تبييض صفحة الإمارات السياسيّة هل تنفع إغراءات المَال في حضور الفلسطينيين “إكسبو” دبي؟

التصنيفات : |
سبتمبر 30, 2021 11:00 ص

*خاص – صمود:

يُؤشر الإندفاع أو “التمادي” الإماراتي نحو تثبيت التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، والتباهي به إعلامياً من خلال الإضاءة على ما سُمّي بالشراكة الإماراتية – الإسرائيلية في كافة المجالات، إلى رغبة إماراتية جامحة في الإمساك بدفّة قيادة المنطقة (منطقة الخليج العربي)، بحصانة أمريكية، وفقاً لمُحللين، مُتجاهلة المخاطر المُترتّبة على ما يُعرف بـ”الإتفاق الإبراهيمي” الذي يُحاول بتسميته هذه تسطيح قضية الصراع العربي- الإسرائيلي وتحويله إلى صراع بين الأديان، وما تلاه من مُعاهدات وإتفاقيات في جميع النواحي الإقتصادية والإجتماعية والرياضية ما خلا السياسية، والتي وصل عددها إلى 60 إتفاقيّة خلال فترة وجيزة.

وعلى الرغم من أنّ دعوات المُقاطعة وخلافها لا تزال هزيلة الصدى بفعل الواقع العربي المُتردّي غير القادر على المبادرة أو تشكيل فعلٍ ضاغط في المُعادلة بعد أزمات ما يُعرف بـ”الربيع العربي”، كدعوة حركة المقاطعة   “BDS”  الحكومة الفلسطينية إلى مقاطعة “إكسبو دبي” الذي من المُقرر أنْ تستضيفه دبي في تشرين أول/أكتوبر المُقبل، أي بعد أيام، غير أنّ الإمارات في الوقت نفسه مُصرّة على مُشاركة السلطة الفلسطينية في المعرض، وربما جنباً إلى جنب مع الكيان الإسرائيلي، وهو ما وصفه محلّلون بمحاولة الحفاظ على ماء الوجه، وإظهار الإمارات حرصها على استمرار العلاقة المتينة مع الجانب الفلسطيني.

فوِفقاً للمعلومات الراشحة، فإن الجناح الفلسطيني في “إكسبو” جاهز تماماً وينتظر قدوم المُشاركين، على الرغم من عدم تأكيد السلطة الفلسطينية مشاركتها في هذا الحدث العالمي، وما تنطوي عليه المُشاركة من إحراج بالغ للسلطة الفلسطينية المترنّحة أساسا، والتي تعاني من ضغوطٍ داخلية كبيرة.

وبينما تطمح الإمارات لتحقيق نصر سياسي من خلال وجود الكيان الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية معاً في “إكسبو”، وإظهار تقاربها مع الكيان بأنّه في إطار دعم القضية الفلسطينية، على الأقل داخليا، وظهورها كدولة راعية للمفاوضات بين الطرفين، أُسوَة باللاعبين الكبار عالميا، غير أنّها وفقاً لمُحللين “تختصر واقع الصراع في جلسات تقارب سياسية سطحية”. فملف القدس واللاجئين والعودة وغيرها من الملفات، ليست من النوع الذي يتمّ فيه التعامل معها بالقناعة أو التراضي، بل تمثّل حقوقاً للطرف الفلسطيني، وأطماعاً للجانب الإسرائيلي لا يُمكن الحصول عليها إلا بالضغط، خصوصاً في ظلّ المُمارسات العدوانية اليومية للاحتلال، وفقاً للمُحللين أنفسهم.

ضربت الإمارات صلبَ القضية الفلسطينية، واختصرتها في صراع أديان سَاذَج، عند موافقتها على تسمية إتفاقها مع العدو بـ”الإتفاق الإبراهيمي”، والذي فسّره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على أنّه يُمثّل الديانات الثلاث، وهو التحليل الذي يحاول إخراج الصراع من واقعيته كصراع وجود، واختصاره بصراع أديان.

ربما لا ندري من المُتعنّت والمُتعصّب بينهما، الأمر الذي يُؤشّر لرؤية سطحية، وتفكير قصير الأمد من قبل السلطة الإماراتية، لا يمُتّ لعالم السياسة بِصلَة، وعدم الفهم لطريقة عمل ونهج الكيان، ومنْ يقف وراءه من الدول خصوصاً أمريكا. مما يزيد من واقع كون “هل الإمارات دولة راعية أو تُمثّل الحق الفلسطيني”، تعقيدا.. وفقاً لمُحلّلين.

والسلطة الفلسطينية، تقف اليوم بين نارين، فهي بحاجة للأموال التي قد تتدفق عليها جرّاء مشاركتها في “إكسبو” بمعزل عن الفرص الاستثمارية الحقيقية، وربما هي فرصتها لإظهار وجودها العالمي بوصفها السلطة الشرعية المُمثلة للشعب الفلسطيني، والوضع الفلسطيني الداخلي الرافض لشتى أنواع الإستسلام، وسلبية السلطة- إنْ صحّ التعبير- في التعاطي مع الملفات الفلسطينية، خصوصاً تلك التي مثّلت بُعداً جماهيرياً واسعا.

فالجمهور الفلسطيني والعربي على حد سواء، استعاد الكثير من روح المقاومة بعد معركة “سيف القدس”، وموقعة “نفق الحرية”، وفرار أسرى جلبوع، والتي كان لها من التأثير المعنوي ما يزيد على تأثير المعارك والصواريخ التي تُصيب الاحتلال.

السلطة الفلسطينية تدرك المُخاطرة، وعلى ما يبدو ما تزال خجولة، من الإعتراف بالمُشاركة، ومُترددة في رفضها، أما الإمارات فمصرّة على استثمار “إكسبو” بعد تلاشي آمالها في أن يُحقق دفعاً إقتصادياً كبيراً بفعل ظروف الإقتصاد العالمي بعد “كورونا”، وواقع الإقتصاد الإماراتي، لتلعب على حبال السلام، ووزارة التسامح التي أنشأتها لبث صورة للعالم تقول إنّها البلاد الآمنة للاستثمار، التي لا تُعاني من مشكلات سياسية يمكن أن تُشكّل مخاطراً على الإستثمار.


وسوم :
, , , , , , , , , ,