جميلات دويلات التطبيع في مسابقة “تبييض” جرائم الاحتلال في “إسرائيل”

التصنيفات : |
ديسمبر 11, 2021 5:50 م

خاص – صمود:

لم تردع المقاطعة العالمية لتنظيم مسابقة ملكة جمال العالم في “إسرائيل” وفي مدينة أم الرشاش الفلسطينية المحتلة (إيلات)، ورفض عدد من جميلات العالم المشاركة في المسابقة، تعبيراً عن رفضهن للجرائم الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني، أعرب _ جيل التطبيع الجديد _ عن استكمال إنجرافه التطبيعي، والإستمرار بتبييض سجل الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيد مشاركة كلا من الإمارات والمغرب في المسابقة!.

ورفضت ملكتا أندونيسيا وماليزيا حضور المسابقة (المشبوهة)، والتي من المقرر انطلاقها يوم غدٍ الأحد الموافق 12 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وعبّرت الملكتان عن مقاطعتهما للمسابقة “كي لا تساهما في تبييض جرائم الاحتلال الإسرائيلي” على حد وصفهما، كما إنضمت إليهما الملكة اليونانية التي صرحت أنّه “لا يمكنني المشاركة بينما يقاتل الناس من أجل حياتهم هناك”،  بينما تصرّ الدول المُطبّعة حديثاً على الإستمرار في جنوحها غير المفهوم بإتجاه الكيان، وتلميع صورة المجرم.

ومنذ عام تقريبا، بدا واضحاً الجنوح الغريب لما يمكن تسميته بـ”جيل التطبيع الجديد” من الدول العربية، نحو التماهي مع العدو الإسرائيلي، والتي استغنت حتى عن “ماء الوجه” في علاقتها مع العدو، لتمتطي وهم التطبيع بزهوّ المغيبين، وفقاً للعديد من المراقبين.

حيث حقّقت تلك الدول، ومنها الإمارات، أشواطاً من التطبيع خلال ما لا يزيد على 14 شهراً على ما عُرف بالإتفاق الإبراهيمي، يفوق مئات المرات ما حقّقه أول تطبيع عربي على مدى أكثر من 42 عاما، بعد توقيع الرئيس المصري أنور السادات على إتفاقية كامب ديفيد عام 1979، وما تبعها من إغتيال للسادات وقطيعة مع مصر، لتتجاوز تلك الدول حدود الخجل والأعراف الأدبية والسياسية.

إنّ الإصرار الغريب على حضور ملكتي جمال الإمارات والمغرب، في ظّل حملات مقاطعة عالمية مُستعرة، قد تزيد عدد الجميلات الغائبات، يُثير إستغراب الكثيرين، ويُضاف إلى العديد من أوجه “التبييض” المجانية للاحتلال الإسرائيلي، والتي وصلت إلى مباركة الإمارات للكيان الصهيوني بما يُسمى عيد تأسيس (دولة إسرائيل)، وهو ما يُعرف بيوم النكبة، رامية جميع الأعراف الأخلاقية والشعبية عرض الحائط.

تقاليد طارئة

وأكثر ما يُثير التساؤلات حول المشاركة والإمعان في العناد، أنّ مسابقات الجمال ليست من أبجديات الدول العربية وخصوصاً الخليجية، بل ربما يستفز تنظيمها الشارع الذي يمكن وصفه بالمحافظ، واعتبارها خارج الأعراف والتقاليد المرعية لمجتمعاتها، كما أنّها بعيدة عن مبررات الإصلاح ودفع عجلة الإقتصاد، ولن تُفيد إلا في مزيد من الإستهجان الداخلي والعربي، وهو ما يؤجج مشاعر الرفض التي ليس لها آذان صاغية على ما يبدو.

وتدور العديد من الشكوك حول المسابقة التي من (المفترض) أن تستقبل نحو 70 ملكة جمال من أنحاء العالم، وأسباب تنظيمها في منطقة خِلافية، ما يُعزّز شُبهات وجود ضغوط أمريكية وبريطانية على المُنظّمين، فضلاً عن ضغط اللوبي الصهيوني للمضي في هذا الإتجاه، والذي يبدو من الأخبار الراشحة بأنّه يمثل نوعاً من التوجه الجديد للسياسة الإسرائيلية، ومحاولتها إطلاق “بروباغاندا” إعلامية لتلميع صورتها في العالم، بعد ملحمة الشيخ جّراح وما تبعها من نبش ماضيها الأسود.. كما حاضرها.

المونديال في “إسرائيل” عام 2030

وما يؤكد هذا التوجه، هو تصريح  رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” جياني إنفانتينو، في وقت سابق، واقتراحه تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 في “إسرائيل”، التي لا تخدمها إمكاناتها المادية والللوجستية، فضلاً عن واقعها السياسي، في استقبال تظاهرة بهذا الحجم، في ما عدا التساؤلات عن موقع الكيان من الإعراب رياضياً وثقافيا، لاقتراحه إستضافة هكذا مسابقة في حال لم تُمارس ضغوط معينة على الفيفا أو مسؤولين فيها بهذا الإتجاه، وللغاية الإعلامية نفسها.

وتحاول “إسرائيل” إستعادة ما بنته في الأذهان عن كونها الدولة العصرية المظلومة من جوارها المُعادي، الذي حاولت وصمه بالإرهاب والنزعة للدماء، لتتبخر أوهام دعايتها، وتُفاجأ بأنّها كانت تدير لعبة على نفسها بعد وضوح الرأي العام العالمي وخصوصاً الأوروبي تجاهها، بوصفها (دولة) عنصرية مجرمة، تمارس أبشع أساليب القمع والتهجير والإختطاف بحقّ شعب كامل، الأمر الذي بدا جليا في الحملات الإعلامية العالمية الشعبية على وسائل التواصل الإجتماعي التي ناصرت (الشيخ جرّاح)، وأعادت تعريف العدو الإسرائيلي، وراجعت ماضي وجوده العنصري الإجرامي على أنقاض الإنسانية نفسها.

