لا مكان لحياة كريمة.. ولا مكان لما بعد الحياة!

التصنيفات : |
سبتمبر 20, 2021 1:16 م

صمود – البرج الشمالي:

يبدو أنّ مساحة الحياة (العيش) للفلسطينيين في مخيّمات لبنان ليست ضيقة فحسب، بل إنّ مساحة الأمكنة المُحددة لما بعد الحياة (الموت) أكثر ضيقا.

يعيش الفلسطينيون في مخيّم برج الشمالي القريب من مدينة صور الجنوبية، على بقعة أرض محدودة، كأنّهم يقبعون في علبة سردين. وعلى الرغم من الظروف القاسية التي يعانون منها في حياتهم اليومية والإهمال والتمييز الذي يطالهم، فإنّ الموت ليس سبيلاً للراحة بالنسبة لهم، لأنّ ضيق مساحة المقبرة الموجودة في المخيّم لا يكفي للمزيد من القبور، وبالتالي ليس معروفاً ما هو مصير من يتوفّى بعد فترة.

حاليّا، يبلغ عدد سكان مخيّم برج الشمالي نحو 19 اُلف نسمة، يعيشون ضمن مساحة كيلو متر مربع واحد فقط.

وتبلغ مساحة المقبرة 7 دونمات فقط، وقد وصل معدل الوفيات قبل “كورونا” ما بين 150 و160 وفاة سنويّا، أما بعد تفشّي الفيروس فقد زادت نسبة الوفيات لتقترب من 250 وفاة سنويا، أي أنّ وتيرة الوفاة ترتفع فيما المساحة المتبقية من المقبرة تزداد ضيقا. لذا، لم يعد هناك من مساحة كافية إلا لنحو 200 قبر فقط.

في المخيّم لجنة للمقبرة مكوّنة من 4 أشخاص يرأسها خطّاب حمد، الذي صرّح بأنّ عدد الوفيات في المخيّم ارتفع كثيراً خلال الأعوام الأخيرة، بينهم الأطفال وحديثي الولادة.

كما شهد شهرا كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير2021، بسبب جائحة “كورونا” ارتفاعاً بعدد الوفيات، وصل في بعض الأحيان إلى 3 أو 4 وفيات في اليوم!

ويضيف حمد: “لقد تواصلنا، بالتعاون مع الفصائل والمؤسسات الموجودة في المخيّم، مع عدد من الأطراف اللبنانية المؤثِّرة كحزب الله وحركة أمل في محاولة لايجاد حلّ لهذه المعضلة، لكن لم نصل إلى أية نتيجة. وبعثنا عدداً من المراسلات، وقمنا بزيارات لبلدية برج الشمالي المعنيّة بهذا الموضوع في محاولة لإيجاد مساحة إضافية للدفن، لكنّنا لم نحصل على أي رد إيجابي حتى الآن. كما أوصلنا الأمر إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يتجاوب معنا أيضا”.

وأوضح حمد: “من جهة أخرى، حاولنا التواصل مع عدد من أعضاء المجلس البلدي في البرج الشمالي، لكنّنا لم نستطع أن نحظى بلقاء أو جواب حول هذه المشكلة”.

وفي ظلّ ما يشهده لبنان من مشكلات إقتصاديّة وماليّة، وغياب للخطط والتنظيم سترتفع وتيرة الفوضى أكثر، ولن يرتاح أهالي مخيم برج الشمالي حتى في موتهم، فهم قادمون على كارثة قريبة لا يعيرها أيّ من المعنيين اهتماما. وقد ينتج عن ذلك المزيد من التّفلّت والفوضى وتفاقم الأزمات.

فكيف سيواجه أهالي وفعاليات المخيّم هذه الكارثة عند وقوعها، أي عندما يتوفّى أحدهم ولا يجدون مكاناً لدفنه؟


وسوم :
, , , ,