فلسطين بين عامين: بانوراما الصراع والمقاومة هي الخيار الوحيد

التصنيفات : |
ديسمبر 30, 2021 8:27 ص

*قاسم قصير

ينتهي العام 2021 وقد شهد تطورات مهمة في نضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، في ما يدخل العام 2022 في ظل متغيرات إقليمية ودولية قد يكون لها إنعكاسات إستراتيجية على مستقبل الصراع مع العدو الصهيوني ومستقبل القضية الفلسطينية.

فما هي أبرز تطورات العام المنصرم؟ والى أين تتّجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟

لقد شكّلت معركة سيف القدس في العام المنصرم، أهم تطور إستراتيجي في نضال الشعب الفلسطيني خلال السنوات الأخيرة، بحيث دخلت صواريخ المقاومة في قطاع غزة في أية معادلة لمواجهة الإستيطان الصهيوني ومستقبل القدس، كما كان لمشاركة فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 في مواجهة الصهاينة، تطوراً مهماً قد يكون له إنعكاسات مستقبلية في الصراع مع العدو الصهيوني.

أما عملية فرار الأسرى الستة من سجن جلبوع، فقد كانت لها أبعاد معنوية وأمنية كبيرة رغم نجاح العدو بإعادة أسرهم ومحاكمتهم مجددا، وقد أضحت قضية الأسرى والأسيرات قضية فلسطينية وعربية ودولية.

وأما التطور الكبير والمميز، فهو سلسلة عمليات المقاومة في القدس وأراضي الضفة الغربية، مما وضع الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية أمام تحديات جديدة من أجل منع إندلاع إنتفاضة شعبية كبيرة.

في مواجهة المؤشرات الإيجابية في الصراع مع العدو الصهيوني، برز التطور الخطير المُعادي للنضال والمواجهة وهو يتمثل بعمليات التطبيع التي تمارسها بعض الدول العربية والإسلامية مع هذا العدو تحت عناوين مختلفة: إقتصادية، رياضية، ثقافية، إعلامية، سياسية وأمنية، وإن كان المشروع الأخطر هو ما يُسمّى بـ”الديانة الإبراهيمية” أو “إتفاقات أبراهام”، والتي بدأها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ويستمر بدعمها ورعايتها الرئيس الحالي جو بايدن، وإن كانت صفقة القرن قد تراجعت نسبياً ودخلنا في مرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، ربما تختلف بحدود معينة عن العلاقات خلال العقود الماضية، وهذا الموضوع يحتاج لدراسات وأبعاد تفصيلية.

لكن كيف ستكون آفاق الصراع مع العدو الصهيوني في العام 2022؟

رغم كل الظروف الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في القدس والضفة الغربية أو في الأراضي المحتلة عام 1948، فقد أثبت هذا الشعب قدرته على تطوير أدوات الصراع وإمتلاك قدرات جديدة، خصوصاً من قِبل قوى المقاومة، التي نجحت في فرض معادلات جديدة على الجيش الإسرائيلي وفي المعارك الكبرى.

أما العنصر الهام الذي دخل في الصراع، فهو ربط هذا الصراع بالحرب الإقليمية الكبرى. وهو المشروع الذي طُرح بعد إنتهاء معركة سيف القدس وقد تداولته بعض قوى المقاومة في المنطقة، وقد عُقدت لقاءات عديدة لخبراء وباحثين من محور المقاومة لدراسة كيفية تفعيل هذا الشعار ووضعه في الإطار العملي لأية مواجهة مستقبلية بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني. من جهتهم، أصبح الخبراء الصهاينة ومراكز الدراسات المتخصصة داخل الكيان الصهيوني ينظرون بجدية للتهديدات التي يواجهها الكيان من كل قوى ودول محور المقاومة، ومعظم الخطط والسيناريوهات التي يضعها الجيش الإسرائيلي لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها الكيان الصهيوني، تأخذ بالإعتبار إمكانية تحوّل الصراع في أي وقت إلى صراع مفتوح وشامل وعدم إقتصاره على جبهة واحدة.

نحن إذن، أمام تطورات جديدة ومهمة في العام المقبل، ومنها تراجع الدور الأمريكي في المنطقة وتصاعد دور قوى دولية وإقليمية جديدة وإمتلاك قوى المقاومة قدرات وإمكانيات لم تكن متوفرة، مما سيجعل أية معركة مُقبلة مُكلفة جداً على العدو، وبالمقابل فإن مخاطر التطبيع بين بعض الدول العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني ستظل قائمة، إضافة لمشكلة الإنقسام الداخلي في الساحة الفلسطينية وإستمرار التنسيق الأمني بين الأجهوة الأمنية الفلسطينية الرسمية والكيان الصهيوني، وكل ذلك يُشكّل عائقاً جديداً أمام تطوير عمليات المقاومة في الضفة الغربية.

لكن، تبقى المقاومة بكافة أشكالها هي القوة الحاسمة في مستقبل هذا الصراع، وتبقى الكلمة الأولى والأخيرة للشعب الفلسطيني وقدرته على الصمود والمواجهة، مما سيؤدي إلى متغيرات إستراتيجية في هذا الصراع التاريخي والحضاري والعسكري والثقافي.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,