الإستيطان “الخبيث” هدف مُمنهج لتهويد فلسطين

التصنيفات : |
ديسمبر 7, 2021 11:27 ص

*منى العمري – صمود:

يرجع مفهوم “الإستيطان” إلى أنّه عملية إحتلال واسعة في أرضٍ مُستولى عليها، وذلك بذريعة الإعمار وإرساء سيطرة الدولة المهيمنة على الأرض التي ضمّتها وباتت تعتبرها جزءاً منها.

وفي الغالب، تكون أهداف تلك العملية واضحة وموثّقة ضمن تأطيرٍ محدد ومُمنهج، كما هو شأن “الإستيطان اليهودي” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

نبذة تاريخية عن الإستيطان في فلسطين المحتلة

إنّ عملية الإستيطان اليهودي في دولة فلسطين المحتلة يُعتبر الأشهر عالمياً والأكثر إستمرارية منذ عقود. فقد شهدت فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى موجتين رئيسيتين من الهجرات اليهودية، “الأولى وقعت في الفترة ما بين 1882-1903، وقد تراوح عددها ما بين 25-30 ألف مهاجر وإليها يرجع السبب في التمهيد لإرساء الأسس التي قامت عليها حركة الإستيطان اليهودي المنظّم في فلسطين. لذا، فقد أُنشئت في عام 1882، ثلاثة مستوطنات هي “ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش ليتاح”، كما أُنشئت في عام 1883، مستوطنتان أخريتان هما “يسود همعله” و” نيوز يونا”.

وفي عام 1930، قررت المنظمة الصهيونية الإسراع في عمليات الإستيطان في المناطق التي لم يسكنها اليهود من قبل، لتشمل أوسع مساحة جغرافية ممكنة في حالة حصول “تقسيم الأراضي الفلسطينية”.

بعدها توسّعت أملاك اليهود في منطقة القـدس، وفي ضواحي بئر السبع، كما تمّ شراء المزيد من الأراضي في النقب الشمالي وفى منطقة غزة، “فقد بلغ عدد المستوطنات التي أُقيمت في الفترة الواقعة بين عامي 1939- 1948، “79” مستوطنة مساحتها الإجمالية 2.052.000 دونما”. (1)

وإذا كان الإستيطان في المراحل السابقة يهدف للإعداد من أجل إنشاء دولة خاصة باليهود، فإنّه بعد إنشائها وتحقيق الهدف الأساسي في عام 1948، إتجه إلى وضع أهداف أخرى، تتمثل في ترسيخ القاعدة البشرية والإقتصادية والعسكرية للدولة الجديدة.

لذلك، فقد كان أول عمل قامت به حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ 5/7/1950، هو إصدار “قانون العودة”، والذي بموجبه يمنح كل يهودي داخل فلسطين حقّ الإستيطان فيها.

ومن هنا بدأت معاناة الشعب الفلسطيني الفعلية لا سيّما في التهجير القسري وإبعاده عن أرضه وطرده من بيته وسرقة ممتلكاته واحتلال وطنه.

الإستيطان ينهش الضفة الغربية وقطاع غزة

يقول الخبير الفلسطيني بشؤون الإستيطان الصهيوني خليل التفكجي، بأنّ “الإستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة ليس إستيطاناً بالمعنى السكاني، وإنّما هو إستيطان قائم على أساس إحلالي، إذ أقام الاحتلال مناطق صناعية وأعطوها امتيازات كبيرة، وتطورت بدرجة كبيرة جداً في السنوات الأخيرة.

فحصلت هذه المستوطنات على امتيازات ذات أفضلية من الدرجة الأولى، من أجل أن تكون هدفاً لعمل المستوطنين، فأُقيمت كبرى المناطق الصناعية في وسط الضفة الغربية (بركان) و(كرني شمرون) وفي منطقة القدس (مشور أدوميم) و(إيرز) في قطاع غزة”.

ويتوزع المستوطنون على نحو 196 مستوطنة و232 بؤرة إستيطانية موزعة في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس.

وتُشكل المستوطنات الصهيونية ما “نسبته 42% من مساحة الضفة الغربية، وبشكل أوضح فإنّ 68% من مساحة المنطقة “ج” في الضفة تمّت السيطرة عليها لمصلحة المستوطنات، وهي المنطقة التي تضم 87% من موارد الضفة الطبيعية و90% من غاباتها و49% من طرقها”.

ويُسمح للفلسطينيين باستخدام أقل من 1% من تلك المنطقة بحجة أنّ أراضيها “مناطق عسكرية” أو “مناطق خضراء” أو “أراضي دولة” أو “أراضي مستوطنات”. (2)

ومؤخراً، مارست سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الـ2020 قمعاً وتمييزاً منهجيّين ضد الفلسطينيين بطرق تجاوزت بكثير المبررات الأمنية التي قدمتها في كثير من الأحيان.

وللعام الـ13 على التوالي، فرضت الحكومة حظر سفر على الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل وقيوداً شديدة على دخول وخروج البضائع. وهذه القيود، التي لا تستند إلى تقييم فردي للمخاطر الأمنية، سلبت، مع إستثناءات نادرة، مليونَيْ فلسطيني يعيشون هناك، حقّهم في حرية التنقل، وقيّدت حصولهم على الكهرباء والماء، ودمرت الإقتصاد.

