فلسطينيون لـ”صمود”: “إتفاق الإطار” مُخطّط لتعميق الإنقسام الفلسطيني وإنهاء قضية اللاجئين (الجزء الثالث)

التصنيفات : |
ديسمبر 29, 2021 11:02 ص
الدكتور محمد البحيصي

ينفرد موقع “صمود” بنشر ملف خاص عن “إتفاق الإطار” الذي جرى بين الولايات المتحدة الأمريكية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، نستعرض بالعمق حيثيات القرار على ثلاثة أجزاء، تتضمن: تحليلاً سياسيا، آراء محللين وباحثين ومقابلة مع مسؤول سياسي فلسطيني.

*أعدّها الكاتب سنان حسن

أثار “إتفاق الإطار” بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” والولايات المتحدة الأمريكية، المُتضمّن إعادة تمويل الوكالة الأممية بشروط “صهيو – أمريكية”، ردود أفعال بين الفلسطينيين في الشتات، حيث اعتبروه إستمراراً للمُخطّط الصهيوني في عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها القرار 194 القاضي بعودة الفلسطينيين إلى بلداتهم ومنازلهم التي هُجّروا منها منذ نكبة 1948.

موقع “صمود” إستطلع آراء عدد من الفلسطينيين حول “إتفاق الإطار” بين الأونروا وواشنطن:

*تخاذُل عربي

الدكتور محمد البحيصي (رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية – الإيرانية، سوريا)

في كل المحطات، كانت الولايات المتحدة الخصم الأبرز لحقوق الشعب الفلسطيني، وقد ظهر هذا جليّاً من خلال هيمنتها على قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة كونها المانح الأكبر لمنظماتها المختلفة، ولا سيّما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” التي أُنشئت على إثر نكبة فلسطين، بقرار من الجمعية العامة سنة 1949.

إنّ “إتفاق الإطار” هذا يفرض على “الأونروا” إلتزاماتٍ واشتراطاتٍ تُتيح للولايات المتحدة التدخّل في عمل “هيئة دولية” أُنشئت بالأساس لخدمة اللاجئين إلى حين عودتهم إلى مدنهم وبلداتهم التي هُجّروا منها قسرا، وعليه، هناك إجماع فلسطيني على رفض هذا الإتفاق وإدانته وإعتباره حلقة من حلقات التآمر على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، إضافة إلى كونه يتعارض مع قرار تأسيس وكالة الغوث الذي يرفض أي اشتراطاتٍ سياسية تُتيح للمُموّل التدخّل في عملها وتوجيه سياساتها، أو أن تجعل منها “مراقباً أمنياً” على موظّفيها واللاجئين.

وإنّ ما شجّع الولايات المتحدة على إتخاذ مثل هذا الموقف هو التخاذل الذي تُبديه أنظمة التطبيع والخيانة العربية، التي أعطت ظهرها للقضية الفلسطينية، وارتمت على أعتاب الولايات المتحدة والكيان الصهيوني مستجديةً علاقات محرّمة، ظنّاً منها أنّها بهذا السقوط يمكنها أن تحافظ على مناصبها ومصالحها المتناقضة مع مصالح ومبادئ شعوبها، وهذا وهم عاشه أولئك الذين خاضوا تجربة الإعتراف والتطبيع وتوقيع الإتفاقات مع العدو، ولم يحصدوا غير الخيبة والفشل والخُسران.. وسيبقى اللاجئ الفلسطيني إلى حين عودته الكريمة عنواناً وشاهداً على مأساة العصر، وسيبقى قابضاً على جمر حقوقه مشتبكاً مع العدو مهما تآمر المتآمرون.

*مشروع وطني

المهندس الفلسطيني ضرار الكوسى (الجهاد الإسلامي، سوريا): يُعتبرإتفاق الإطار بين وكالة الأونروا والخارجية الأمريكية محاولة جديدة من محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وخصوصاً قضية اللاجئين كونها الشاهد الحي على أبشع وأكبر جريمة إقتلاع لشعب من أرضه في التاريخ الحديث. واليوم، يتّضح للقاصي والداني ولمن يُراهن على أمريكا، بغض النظر عن من يترأس إدارتها “ديمقراطيين كانوا أم جمهوريين”، أنّ هذا الرهان خاسر؛ وما تقوم به الإدارة الأمريكية من خلال تسييس المال المُقدّم للوكالة؛ هو جعل هذه الوكالة أداة وذراع أمنية لها.

وعليه، يتعيّن على جميع أحرار العالم العمل على إسقاط إتفاق العار “إتفاق الإطار”؛ لكنّ الدور الحقيقي والرئيسي يقع على عاتقنا كفلسطينيين من خلال العمل على تحقيق الوحدة الفلسطينية لمواجهة كل المؤامرات التي تُحاك ضد قضيتنا، وإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس إستراتيجية شاملة وجامعة، يكون عمادها البندقية والمقاومة في وجه عدو لا يفهم سوى لغة القوة، حتى تحقيق أهدافنا في الحرية والعودة إلى فلسطين كل فلسطين.

*وجهان لعملة واحدة

المهندس الفلسطيني خالد خالد (شباب حقّ العودة، سوريا)

تأتي خطورة الإتفاقية من عدة عوامل، ولكن من المهم النظر إليها ضمن المسار التي تنتهجه الإدارة الأمريكية تجاه وكالة الأونروا، بمعنى أنّ إدارة بايدن لا تختلف عن إدارة ترامب في سعيها لإنهاء دور الوكالة وان كانت إدارة ترامب أكثر وضوحا. ولكن، ما يُطرح الآن لا يقلّ خطراً عن السابق، فالخطورة الأساسية تأتي من نقطتين إثنتين:

الأولى، إشتراط ربط المساعدات المُقدَّمة من قِبل الأونروا بمعايير مُعيّنة تضمن إبتعاد المُستحقّين عن الإنتماء لتيارات المقاومة. وبذلك، تنحرف الوكالة عن دورها الأساسي والذي ارتبط بتقديم المساعدات للمُستحقّين دون تمييز، خارج المعايير المعيشية لهم.

