جمهوريّة “ميم” في حيّ الشيخ جرّاح

التصنيفات : |
أكتوبر 3, 2021 9:15 ص

*سامر لوباني

التطهير العرقي والتهجير القسري في القدس وفلسطين المحتلة ككل، هو الأسلوب الذي يتّبعه الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 إلى يومِنا هذا.

فمنذ عقود يُعاني أهلُ فلسطين عامة والقدس خاصة، من هذه السياسة الإستعمارية بهدف طردهم من أراضيهم.

وبما لا يُخفى على أحد، تصدّرت قضية حيّ الشيخ جرّاح في القدس صفحات وسائل التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية في الآونة الأخيرة.

هذا الحيّ الواقع على خاصرة القدس، يُعد ّمن أهم مداخلها، مروراً بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

صمود أهالي حيّ الشيخ جرّاح وصبرهم وتحمّلهم، كان المِدماك الأول في مقاومة الاحتلال، حيث برزت شخصيّات عدة من الحي، قاومت بالكلمة والحضور سياسة هذا الاحتلال.

كانت عدسة منى الكرد وتغريدات محمد الكرد، أبناء نبيل الكرد، من أبرز أسلحة الصراع في هذه القضية التي تُشبه كل فلسطين.

إنّهما محمد ومنى، “جمهورية ميم” التي نشأت بلا وعي في كل العالم من أقصى يمينه إلى أقصى يساره .

لن ننسى فيديو منى الكرد، عندما قالت للمُستوطن يعقوب: “إنّ منزلي هنا”، فأجابها: “إنْ لم أسرقه أنا سيسرقه أحد غيري”.

ولم ننسَ مقابلة محمد الكرد على قنوات عالمية كـ “CNN”، وكيف عرّى سياسة الاحتلال وازدواجيّة الولايات المتحدة تجاه حريات الشعوب.

لغة منى العربيّة التي تُشبه الناس وعاطفتهم، وأسلوب محمد المُطعّم باللغة الإنكليزية في دفاعه عن أهله وبيته.. سبّبا توتراً للاحتلال، الذي اعتقلهما مع كثير من شباب الحيّ دون وجه سبب سوى أنّهم يدافعون عن منازلهم و”حارتهم”.

كلّ هذا، كان شرارة لا يُمكن إخمادها، أشعلتها جمهورية كوّنَها الشباب الفلسطيني، وعن أسلوب مقاومة ومحاذيرها، بجذريّة الصراع الذي يحترف فيه الفلسطيني ابتداع أساليب ووسائط مقاومة فردية لا تقل خطورة عند العدو الصهيوني من حركات المقاومة المسلّحة.

كانت فيديوهات البثّ المباشر لمنى الكرد تصنع الكثير من الوعي لدى كافة الشباب العربي حول ما يتعرّض له الفلسطيني يوميّاً تحت سيطرة هذا الإستعمار الاحتلالي !

يمكن أن نرى كافة التفاصيل بشكل بطوليّ ضمن إطار الدفاع عن النفس، عن القدس، عن الوطن، وهذا شيء يُجسّده شعبنا منذ عقود، وهو ليس بغريب عليه.

وقد أدرجت مجلة “تايم” مؤخرا، اسمي التوأم منى ومحمد الكرد من بين مئة شخصية عالمية، هي الأكثر تأثيراً في العالم لعام 2021، وترى المجلة أنّ “الدور الذي لعبه منى ومحمد عبر ظهورهما الإعلامي ومشاركتهما الفيديوهات عبر الإنترنت، أتاح للعالم نافذة على الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال في القدس الشرقية، ما ساعد على إحداث تحوّل دولي في الخطاب فيما يتعلق بفلسطين وإسرائيل”.

 ردة فعل الأخوين الكرد

لقد رفضا أيّ شكل من أشكال الرمزية والشخصانيّة، وهما يدافعان عن قضية حي الشيخ جرّاح وسكّانه، وهما جزء من هذا الحيّ ومن القضية الفلسطينية.

كلّ هذا كان ملفتاً لكثير من المتابعين والناشطين وحتى الإعلاميين الذين كانوا قد رصدوا هذا البيان كإشارة نصرٍ فلسطينية.

إنّه الجيل الرابع (4G) قادمُ لا محالة، فالنظرة المُعمّقة للقضية باتت ضمن خطابات الشباب الذي أصبح يراها قريبة وليست ببعيدة، إنّ فلسطين اليوم أصبحت صورة مُنتجة للشباب المُثقف والواعي.

فلسطين اليوم هي صورة مُكبَّرة عن جمهورية “ميم” التي، مع أهالي الحي، قد أوصلوا صورة حيّ الشيخ جرّاح، النموذج المصغّر عن قرى فلسطين المُحتلة، إلى العالم.

إنّ البُوصلة دائماً ما تشير نحو القدس. القدس التي تأبى أيّ نوع من التقسيم أو التجزئة.

القدس “التي لنا” بصوت منى الكرد.

*لاجئ فلسطيني


وسوم :
, , , , , , ,