موقف الفصائل الفلسطينية من “إتفاق الإطار” أبو مجاهد: المطلوب إستبدال الدعم الأمريكي المشروط بالدعم العربي والإسلامي (الجزء الثاني)

التصنيفات : |
ديسمبر 28, 2021 10:46 ص
إسماعيل السنداوي (أبو مجاهد)

ينفرد موقع “صمود” بنشر ملف خاص عن “إتفاق الإطار” الذي جرى بين الولايات المتحدة الأمريكية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، نستعرض بالعمق حيثيات القرار على ثلاثة أجزاء، تتضمن: تحليلاً سياسيا، آراء محللين وباحثين ومقابلة مع مسؤول سياسي فلسطيني.

*أعدّها الكاتب سنان حسن

رفضت الفصائل الفلسطينية “إتفاق الإطار” الذي تمّ الكشف عنه إبّان عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”. واعتبرت بأنّه يأتي في سياق تنفيذ ما يُسمّى بـ”صفقة القرن” التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، مبيّنة أنّ بنود الإتفاق المشبوه تؤكد الإنحياز الأممي للمغتصب الإسرائيلي على حساب أصحاب الحقّ والأرض.

وحول “إتفاق الإطار” وآثاره على القضية الفلسطينية، قال مُنسّق الساحة السورية في حركة الجهاد الإسلامي إسماعيل السنداوي “أبو مجاهد” رأيه بالإتفاق في حوار خاص لموقع “صمود”: 

*صمود: ورد في الإتفاق تعريف جديد للاجئين، بأنّهم من يعيشون في الملاجئ فقط، ويتمّ إستخراج بطاقات لهم، وبالتالي يُشطب من سجل وكالة “الأونروا” كل اللاجئين الموجودين في الخارج ولا يعيشون في المخيّمات. ما الهدف من وراء هذا التعريف الجديد؟.

**أبو مجاهد: تُطبّق إدارة بايدن “صفقة القرن” في تعريف اللاجئين وهي رؤية كل من بنيامين نتنياهو وجاريد كوشنير، والتي طالب بها الرئيس دونالد ترامب بإعادة تعريف “اللاجئ”. وتتلخص هذه الرؤية بالمساواة بين المستوطن اليهودي الذي هاجر إلى فلسطين بإرادته بعد تهجير الشعب الفلسطيني بالقوة، وصاحب الأرض والبيت، ولا تقبل الإدارة الأمريكية الإستمرار باتّباع تعريف الأونروا الذي يمنح صفة اللاجئ، للجيل الذي عايش النكبة وسلالته، بل حصرت تعريفها للاجئين بمن هُجّر عام ثمانية وأربعين، ولا يوجد من هذا الجيل إلا عشرات الآلاف فقط. وطرحت حل قضيتهم بالعودة لأراضي السلطة الفلسطينية (خمسة آلاف فلسطيني كل عام) أو توزيعهم على دول مجلس التعاون الإسلامي أو توطينهم في دول المهجر مقابل إغراءات اقتصادية.

*صمود: يمنع الإتفاق موظفي الأونروا من اللاجئين الفلسطينيين (موظفين ومستفيدين) من التعبير عن آرائهم السياسية، وهذا يُخالف حرية التعبير.. ما الهدف من وراء ذلك؟.

**أبو مجاهد: كان للاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية عدة محاولات لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، من التوطين في سيناء إلى إتفاقتي كامب ديفيد وأوسلو، وأخيراً إتفاقيات أبراهام التي دعمتها وسوّقتها إدارة ترامب وقادها صهره جاريد كوشنير. و”صفقة القرن” هي رؤية نتنياهو لحل القضية الفلسطينية، فنتنياهو يعتبر أنّ وكالة الأونروا هي التي حافظت على المخيّمات الفلسطينية وعلى اللاجئين الفلسطينيين وهي الشاهد الحقيقي على جرائم الاحتلال الصهيوني. وتحت ستار الحيادية للمنظمات الأجنبية، فرضت الأونروا على موظّفيها الفلسطينيين والعرب عدم التعبير عن مواقفهم وآرائهم في المناهج وورش العمل والحيادية، بهدف تخلّي الموظفين عن تاريخهم وقيمهم وتحويلهم إلى أدوات بيد الوكالة ومُشغّليها.

*صمود: يحوّل الإتفاق الوكالة إلى أداة سياسية وأمنية في يد الولايات المتحدة الأمريكية. كيف يمكن مواجهة هذا الإتفاق وبالتالي منعه من التنفيذ؟.