والثانية، إشتراط حيادية مؤسسات الأونروا والتي تعني أنّ الضحية والجلاد في مقام سواء. وبالتالي، تكمن الخطورة هنا في أنّ ٥٤% من موازنة الأونروا يذهب للقطاع التعليمي، وبالتالي فإنّ اشتراط الحيادية في المؤسسات التعليمية التابعة للأونروا يعني بأنّ جيلاً فلسطينياً سينشأ بعيداً عن الرؤية الطبيعية، والتي تُصنِّف كيان الاحتلال كمُعتدي على الأرض والشعب والتاريخ والرواية.

*رفض أمريكي 

الناشط الفلسطيني إبراهيم شقير (حزب البعث الفلسطيني، سوريا)

يجب مقاربة الموضوع من زاويتين:

أولا، إنّ “إتفاق الإطار” غير قانوني، كون الأونروا هي منظمة دولية لا تخضع لأحد وإن كانت تتلقّى دعماً مالياً من أي دولة كانت.. سواء أمريكا أو غيرها، وهو محاولة لتعميق الإنقسام بين الفلسطينيين وتفريقهم مقابل الحصول على الإعانات التي تُقدّمها الوكالة.

ثانيا، إنّ جيش التحرير الفلسطيني هو جيش نظامي وطني يشمل كل أبناء فلسطين، والهدف هو تحرير الوطن من الاحتلال الصهيوني وهو أُسِّس لهذا الهدف حصرا، وهذا حقّ طبيعي للشعب الفلسطيني لتحرير وطنه وهو لا يتلقّى أي مقابل مادي من الأونروا أو من أمريكا، وبالتالي فإنّ زَجّ اسمه في الإتفاق نابعٌ من رفض أمريكا لأي قوة تضع في أهدافها تحرير فلسطين.

*إستكمال لمشاريع سابقة

الباحث الفلسطيني خالد بدير (ألمانيا): من المعروف أنّ الولايات المتحدة عملت دائماً على إستهداف إلتزامات الأونروا تجاه اللاجئين عبر تخفيض المعونات الأمريكية للوكالة، ما ساهم في التأثير على أدائها في حقول عملها الجغرافية، في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن، وصولاً إلى مشروع سبق أن قدّمه إلى مجلس الشيوخ الأمريكي في 1/3/2007، النواب، الجمهوريان: نورم كولمان ولوت ترنت، والديمقراطيان: ريتشارد دوربن وفرانك لونتبرغ، ويتضمّن المشروع إشارة إلى وجود لاجئين فلسطينيين ولاجئين يهود في الشرق الأوسط، وهم متساوون في الحقوق، ما يعني أنّ الحل هو في توطين يهود الدول العربية في “إسرائيل”، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، ويطالب المشروع بإعتبار مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بديلاً من وكالة الأونروا التي يجب إلغاؤها.

ويمكن القول، إنّ المسألة، وإن كانت إستهداف وكالة الغوث ودورها، لكنّها أيضا، في المضمون إستهداف لقضية فلسطين برُمّتها، وتصفيتها، واستهداف للأُسر الفلسطينية من باب عدم تقديم الخدمات للمُنتمين إلى جيش التحرير الفلسطيني والفصائل الفلسطينية، وفي هذا مدلول إضافي يجعل من وكالة الغوث، إن طُبِّق الإتفاق، أداةً إستخبارية في وجه المجتمع الفلسطيني، وتفاصيل حياة الأسرة الفلسطينية وانتماءات أبنائها. نعم.. بهذا المعنى، المستهدف كل المجتمع الفلسطيني.

*إنسلاخهم عن بيئتهم وقضيتهم

الدكتور بسّام عليّان (باحث وكاتب سياسي فلسطيني، سوريا):

إنّ “إتفاق الإطار” باطل قانونيا، يهدف إلى تصفية الوكالة ودفعها باتجاه تحويلها إلى وكيل أمني يعمل لدى وزارة الخارجية الأمريكية. ويجعلها أسيرة للمواقف، ويضعها تحت ضغطٍ دائمٍ خوفاً من إمكانية قطع التمويل الأمريكي من جديد، وجعلها تتساوق مع الرغبات الإسرائيلية – الصهيونية.

كما أنّه، بموجب هذا الإتفاق، فإنّ على الأونروا أن تلتزم بعدم تدخُّل موظّفي الوكالة والمنتفعين من خدماتها، في الملفات السياسية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وأن يتمَّ ملاحقة هؤلاء الموظّفين والمنتفعين حسب انتماءاتهم الوطنية، أي ما يعني تفريغ الروح الوطنية عند الفلسطينيين؛ فقيام الولايات المتحدة بالإشتراط على الأونروا أن يمتنعَ موظّفوها أو المنتفعون منها عن المشاركة في أية فعالية وطنية أو الإنخراط بجيش التحرير الفلسطيني أو الفصائل الفلسطينية؛ يعني أنّ على الفلسطيني الإلتزام بمبدأ الحياد، مما يعني إنسلاخ الفلسطيني عن جغرافيته وتاريخه ووضعه ووطنه، وألا يكون له أية صلة بهويته الوطنية الفلسطينية، حتى يكون تحت طائلة المسؤولية وإحتمالية المُحاسبة والفصل من وظيفته.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,