أيّ عار.. “إسرائيل” تتوسّط بين العرب وسُلطة أوسلو

التصنيفات : |
أكتوبر 22, 2021 11:19 ص

*سنان حسن

من سخرية القدر أن نسمع وزيراً إسرائيلياً يتبجّح بأنّ حكومته الصهيونية تعمل على رأب الصدع بين السلطة الفلسطينية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بعد توقيع الأخيرة على إتفاقات “أبراهام” التطبيعية. وهي كما أكّد وزير التعاون الإسرائيلي في تصريحات لموقع “إرم نيوز” الإماراتي أنّ “الأيام والأسابيع القادمة ستُرينا حَراكاً إيجابياً بمسار العلاقات الإماراتية – الفلسطينية”.

نعم هذا حالُ العرب يا سادة، هذه الأيام كيان العدو الصهيوني الذي احتلّ أرضاً عربية مُقدسة لدى كل الطوائف، ونكّل بشعبها، وهجّر أبناءها، ونهب خيراتها، وغيّر معالمها، وما زال يواصل سياسته العنصرية والبربرية والهمجية والتوسعيّة بحقها؛ يُعلن بكل وقاحة أنّه يُصلح بين العرب أنفسهم.

لقد عدّت السلطة الفلسطينية أنّ اتفاق “أبراهام” التطبيعي بين الإمارات والبحرين والمغرب مع “إسرائيل” طعنة في الظهر لحقوق الشعب الفلسطيني، فهاجمت الإتفاق وقطعت الإتصالات معهم، بحجة أنّها ضيّعت الحقّ الفلسطيني، وأعطت “إسرائيل” فرصة للتقدّم في ملف حساس جداً هو التطبيع مع العرب.

ولكن، في نظرة دقيقة لموقف السلطة الفلسطينية ككلّ، ستجد أنّ سلطة أوسلو التي اتفقت مع “إسرائيل” خلسة عن باقي العرب، لم تكن لترفض الإتفاق مع “إسرائيل” لو أنّ العرب الذين وقّعوا مع “إسرائيل” استشاروها في ذلك، وحصلوا على موافقتها أولا، ثم التوجه إلى التطبيع مع الكيان ثانيا، فعند ذلك يكون الإتفاق مباركاً ومقدّساً ومرضياً عنه، وإلا فالعكس ما يحصل حاليا.

فنرجسيتهم والوهم الذي يحملونه في عقولهم دفعهم إلى الاعتقاد أنّ لا أحد يستطيع التواصل مع الكيان سواهم. وهم قد نسوا أو تناسوا كلّ التقارير والإعترافات، أقلّها الإسرائيلية، عن علاقات متينة مع معظم قادة تلك الدول، وربما دول أخرى، قبل توقيع “إتفاق أوسلو” المشؤوم، بكثير.

في كتابه “حلم رام الله: رحلة في قلب السراب الفلسطيني” يصف الصحفي الفرنسي بانجمين بارت، مراسل “لوموند” الفرنسية، كيف باع المناضلون قضية فلسطين مقابل الثراء السريع والفيلات والقصور، وكيف تحوّل المناضل إلى حارس لفنادق خمس نجوم.

هذا الكتاب يُسلّط الضوء في جانب منه على العقلية التي باتت تُسيطر على أفرادها، وكيفية التعامل مع القضية الفلسطينية ككل. فمناضلو فتح وغيرها من التنظيمات المنضوية تحت سقفها انتقلوا من فكرة الدفاع عن فلسطين إلى تأسيس المنظمات والوكالات التي تضمن الحصول على مساعدات أمميّة ودولية، وكأنّ الاحتلال سلّم بوجود دولة فلسطينية أو توقف عن الإقتحامات والمداهمات، حتى في المناطق، التي تُعتبر قلب المؤسسات صنعتها. وهنا لا يمكن نسيان كيف قامت قوات الاحتلال بمحاصرة مبنى المقاطعة في رام الله ومحاصرة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

إنّ تصريح الوزير الإسرائيلي هذا، يؤكد من جديد أنّ سلطة أوسلو، ومن معها من عرب “أبراهام” في واد، والفلسطينيين من فصائل المقاومة في وادٍ آخر، فالهمّ عند الطرف الأول هو كسب المزيد من الدولارات ثمناً لدماء وحقوق وأرض الفلسطينيين، بينما الفريق الآخر يُفتش عن أدنى وسيلة لإلحاق الهزيمة بالمُحتل والمُغتصب للأرض، ويُضحّي بدمائه وخيرة شبابه لمنع الاحتلال من تدنيس الأقصى أو ترحيل عائلة من هذا الحيّ أو ذاك، في القدس المحتلة.

وعليه، فإنّه من المُستحيل في ظلّ ما يحدث يومياً أن نجد سلطة أوسلو تبادر أو تتنازل للإتفاق على برنامج وطني فلسطيني جامع يُعيد شيئاً من الحقوق المسلوبة لشعب فلسطين. ولعلّ ما أعلنه الرئيس محمود عباس من شروط للقبول بالمصالحة مع “حماس” ما يؤكد ذلك حيث قال: “لا مصالحة قبل الإعتراف بالتسوية وإسرائيل”!!!.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , ,