في الطريق إلى القدس.. الإنتفاضة الثالثة قادمة

التصنيفات : |
أكتوبر 9, 2021 12:33 م

*سنان حسن

يبدو أنّ استنفار العدو الإسرائيلي في مدن وبلدات الضفة الغربية والعمليات المُفاجئة لقواته ولا سيما بعد عملية الطريق إلى القدس الفدائيّة التي قادها الأسرى الستة من سجن جلبوع، وما تلاها من مُداهمات في جنين ونابلس والقدس ارتقى على إثرِها شهداء وجرحى أثناء المواجهات؛ يُشير إلى أنّ العدو يستشعر خطراً داهماً في الضفة، ربما يرتقي كما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إلى مستوى انتفاضة فلسطينية ثالثة ستكون مختلفة عن الإنتفاضتين الأولى والثانية، سواء من حيث طبيعة المُواجهات التي كان واضحاً أنّها مُعقدة جداً في ظلّ تعاظم دور فصائل المقاومة في الضفة وما جرى في “برقين” مثلا، أم بامتدادها لتشمل كل فلسطين بما في ذلك مشاركة عرب الـ48 وفصائل المقاومة في غزة في الحرب.

مما يعني أنّ “إسرائيل” أمام تحديات كبيرة قد يكون من الصعب التنبّؤ بمقدارها وتأثيرها على أرض الواقع.

لقد استطاعت معركة “سيف القدس” إعادة استنهاض الفلسطينيين من جديد، لا بل الوحدة بعيداً عن الخلافات الفصائلية والحزبية الضيقة، والتفكير بشكل جدّي أنّ خيار الإنتفاضة والمواجهة سيُحقق ما عجز عنه الساسة الذين بات همّهم الأول والأخير إجراء إنتخابات صُورية للحفاظ على مكاسبهم وامتيازاتهم التي ضمِنَها لهم “إتفاق أوسلو” المشؤوم.

ففي ظلّ الوعي والتفكير المُتقدّم الذي أنتجته معركة “سيف القدس” برز بشكلٍ لافت التطور في العمل الميداني الفلسطيني في الضفة الذي كان لفترة طويلة محظوراً بسبب التضييق الأمني الإسرائيلي من جهة، ومتابعة أجهزة السلطة من جهة أخرى، فكانت عمليات الإرباك الليلي في بلدة بيتا في الجنوب من نابلس تطوراً لافتاً في هذا العمل لجهة المكان والمدة الزمنية في استمرارها، لتأتي عملية “الطريق إلى القدس” كما سمّاها قائد العملية الأسير محمود العارضة التي أدّت إلى شحن الأجواء أكثر فأكثر، ودفعت نحو مواجهات أكثر شراسة، ولعلّ ما جرى في برقين ونابلس يؤكد ذلك، ويدفع باحتمال أن تشتعل الضفة بأكملِها.

في العقل الإسرائيلي تُمثّل الضفة الغربية أو “يهودا والسامرة” حجر أساس في بناء دولته المزعومة، وهي لا تقلّ بالأهمية عن مركزية القدس كعاصمة مفترضة لكيانه الغاصب، وبالتالي يحرص قادته كلّ الحرص على الحفاظ على التفوق العسكري والإستيطاني، حتى إنّ النصوص التي جاء بها “إتفاق أوسلو” بقيت حبراً على ورق مع قيامها ببناء جدار الفصل العنصري الذي قطّع أوصال الضفّة إلى مناطق من الصعب الوصول إليها إلا عبر الحواجز ونقاط التفتيش الإسرائيلية. وبالتالي هي مُستعدة لبذل المستحيل للحفاظ عليها، لكن في الحالة التي تعيشها الضفة اليوم يبدو أنّ الجيش يتمهّل كثيراً قبل اتخاذ قرار الحسم العسكري، ومَردّ ذلك، كما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”: إنّ الحادث الذي حصل في برقين أثبت مرة ثانية أنّ عملية عسكرية واسعة النطاق ستكون مصحوبة بسقوط قتلى وجرحى إسرائيليين بأعداد لم نعتد عليها في السنوات الأخيرة، كما يوجد لعملية من هذا النوع تداعيات وعواقب إضافية”، إذن هناك تخوّف “إسرائيلي” واضح وصريح مما يجري في الضفة وبلداتها.

إنّ ما حدث في نابلس وجنين والقدس خلال الأيام الماضية يُعدّ مؤشراً على بداية حقبة جديدة يُدرك من خلالها العدو الإسرائيلي أنّه غير قادر على مواجهتها خوفاً من تكرار ما حصل في حيّ الشيخ جرّاح، ودخول فصائل المقاومة على خط المواجهة، هذا فضلاً عن الوضع الذي باتت عليه المقاومة في الضفة من تطور نوعي وميداني مُتقدّم جدا، وبالتالي نحن خلال الفترة القادمة أمام تطورات ميدانية قد تكون الفتيل لإشعال انتفاضة فلسطينية ثالثة سيكون لها الكلمة الفصل في الصراع الفلسطيني –  الإسرائيلي.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , ,