سلسلة عمليات بدأت في باب السلسلة

التصنيفات : |
نوفمبر 25, 2021 8:57 ص

*زاهر أبو حمدة

كلما ظنّ المُحتل أنّ الأجواء هادئة، تلقّى موجة ساخنة تُحرّك الركود. كلما وضع “الشاباك” مخططاً مُحكماً للسيطرة والإحتواء، وجد الإختراق ليس صعباً وتنفيذ عملية بطولية بـ”الكارلو”(1) مسألة قرار فردي أو تنظيمي.

هي المعركة المستمرة والحسم فيها مؤجل بأيدي أبناء البلد الأصليين المُهجرين غير المهاجرين. ولعلّ عملية باب السلسلة في البلدة القديمة للعاصمة المقدسة، تكون بداية سلسلة عمليات فدائية لا تقتصر على القدس والضفة.

بطاقة هوية الشهيد الفلسطيني فادي أبو شخيدم، تُشير إلى أنّه لاجئ في مخيم شعفاط. هذا يعني أنّه فلسطيني لابن فلسطيني ووالد لخمسة فلسطينيين أصغرهم في السادسة من عمره وأكبرهم في الـعشرين.

أما القتيل الإسرائيلي، لا يهمّ اسمه بتاتا، أتى مستوطناً من جنوب أفريقيا وتجنّد في سرية تابعة للواء “المظليين” في جيش الاحتلال، ويعمل مرشداً للمستوطنين في حائط البراق.

وُلد الشهيد في وطنه وبين أهله وشعبه وعمل معهم، ولهم.. مُدرّسا.

أما القتيل فهاجر إلى وطن الشهيد مُحتلاً ليسكن مستوطنة “موديعين عيليت” غرب مدينة رام الله، على الطريق بين القدس وتل أبيب، وهي مخصصة لليهود الحريديين المتشددين، وأُقيمت على مساحة 6.740 دونم من الأراضي الفلسطينية ومن ضمنها تلة “النبي زكريا” الأثرية.

هاجر “الرجل الأبيض” إلى فلسطين ليس لاعتبار سوى أنّه يدين باليهودية، ليُنكّل بشعب ويعبث بمقدساته ويُغيّر الجغرافيا ويُزوّر التاريخ. أما “الفادي” ففدى بنفسه ليرسّخ المعادلة: “الموت بالموت والدم بالدم”.

تكمن أهمية العملية بمُنفّذها. فهو أربعيني ولديه عمل منتظم، وهنا دحض لروايات يسوقها الاحتلال أنّ مُنفّذي العمليات هم من الفئة الشابة الفاقدة للأمل. فالمُعلّم هنا، أعطى درساً هاماً ليس فقط لتلامذته إنّما لأبنائه وللشعب عموما. فقيمة التضحية راسخة وحاضرة دوما.

فعل الشيخ القائل والفاعل بـ”رفض الظلم وصدّ الظالمين المُحتلين”، أصبح أهم خطبة يُلقيها من على منبر، يصارح فيها الناس بحقيقة الأمور وأنّ هذا المحتل لن يرحل إلا إذا بقيت المقاومة مستمرة.

وهنا، يكشف لنا الشيخ السر، وأنّ القول يجب تلازمه مع الفعل، فالخطيب وعالم الدين أول ما يبادر ويُنفّذ ويلحقه المستمعون وليس العكس. أما تداعيات العملية ستكون متتابعة بعمليات أخرى من عموم فئات الشعب، فهكذا عملية هي مفتاح لأبواب كثيرة يصعب إغلاقها، لأنّها دليل على القدرة في التحدي والتخفي والتمويه، والكثير من الجرأة والتخطيط والسرية والكفاءة الأمنية والقتالية. وما سيتبعها من عمليات مشابهة ستكون أكثر تضحية وفعالية.

(1) سلاح رشاش أوروبي المنشأ، طوّره الفلسطينيون واستخدموه في مواجهة الاحتلال منذ الإنتفاضة الأولى.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,