العنصرية المضادّة

التصنيفات : |
ديسمبر 15, 2021 8:51 ص

*زاهر أبو حمدة

إذا تعرّض أي كائن، يشعر ويتفاعل، إلى ظلم أو أذى بشقّيه النفسي والجسدي، فردة الفعل تكون بالمثل أو بكتم الغيظ والكثير من الصبر. وكلما برزت عنصرية ما ضد الفلسطيني في لبنان، يحار اللاجئ كيف يرد. وتنقسم ردود الفعل بين نكات غير مضحكة، ومفاخرة بأهمية الفلسطيني وتأثيره الإيجابي في لبنان، إلى خطاب عنصري مضاد. وبعيداً عن النكات والتباهي، وَجب التوقف عند “العنصرية المضادة”.

فهذه الفئة، تؤمن أنّ من يضربك لكمة أضربه عشرة لكمات متنوعة بالقوة والمكان، ولو لم تملك القدرة على فعل ذلك. هو كلام “بدون جُمرك”، لكن لديه تداعيات. معروف أنّ اللبنانيين منقسمون حول القضية الفلسطينية برُمّتها كذلك مسألة حقوق اللاجئين الإنسانية. والرد بخطاب عنصري على موقف جبران باسيل مثلا، يزيد من رصيده عند أنصاره. والأخطر في هكذا خطاب هو التعميم على جميع اللبنانيين، ما يجعل المتضامن مع الفلسطيني يراجع نفسه.

أما الطريقة المُثلى للرد على العنصرية، تتلخّص بتجاهل الشخص العنصري والتركيز على موقفه من دون “شخصنة” المسألة ونصب العداء لفريق سياسي. وبالتالي تقديم الأدلة على هذه العنصرية وشرحها وتوضيح لماذا يرفضها الفلسطيني.. والأهم ألا يتحول إلى “عنصري” مشابه.

بالمقابل، يجب توجيه الشكر للمتعاطف مع الفلسطيني وتبجيله. فالأولى تجميع الطاقة والجهد لتقدير الوزير مصطفى بيرم، والإعلاء من شأن قراره ولو كانت مفاعيله محدودة؛ وعدم الإنجرار إلى مربع باسيل وصحبه. الرد يقوم على تعريف العنصرية وكشف تداعياتها، والإصرار على مفهوم الإنسانية قبل التطرق للأمور السياسية والطائفية.

لأنّ العنصرية بكل أشكالها هي الإعتقاد بأنّ فروقاً وعناصر يتوارثها الناس ويحملونها في الطباع ثم يردّونها لانتمائهم للجماعة أو لعرق ما، بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق، وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف إجتماعياً وقانونياً.

كما يُستخدم المصطلح للإشارة إلى الممارسات العنصرية لمعاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف، وتبرير هذا التمييز باللجوء إلى التعميمات المبنية على الصور النمطية وإلى تلفيقات علمية وغير علمية.. وهي كل شعور بالتفوق أو سلوك أو ممارسة أو سياسة تقوم على الإقصاء والتهميش والتمييز بين البشر على أساس اللون أو الإنتماء القومي أو العرقي.

ويُقصد بتعبير “التمييز العنصري” أي تمييز أو إستثناء أو تقييد أو تفضيل، على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويُستهدف أو يُستتبع بتعطيل أو عرقلة الإعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في المجال السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي أو الثقافي أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة، حسب إتفاقية الأمم المتحدة الدولية عام 1965.

ووفقاً لهكذا تعريفات ومفاهيم، حاشا أن يكون الفلسطيني عنصرياً وهو أكثر من تعرّض لصنوف التمييز في الوطن والشتات. ولتكن القاعدة: إذا تعرّضتَ لعنصرية ما، لا تتحول إلى عنصري  بل حافظ على إنسانيتك.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,