**أبو مجاهد: أُنشئت الأونروا عام 1949 لمدّ يد العون للاجئين، على أن يكون وجودها مؤقتاً ينتهي بإيجاد “حل عادل لقضية لاجئي فلسطين”، كما جاء في نص تعريف الوكالة. ولكن، للأسف، لم يستطع الشعب الفلسطيني والفصائل مواجهة مثل هذه الإملاءات الأمريكية، وهم بحاجة إلى دعم عربي وإسلامي، وقيام الدول العربية والإسلامية بواجبهم تجاه اللاجئين الفلسطينيين من إستبدال الدعم الأمريكي المشروط بالدعم العربي والإسلامي، لأنّ قضية المخيمات واللاجئين هي الشاهد الحي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948.

*صمود: يتضمّن إتفاق الإطار شروطاً سياسية تُلزم الأونروا بتقديم تقارير مالية وأمنية كل أربعة أشهر، للإطلاع على كل تفاصيل عمل الوكالة.. من أين تأتيها الأموال وأين تذهب، إلامَ تهدف هذه الخطوة؟

**أبو مجاهد: إنّ مطالبة الأونروا بتقديم تقارير مالية وأمنية كل ربع سنة للإطلاع على تفاصيل صرف الواردات المالية وجهات التمويل.. عملياً ليس بجديد، بل الجديد هو اعتبار أعضاء جيش التحرير والفصائل الفلسطينية “إرهابيين” ويجب ألا يستفيدوا من خدمات الوكالة، والسبب الرئيس وراء هذا التصنيف هو رفض الفصائل والقوى السياسية ولجان حقّ العودة لإتفاق الإطار المُوقّع مع الإدارة الأمريكية والأونروا، لأنّه يشترط لتقديم الدعم تنفيذ الإطار خدمة لأهداف “صفقة القرن” التي لا تعترف بحقّ الشعب الفلسطيني.

وفي السياق نفسه، فرض الاحتلال على السلطة الفلسطينية عدم دفع رواتب الأسرى والشهداء، حيث قامت “إسرائيل” بمصادرة هذه الأموال من أموال المقاصة واعتبرته تمويلاً ومكافأة للإرهاب.

*صمود: يشمل الإتفاق بند التدخل في المناهج الدراسية ضمن ما يُعرَف بمفهوم الحيادية، إذ ستُحذف الكثير من المصطلحات التي تتعلق بالتراث الإسلامي والمواضيع الوطنية وأسماء المدن المحتلة عام 1948 والآيات التي تتحدث عن الجهاد والمنافقين.. ما علاقة المناهج التربوية بالتمويل؟.

**أبو مجاهد: للأسف، بعد “إتفاق أوسلو” شُكّلت لجنة من الإتحاد الأوروبي و”إسرائيل” لمراقبة مناهج التعليم في السلطة الفلسطينية. وعندما تُقدّم “إسرائيل” شكوى تقول فيها: “إنّ المناهج تُعزّز التطرّف في المجتمع الفلسطيني، يتمّ حذف وتعديل المناهج وفق طلبات هذه اللجنة مقابل إستمرار دعم الدول الأوروبية للسلطة الفلسطينية، ولكنّ “إتفاق الإطار” يتشدّد في خلق فلسطيني جديد وفي استخدامه مصطلحات وطنية، ومرتبطة بقضيتي “اللاجئين” و”حق العودة” وأسماء المدن الفلسطينية المُحتلّة منذ عام 1948 كـ”القدس، يافا، حيفا وعكا”، فضلاً عن حظر إستخدام بعض الآيات القرآنية التي تنصّ على “الجهاد”.

كما أنّ البرلمان الأوروبي يشترط إستمرار تمويل وكالة “الأونروا” بتعديل المناهج الدراسية في مدارسها بإستخدام الكتب المدرسية التي “تُعزّز التعايش والتسامح مع “الإسرائيلي”، وتعليم السلام مع العدو بما يتماشى مع أهداف حل الدولتين.

وطالب برلمان الإتحاد الأوروبي بحذف خطاب الكراهية ومعاداة السامية والتحريض على العنف من كتب السلطة الفلسطينية والأونروا، ويلعب معهد “أفاد الإسرائيلي” دوراً في تحريض ومراقبة محتوى مناهجنا العربية كلمة كلمة.. للتّأكّد أنّ أطفالنا يتعلّمون السلام والتسامح ويضغط لنزع أي طابع سياسي مناهض للاحتلال في الكتب المدرسية ويرفع تقاريره إلى الحكومات والمانحين الدوليين”.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,