الأمم المتحدة تطالب بكرامة إسرائيل وتدعو لحلّ الدولتين من جديد

التصنيفات : |
ديسمبر 4, 2021 12:11 م

*زين المصري

بعد مرور يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، لم يلقَ أبناء فلسطين سوى قلة من الدول التي تضامنت معهم، وكأن القضية أصبحت قضية ماض كان، ولم يزل إلا لدى الشعب الفلسطيني، المستمر في النضال بكل سبله من أجل القضية، وعلى الرغم من جميع التحالفات والإتفاقيات والإضرابات التي جرت على مدى عقود، وحتى في الآونة الأخيرة، إلا أنّ الإنتهاكات الإسرائيلية ما زالت مستمرة، وجملة الإعتقالات، ومنع الشعب الفلسطيني من الحياة الآمنة أيضاً مستمر، فعن أي تضامن دولي اقتصر على إضراب يوم عن العمل، وعن أي رسالة للشعب الفلسطيني  تتحدث الأمم المتحدة طالما أنّه حتى الآن، بناء المستوطنات في توسع، والأسرى في ازدياد، فهل ما يزال هناك قضية شعب سُلبت أرضه، أم أنّ القضية اقتصرت على السلام الدولي الذي لا يتحقق إلا بحلّ الدولتين؟

التضامن الدولي

يعتبر الـ 29 من نوفمبر/تشرين، هو يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، إقتُصر التضامن فيه على العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالإضراب عن العمل للمطالبة بتحسين شروط العمل ومستحقاته، إلى جانب كلمة أو رسالة وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهذه المناسبة السنوية، إلى الشعب الفلسطيني، ذكّر فيها أن الأرض ما تزال محتلة، والمستوطنات ما تزال في حالة توسع على هذه الأرض، مما يُشكّل في نظره تحدياً كبيراً للسلم والأمن الدوليين، لذلك توجّب عليه أن يُنوّه بالهدف العام وبمفردات تعبيرية فضفاضة مثل وجود دولتين إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام، ولكنّ الشرط هو أن يحدث ذلك ضمن خطوط الحدود التي وضعت بينهما عام 1967، والقدس عاصمة الدولتين، لينتقل بعدها ونتيجة للإضراب، لتوجيه رسالة إلى الجهات الداعمة للأونروا، داعيهم بأن يوفّروا التمويل الذي يسبب عجزاً للوكالة ويمنعها من القيام بدورها بشكل فعال في الوقت المناسب، لكنّ ما أثار غيظ البعض في رسالته هو التأكيد على كرامة الإسرائيليين إلى جانب الفلسطينيين على حد سواء.

تجار مُعتقَلون

على الصعيد التجاري، ما تزال سلطات العدو، تقوم باعتقال التجار الذين يمرون عبر معبر بيت حانون/إيرز شمال قطاع غزة، حيث اعتقلت منذ أيام، تاجراً بحوزته “تصريح تاجر”، يُدعى محمود سامي محمود أحمد من قطاع غزة، وهو ليس بالتاجر الأول، فحسب الإحصاءات لعام 2021 تحتجز قوات الاحتلال لديها، حتى الآن، ستة تجار دون معرفة السبب، تلك المعاناة لم يتمّ الإضاءة عليها في يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، معاناة التجار الذين يحارون بما يفعلونه بمنتجاتهم خوفاً من الإعتقال، ولم يبقَ أمامهم سوى بيعها لأهالي المنطقة الذين، هم بدورهم لا يعملون ولا يملكون المال للشراء.

حتى الصحفيين

قضية التجار، أو المواطنين الذين يحلمون بعمل داخل القطاع، دون الإضطرار للحصول على تصريح عمل “إسرائيلي” من أجل بناء المستوطنات للعدو، لا يمكن اعتبار الصحفيين الفلسطينيين بمعزل عن هؤلاء الأشخاص، فحتى ناقلي الخبر أيضاً يعانون من الضرب والإحتجاز والإعتقال من منازلهم مُهدَّدين بالسلاح، بالإضافة إلى منع البعض منهم من السفر ليس فقط إلى خارج البلاد بل حتى بين المناطق داخل فلسطين، حيث اتّهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، قبل أيام، أنّ سلطة الاحتلال تتعمد إبتزاز ومساومة الصحفيين الفلسطينيين على حقّهم في حرية التنقل والحركة. حسب تقرير المرصد، الذي أوضح أنّ صحفيين من الذي مُنعوا من السفر والتنقل كانت الشروط لإزالة المانع عنهم واضحة.. وهي التعاون مع “إسرائيل” لتقديم معلومات أمنية عن الفلسطينيين والعمل لصالح العدو، أو التخلي عن عملهم الصحفي، أو العمل لجهات إعلامية معينة يرفض الاحتلال عملها.

الحرم الإبراهيمي

لكنّ ما حدث يوم الأحد الفائت في 28 تشرين أول/نوفمبر، أثار الغضب الشعبي وأيضاً الكويتي، حيث اقتحم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحرم أمام المُصلين والزوار لمدة ساعتين، ريثما انتهى إقتحام إسحاق للهرم، بالإضافة إلى منع رفع الأذان في الحرم حتى صلاة العشاء، أو حتى دخول المُصلين إلى الحرم، حيث صادف يوم الأحد عيد الأنوار اليهودي، مما دفع برئيس إسرائيل لمشاركة المستوطنين في العيد داخل هذا الحرم الذي يُعتبر من المقدسات الإسلامية لمواطني الجليل وفلسطين بشكل عام، ودفع بالاحتلال أيضاً للإعتداء على عدد كبير من المُصلين الفلسطينيين في ساحات المسجد من أجل إخلاء الحرم للمستوطنين، وهذا يُظهر وبشكل جليّ أنّ المسجد يتعرض لعملية تهويد كبيرة، تدفع بالمستوطنين في المستقبل للإعتداء على المسجد والمّصلين، خصوصاً بعد إقتحام رئيسهم للحرم.

الكويت تُندّد

في ما اعتبرت الكويت أنّ هذا الإقتحام يُشكّل إستفزازاً لمشاعر المسلمين، ومخالفة لقرارات الشرعية الدولية، وإمعاناً في محاولة تهويد الحرم الإبراهيمي، وتكريس السيطرة عليه، واستمراراً لإعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته.

إنّ الإنتهاكات ما تزال تتوالى أمام الفلسطينيين، وما حدث أبّان حرب الـ1967، ما يزال يحدث حتى الآن، وعلى الرغم من تأكيد الأمم المتحدة على ضرورة تنفيذ الحل الأمثل ألا وهو حل الدولتين، وتأكيد الدول المُطبّعة مع الاحتلال على سلامة وعدالة هذا الحل، إلا أنّ رأي الفلسطينيين في ذلك ما زال مجهولاً غير مُترجم بأفعال تدل على موافقته على هذا الحل، وما يزال الفلسطينيون، الذين بقي لديهم رمق في النضال، يدافعون عن أرضهم مطالبين بإستعادتها كاملة.

لكن، هل هذا ممكن في ظل إعتراف الأمم المتحدة بأحقّية “إسرائيل” بالأرض الفلسطينية ومطالبتها بكرامة المستوطنين أمام الفلسطينيين؟.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,