المكان أيام الاحتلال البريطاني.
ويُعتبر مخيّم البريج من أصغر المخيّمات في جنوب مدينة غزة، بالقرب من مخيّمي
النصيرات والمغازي، ويتميز كغيره من مخيّمات قطاع غزة باللحمة الوطنية بين أبنائه
الذين ينظرون إلى المخيّم كمنارة وشعلة للمقاومة من أجل العودة والإستقلال.
ومنذ بداية معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة، يخوض أبناء مخيّم البريج ملحمة
صمود وتحدي أسطورية، بمواجهة القصف الجوي والمدفعي، وتدمير منازل وحارات
وأزقة المخيّم الذي لم يغادره العدد الأكبر من سكانه البالغ عددهم نحو 55 ألفاً معظمهم لجأ
إلى المخيّم من مدن الرملة ويافا وأسدود والفالوجا وبئر السبع وكرتيا.
ولعب مخيّم البريج دوراً كبيراً في مقاومة الاحتلال منذ إنشائه، حيث شارك أبناؤه في
الكفاح الوطني وإشعال الإنتفاضة الأولى عام 1987، وفي مواجهة كل الحروب
والإعتداءات الإسرائيلية، برايات عالية وحكايات راسخة عن البطولة والصمود في كل
شبر من أرض المخيّم، إبتداءاً من مدخله الرئيسي الذي ينطلق من شارع الشهداء وشارع العودة
وصولاً إلى وسط المخيّم حيث دوّار الشهداء، نسبة إلى ضحايا المجزرة التي ارتكبها آرييل
شارون، وذهب ضحيتها 25 شهيداً من أهالي المخيّم في العام 1953، حيث إنطلقت بعد
تلك المجزرة مظاهرة صاخبة تقدّمها الشاعر معين بسيسو، وطالبت فيها الجماهير بالسلاح
كي تدافع عن نفسها وعن المخيّم، الذي تصاعدت فيه أعمال المقاومة ضد الاحتلال بعد
العام 1967.

وينشط في مخيّم البريج العديد من الجمعيات الدينية والإجتماعية والثقافية، خاصة العاملة
في مجال إحياء التراث والذاكرة التي يتوارثها أبناء المخيّم من جيل إلى جيل، ومعظمهم
ينتمي إلى شرائح البدو وأهل الريف وسكان القرى، التي تتنوع وتتشابه فيها العادات
والتقاليد، في الأعراس والمأكل والمشرب والملبس، وتعتبر هذه العادات والتقاليد والتمسك
بها جزءاً من المواجهة مع الاحتلال الذي يحاول إرسال دباباته وجرافاته نحو المخيّم،
فيتصدى لها أبناؤه وهم يزنّرون المخيّم بمتاريس الصبر والإصرار على النصر، مرددين
ما قاله الشاعر معين بسيسو: “قد أقبلوا فلا مساومة.. المجد للمقاومة”.
*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,