وفي السياق، كشفت تقارير حقوقية عن زيادة عدد مستوطني الضفة بنسبة 222% منذ عام 2000، وذلك بفضل سياسات حكومة الاحتلال الداعمة للإستيطان والتي حفّزت الكثير من العائلات اليهودية، محدودة الدخل، على شراء منازل في المستوطنات.

وقالت منظمة “السلام الآن” الصهيونية: “إنّ المسؤولين الإسرائيليين في عام 2020 دفعوا، قطما، خططاً لبناء 12,159 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية، حتى 15 تشرين أول/أكتوبر، وهذا العدد يفوق أيّ عام آخر منذ أن بدأت المنظمة بتتبّع هذه الإحصائيات في 2012”. (3)

القوانين والتشريعات التي تحكم عملية الإستيطان

تنتشر المستوطنات على رؤوس الجبال أو فوق الأحواض المائية، وقد إستخدم الاحتلال مجموعة من القوانين للإستيلاء على الأراضي وأهمها:

قانون أملاك الغائبين: أنّ أي فلسطيني يملك الأرض ويعيش خارج الحدود يقوم القيم على أملاك العدو باستغلالها ووضع اليد عليها.

أملاك الدولة: إستخدم الكيان مجموعة مختلفة من القوانين العثمانية والبريطانية والأردنية بالإضافة الأوامر العسكرية، بحيث تمّ وضع اليد على ما يزيد عن 40% من مساحة الضفة الغربية كأملاك “دولة”.

المصادرات للمصلحة العامة: محميات، شوارع، كسّارات وغيرها للسيطرة على الأراضي”. (4)

قانون تبييض المستوطنات: “ينصّ القانون على أنّه يحقّ لسلطات الاحتلال مصادرة حقّ إستخدام أرض فلسطينية خاصة من أصحابها وليس الملكية عليها، مما يعني مصادرة أراضٍ فلسطينية خاصة مملوكة لأشخاص لغرض الإستيطان.

ويتمّ تطبيق القانون فقط في البؤر الإستيطانية التي كانت لحكومة الكيان يد في إقامتها، مثل بؤرة “عمونا”، وعدم تجريم المستوطنين بالإستيلاء على أرض خاصة “إنّما قاموا بذلك عن نية حسنة”. أي أنّه يمنع المحاكم الصهيونية من إتخاذ أي قرارات بتفكيك تلك المستوطنات”. (5)

 حُرمة الإستيطان في المجتمع الدولي ومخالفات الاحتلال المتواصلة

يُفصّل ميثاق الامم المتحدة، وهو ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949، ويكمن جوهر الميثاق في هذه الحالة بأنّه يَحظُر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة، وهو ما أعاد عليه التأكيد العديد من قرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي.

وقد صدرت مجموعة من القرارات الشرعية الدولية لتأكيد ذلك وإنكار أي صفة قانونية للإستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات، فمنذ العام 1967 وحتى اليوم صدرت قرارات بهذا الخصوص أهمها:

القرار رقم 446 لسنة 1979، الذي أكّد أنّ الإستيطان ونقل السكان اليهود للأراضي الفلسطينية غير شرعي.

القرار رقم 452 لسنة 1979، ويقضي بوقف الإستيطان حتى في القدس وبعدم الإعتراف بضمها.

القرار رقم 465 لسنة 1980، الذي دعا إلى تفكيك المستوطنات.

القرار رقم 478 لسنة 1980، هو واحد من سبعة قرارات صادرة عن الأمم المتحدة أدانت فيها محاولة “إسرائيل” ضم القدس الشرقية.

قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة

صدرت عن الأمم المتحدة قرارات كثيرة أدانت الإستيطان الصهيوني، ومن أهمها:

القرار رقم 2851 لسنة 1977

القرار رقم 42/160 لسنة 1987

القرار رقم 44/48 لسنة 1989 

القرار رقم 45/74 لسنة 1990

القرار رقم 46/47لسنة 1991

القرار رقم 46 لسنة 1991. (4)

وفي السياق نفسه، وقّع أكثر من 400 برلماني أوروبي رسالة يطالبون فيها بلدانهم بالمساعدة الدولية لوقف الإستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة مُندّدين بـ”ضمّ بحكم الأمر الواقع” للضفة الغربية.

فقد مضى 442 نائباً وعضواً في مجالس شيوخ في 20 بلداً أوروبياً هذه الرسالة الموجهة إلى وزارات خارجية دول أوروبية مختلفة.

ولكن في المقابل، نجد هنا مفارقات واسعة في الدول العربية، من خلال صمتها الغير مبرر تجاه “الإستيلاء على الأراضي الفلسطينية باستمرار”، فبعد الإعلان عن إتفاقيات التطبيع العربية – الإسرائيلة منذ مطلع هذا العام، يمكن أن نُلخّص المشهد العربي المُخذل، بعدة أسئلة لا حصر لها: ما الذي أبقيتموه من عروبة الأراضي الفلسطينية؟ ومن يقف رادعاً إذاً في وجه الإستيطان الصهيوني إذا كنتم أنتم من وافقتم على هذا الوجود؟ وكيف تسترجع فلسطين ما سُلب من أرضها وهوائها ومائها وشعبها؟

المراجع المتعلقة:

  1.  https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4070 
  2. كم قضم الاستيطان من أرض فلسطين؟ | وثائق وأحداث | الجزيرة نت 
  3. World Report التقرير العالمي 2021: إسرائيل وفلسطين | Human Rights Watch 
  4.  الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.. واقع وإشكاليات | الجزيرة نت 
  5. https://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2017/2/7/%D9%85%D8 %A7


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,