لم تحاول دول التطبيع النظر في الواقع، بل تجاهلته وكانت مساندة للغايات الإسرائيلية مجانا، ولم تُثنِها المقاطعات العالمية عن تلبية الأوامر الأمريكية، وإذلال الحفاظ على ممالكها، فحتى في جنوب إفريقيا رفضت الحكومة والشعب المشاركة، غير أّن مُنظّمي حفل إنتخابات ملكة جمال جنوب إفريقيا رفضوا الإنسحاب مع ملكتهم وقتها، ليأتيَ القرار الإسرائيلي بعدم إدخالها خوفاً من متحوّر “أوميكرون” القادم من بلادها.

التطبيل للتطبيع

منذ عام 1948، يحاول الاحتلال الإسرائيلي إختراق حصون الرفض العربية الرسمية، وهو مدرك لاستحالة إختراق حصون الرفض الشعبية، وعلى الرغم من نجاحه في توقيع إتفاقيات مع مصر والأردن في سنوات سابقة، غير أنّها لم تؤتِ ثمارها لدى الاحتلال، بل زادت من رفض وممانعة المجتمعات هناك للوجود الإسرائيلي، وكأنّ تلك المجتمعات تحاول أن تقول أنّها بريئة من هذه الإتفاقيات، بل حتى على المستوى الحكومي، فلا يزال الكيان الصهيوني هو العدو الأوحد للجيش المصري في أدبياته وتدريباته النفسية والمعنوية، على سبيل المثال لا الحصر.

ورغم مُضيّ أعوام على تلك الإتفاقيات، بقي الخجل مصاحباً لأيّ احتكاك سياسي مع العدو في تلك الدول، حتى نجحت إسرائيل _ولأسباب عجز المحللون عن فهمها أو تبريرها_ في توقيع إتفاقيات أبراهام مع كلا من الإمارات والبحرين والمغرب قبل نحو 14 شهرا، في أجواء بعيدة كلياً عن الواقع السياسي في حقبة التطبيع الأولى _على الرغم من عدم تبريرها_  فضلاً عن كونها دولاً مغمورة سياسيا، لا يعنيها عادة واقع الصراعات، في ما عدا بُعدها الجغرافي عن المواجهة، التي جعلت سقف مشاركتها تقديم حفنة من المساعدات المادية للدول التي تدفع شبابها وبُنيتها التحتية وإستقرارها، وتستنفذ إقتصادها في المواجهة، وفقاً لمحللين.

تمادت تلك الدول (دول أبراهام) في “التطبيل” للعدو الإسرائيلي، واحتفت بتلك العلاقة إلى حد تصوير الكيان الإسرائيلي وتقديمه إعلامياً بوصفه شريكاً حقيقياً ورئيسياً في مختلف المجالات، وخصوصاً دولة الإمارات التي تُعتبر عرّاب الجيل الجديد من التطبيع، حيث نُشر على وكالة أنباء الإمارات (وام) وحدها نحو 15 ألف و983 خبراً عن “إسرائيل”.

ويظهر جلياً التضارب المنهجي في تصرفات تلك الدول، وغباش رؤيتها السياسية، حيث باركت لمصر وسوريا أعيادها بمناسبة حرب تشرين التحريرية، والتي قامت لتحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي، لتعود وتبارك لـ”إسرائيل” بـ(يومها الوطني)، كما تستمر في نشر أخبار متتالية عن المشاركة الإسرائيلية في “إكسبو دبي” دون غيرها من بلدان العالم المؤثّرة إقتصاديا، والتمادي في عرض الإتفاقيات الإقتصادية، والرياضية، والأمنية، مع الجانب الإسرائيلي، في ما عدا التباهي بعدد الزوار الصهاينة الذين زاروا تلك الدول.

ومع قمع الأصوات الداخلية المُعارِضة في تلك البلدان، التي تبدو واضحة في عدم الإعلان عن عدد الزوار من تلك الدول للكيان الصهيوني، خلافاً لعدد الزوار الإسرائيليين الذين دخلوا الإمارات وحدها والذي فاق الـ150 ألف زائر، ما يُمثّل رفضاً قاطعاً من الشارع لممارسات حكوماته، وإسكات الأصوات الرافضة للإتفاق التي عمّت وسائل التواصل الإجتماعي، وترك المجال “للمُطبّلين” للعلاقة الموبوءة، والذين عُرفوا بأصحاب الرأي المأجورين للأنظمة، تستمر حملات الترويج، والتبجّح بالتقارب.

إنّ الطريقة التي تنتهجها دول التطبيع الجديد، لا تزال مجهولة الأسباب ولم تتمخّض عن نتائج سياسية أو إقتصادية، ولا تجد مبرراً عند السياسيين وغيرهم من المحللين، ما عدا محاولة الفوز بالسيطرة الموعودة على المنطقة من قبل دويلات التطبيع، التي تتنافس في ما بينها على (الزعامة)، والحظي بالرضى الأمريكي، والذي لا يُستبعد ممارسته التهديد من تحت الطاولة، بعد أن مارسه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب علانية، حين قال بوضوح أنّ تلك الدول لن تصمد أسبوعاً بدون الحماية الأمريكية، والتي تمّ تغطيسها بسُكّر المُحفزات والزعامة وغيرها هذه المرة، وفقاً لتوقعات المراقبين. 

 

 

 

 

 

 

 


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , ,